أَهْلِ الْكِتَابِ: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ} فَحَقَنَ اللَّهُ دِمَاءَ مَنْ لَمْ يَدِنْ دِينَ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ الْمُشْرِكِينَ بِالْإِيمَانِ لَا غَيْرِهِ وَحَقَنَ دِمَاءَ مَنْ دَانَ دِينَ أَهْلِ الْكِتَابِ بِالْإِيمَانِ أَوْ إعْطَاءِ الْجِزْيَةِ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ وَالصَّغَارُ أَنْ يَجْرِيَ عَلَيْهِمْ الْحُكْمُ لَا أَعْرِفُ مِنْهُمْ خَارِجًا مِنْ هَذَا مِنْ الرِّجَالِ «وَقَتَلَ يَوْمَ حُنَيْنٍ دُرَيْدُ بْنُ الصِّمَّةِ ابْنَ مِائَةٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً فِي شِجَارٍ لَا يَسْتَطِيعُ الْجُلُوسَ فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمْ يُنْكِرْ قَتْلَهُ» وَلَا أَعْرِفُ فِي الرُّهْبَانِ خِلَافٌ أَنْ يُسْلِمُوا أَوْ يُؤَدُّوا الْجِزْيَةَ أَوْ يُقْتَلُوا وَرُهْبَانُ الدِّيَارَاتِ وَالصَّوَامِعِ وَالْمَسَاكِنِ سَوَاءٌ وَلَا أَعْرِفُ مَا يُثْبِتُ عَنْ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - خِلَافَ هَذَا وَلَوْ كَانَ يَثْبُتُ لَكَانَ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ أَمَرَهُمْ بِالْجَدِّ عَلَى قِتَالِ مَنْ يُقَاتِلُهُمْ وَأَنْ لَا يَتَشَاغَلُوا بِالْمُقَامِ عَلَى صَوَامِعِ هَؤُلَاءِ كَمَا يُؤْمَرُونَ أَنْ لَا يُقِيمُوا عَلَى الْحُصُونِ وَأَنْ يَسِيحُوا لِأَنَّهَا تَشْغَلُهُمْ وَأَنْ يَسِيحُوا لِأَنَّ ذَلِكَ أَنْكَى لِلْعَدُوِّ وَلَيْسَ أَنَّ قِتَالَ أَهْلِ الْحُصُونِ مُحَرَّمٌ عَلَيْهِمْ وَذَلِكَ أَنَّ مُبَاحًا لَهُمْ أَنْ يُتْرَكُوا وَلَا يُقْتَلُوا كَانَ التَّشَاغُلُ بِقِتَالِ مَنْ يُقَاتِلُهُمْ أَوْلَى بِهِمْ وَكَمَا يُرْوَى عَنْهُ أَنَّهُ نَهَى عَنْ قَطْعِ الشَّجَرِ الْمُثْمِرِ وَلَعَلَّهُ لَا يَرَى بَأْسًا بِقَطْعِ الشَّجَرِ الْمُثْمِرِ لِأَنَّهُ قَدْ حَضَرَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْطَعُ الشَّجَرَ الْمُثْمِرَ عَلَى بَنِي النَّضِيرِ وَأَهْلِ خَيْبَرَ وَالطَّائِفِ وَحَضَرَهُ يَتْرُكُ وَعَلِمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ وَعَدَ بِفَتْحِ الشَّامِ فَأَمَرَهُمْ بِتَرْكِ قَطْعِهِ لِتَبْقَى لَهُمْ مَنْفَعَتُهُ إذْ كَانَ وَاسِعًا لَهُمْ تَرْكُ قَطْعِهِ وَتُسْبَى نِسَاءُ الدِّيَارَاتِ وَصِبْيَانِهِمْ وَتُؤْخَذُ أَمْوَالُهُمْ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَيُقْتَلُ الْفَلَّاحُونَ وَالْأُجَرَاءُ وَالشُّيُوخُ الْكِبَارُ حَتَّى يُسْلِمُوا أَوْ يُؤَدُّوا الْجِزْيَةَ. .
الْمُسْلِمُ أَوْ الْحَرْبِيُّ يَدْفَعُ إلَيْهِ الْحَرْبِيُّ مَالًا وَدِيعَةً
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: وَأَمْوَالُ أَهْلِ الْحَرْبِ مَالَانِ: فَمَالٌ يُغْصَبُونَ عَلَيْهِ وَيُتَمَوَّلُ عَلَيْهِمْ فَسَوَاءٌ مَنْ غَصَبَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ حَرْبِيٍّ مِنْهُمْ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ وَإِذَا أَسْلَمُوا مَعًا أَوْ بَعْضُهُمْ قَبْلَ بَعْضٍ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْغَاصِبِ لَهُمْ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِمْ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا لِأَنَّ أَمْوَالَهُمْ كَانَتْ مُبَاحَةً غَيْرَ مَمْنُوعَةٍ بِإِسْلَامِهِمْ وَلَا ذِمَّتِهِمْ وَلَا أَمَانَ لَهُمْ وَلَا لِأَمْوَالِهِمْ مِنْ خَاصٍّ وَلَا عَامٍّ، وَمَالٌ لَهُ أَمَانٌ وَمَا كَانَ مِنْ الْمَالِ لَهُ أَمَانٌ فَلَيْسَ لِلَّذِي أَمَّنَ صَاحِبَهُ عَلَيْهِ أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْهُ بِحَالٍ وَعَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُ فَلَوْ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ أَوْدَعَ مُسْلِمًا أَوْ حَرْبِيًّا فِي دَارِ الْحَرْبِ أَوْ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ وَدِيعَةً وَأَبْضَعَ مِنْهُ بِضَاعَةً فَخَرَجَ الْمُسْلِمُ مِنْ بِلَادِ الْحَرْبِ إلَى بِلَادِ الْإِسْلَامِ أَوْ الْحَرْبِيُّ فَأَسْلَمَ كَانَ عَلَيْهِمَا مَعًا أَنْ يُؤَدِّيَا إلَى الْحَرْبِيِّ مَالَهُ كَمَا يَكُونُ عَلَيْنَا لَوْ أَمَّنَّاهُ عَلَى مَالِهِ أَنْ لَا نَعْرِضَ لِمَالِهِ الْوَدِيعَةُ إذَا أُودِعْنَا أَوْ أُبْضِعَ مَعَنَا فَذَلِكَ أَمَانٌ مِنْهُ لَنَا وَمِثْلُ أَمَانِهِ عَلَى مَالِهِ أَوْ أَكْثَرُ وَهَكَذَا الدَّيْنُ.
فِي الْأَمَةِ يَسْبِيهَا الْعَدُوُّ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): فِي الْأَمَةِ لِلْمُسْلِمِ يَسْبِيهَا الْعَدُوُّ فَيَطَؤُهَا رَجُلٌ مِنْهُمْ فَتَلِدُ لَهُ أَوْلَادًا وَيُولَدُ لِأَوْلَادِهَا أَوْلَادٌ فيتناتجون ثُمَّ يَظْهَرُ عَلَيْهِمْ الْمُسْلِمُونَ فَإِنَّهُ يَأْخُذُهَا سَيِّدُهَا وَأَوْلَادَهَا الَّذِينَ وَلَدَتْهُمْ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute