كَمَا يَدْفَعُ قَاذِفُ امْرَأَتِهِ الْحَدَّ عَنْ نَفْسِهِ وَيَنْفِي بِهَا الْوَلَدَ وَكَمَا يَدْفَعُ بِهَا الْحَقَّ عَنْ نَفْسِهِ وَالْحَدَّ وَغَيْرَهُ وَفِيمَا يَأْخُذُ بِهَا الرَّجُلُ مَعَ شَاهِدٍ وَيَدَّعِي الْمَالَ فَيَنْكُلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَتُرَدُّ عَلَيْهِ الْيَمِينُ فَيَأْخُذُ بِيَمِينِهِ وَنُكُولُ صَاحِبِهِ مَا ادَّعَى عَلَيْهِ لَا أَنَّ الرَّجُلَ يَحْلِفُ فَيَبْرَأُ غَيْرُهُ وَلَا يَحْلِفُ فَيَمْلِكُ غَيْرُهُ بِيَمِينِهِ شَيْئًا فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ فِي الْحَدِيثِ بَيَانٌ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى بِهَا لِغَيْرِ وَارِثٍ وَيَسْتَحِقُّ بِهَا الْوَارِثُ لَمْ يَجُزْ فِيهَا - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - إلَّا أَنْ تَكُونَ فِي مَعَانِي مَا حَكَمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ مِنْ الْأَيْمَانِ، ثُمَّ رَسُولُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ الْمُسْلِمُونَ مِنْ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ أَحَدٌ بِيَمِينِ غَيْرِهِ شَيْئًا.
بَيَانُ مَا يُحْلِفُ عَلَيْهِ الْقَسَامَةَ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَيَنْبَغِي لِلْحَاكِمِ أَنْ يَسْأَلَ مَنْ وَجَبَتْ لَهُ الْقَسَامَةُ مَنْ صَاحِبُكَ؟ فَإِذَا قَالَ: فُلَانٌ، قَالَ: فُلَانٌ وَحْدَهُ؟ فَإِنْ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: عَمْدًا أَوْ خَطَأً؟ فَإِنْ قَالَ عَمْدًا سَأَلَهُ مَا الْعَمْدُ؟ فَإِنْ وَصَفَ مَا يَجِبُ بِمِثْلِهِ قِصَاصٌ لَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ أَحْلَفَهُ عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ وَصَفَ مِنْ الْعَمْدِ مَا لَا يَجِبُ فِيهِ قِصَاصٌ وَإِنَّمَا يَكُونُ فِيهِ الْعَقْلُ أَحْلَفَهُ عَلَى ذَلِكَ بَعْدَ إثْبَاتِهِ وَإِنْ قَالَ قَتَلَهُ فُلَانٌ وَنَفَرٌ مَعَهُ لَمْ يُحْلِفْهُ حَتَّى يُسَمِّيَ النَّفَرَ فَإِنْ قَالَ لَا أَعْرِفُهُمْ وَأَنَا أَحْلِفُ عَلَى هَذَا أَنَّهُ فِيمَنْ قَتَلَهُ لَمْ يُحْلِفْهُ حَتَّى يُسَمِّيَ عَدَدَ النَّفَرِ مَعَهُ فَإِنْ كَانُوا ثَلَاثَةً أَحْلَفَهُ عَلَى الَّذِي أَثْبَتَهُ وَكَانَ لَهُ عَلَيْهِ ثُلُثُ الدِّيَةِ أَوْ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَإِنْ كَانُوا أَرْبَعَةً فَرُبُعُهَا وَإِنْ لَمْ يُثْبِتْ عَدَدَهُمْ لَمْ يَحْلِفْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي كَمْ يَلْزَمُ هَذَا الَّذِي يَثْبُتُ وَلَا عَاقِلَتُهُ مِنْ الدِّيَةِ لَوْ حَلَفَ عَلَيْهِ وَلَوْ عَجَّلَ الْحَاكِمُ فَأَحْلَفَهُ قَبْلَ أَنْ يَسْأَلَهُ عَنْ هَذَا كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ عَلَيْهِ الْيَمِينَ إذَا أَثْبَتَ كَمْ عَدَدُ مَنْ قَتَلَ مَعَهُ وَلَوْ عَجَّلَ الْحَاكِمُ فَأَحْلَفَهُ لِقَتْلِ فُلَانٍ فُلَانًا وَلَمْ يَقُلْ عَمْدًا وَلَا خَطَأً أَعَادَ عَلَيْهِ عَدَدَ مَا يَلْزَمُهُ مِنْ الْأَيْمَانِ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الدِّيَةِ فِي الْعَمْدِ أَنَّهَا فِي مَالِهِ وَفِي الْخَطَأِ أَنَّهَا عَلَى عَاقِلَتِهِ وَلَوْ عَجَّلَ فَأَحْلَفَهُ لِقَتْلِهِ مَعَ غَيْرِهِ عَمْدًا وَلَمْ يَقُلْ قَتَلَهُ وَحْدَهُ أَعَادَ عَلَيْهِ الْيَمِينَ لِقَتْلِهِ وَحْدَهُ وَلَوْ عَجَّلَ فَأَحْلَفَهُ لِقَتْلِهِ مَعَ غَيْرِهِ وَلَمْ يُسَمِّ عَدَدَ الَّذِينَ قَتَلُوهُ مَعَهُ أَعَادَ عَلَيْهِ الْأَيْمَانَ إذَا عَرَفَ الْعَدَدَ وَلَوْ أَحْلَفَهُ لِقَتْلِهِ وَثَلَاثَةٍ مَعَهُ لَمْ يُسَمِّهِمْ قَضَى عَلَيْهِ بِرُبُعِ الدِّيَةِ أَوْ عَلَى عَاقِلَتِهِ فَإِنْ جَاءَ بِوَاحِدٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ فَقَالَ قَدْ أَثْبَتَ هَذَا أَحْلَفَهُ أَيْضًا عَلَيْهِ عِدَّةَ مَا يَلْزَمُهُ مِنْ الْأَيْمَانِ فَإِنْ كَانَ هَذَا الْوَارِثُ وَحْدَهُ أَحْلَفَهُ خَمْسِينَ يَمِينًا لِقَتْلِهِ مَعَ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ فَإِنْ كَانَ يَرِثُ النِّصْفَ فَنِصْفُ الْأَيْمَانِ وَلَمْ تُعَدَّ عَلَيْهِ الْأَيْمَانُ الْأُولَى، ثُمَّ كُلَّمَا أَثْبَتَ وَاحِدًا مَعَهُ أَعَادَ عَلَيْهِ مَا يَلْزَمُهُ مِنْ الْأَيْمَانِ كَمَا يَبْتَدِئُ اسْتِحْلَافَهُ عَلَى وَاحِدٍ لَوْ كَانَتْ دَعْوَاهُ عَلَيْهِ مُنْفَرِدَةً وَإِنْ كَانَ لَهُ وَارِثَانِ فَأَغْفَلَ الْحَاكِمُ بَعْضَ مَا وَصَفْت أَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يُحْلِفَهُ عَلَيْهِ أَوْ أَحْلَفَهُ مُغْفِلًا خَمْسِينَ يَمِينًا، ثُمَّ جَاءَ الْوَارِثُ الْآخَرُ فَحَلَفَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ يَمِينًا أَعَادَ عَلَى الْأَوَّلِ خَمْسًا وَعِشْرِينَ يَمِينًا؛ لِأَنَّهُ هِيَ الَّتِي تَلْزَمُهُ مَعَ الْوَارِثِ مَعَهُ وَإِنَّمَا أَحْلَفَهُ أَوَّلًا خَمْسِينَ يَمِينًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ نَصِيبَهُ مِنْ الدِّيَةِ إلَّا بِهَا إذَا لَمْ تَتِمَّ أَيْمَانُ الْوَرَثَةِ مَعَهُ خَمْسِينَ يَمِينًا. .
عَدَدُ الْأَيْمَانِ عَلَى كُلِّ حَالِفٍ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَلَا يَجِبُ عَلَى أَحَدٍ حَقٌّ فِي الْقَسَامَةِ حَتَّى تَكْمُلَ أَيْمَانُ الْوَرَثَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute