وَلِيُّ الْمَرْأَةِ قَدْ أَجَزْت لِأَنِّي لَا أَدْرِي مَا بَدَا لَهُ إنْ كَانَ إذَا زَوَّجَ لَمْ يَثْبُتْ النِّكَاحُ إلَّا بِإِحْدَاثِ الْمُنْكِحِ قَبُولًا لِلنِّكَاحِ ثُمَّ احْتَجْت إلَى أَنْ أَرُدَّ الْقَوْلَ عَلَى الزَّوْجِ ثُمَّ هَكَذَا عَلَى وَلِيِّ الْمَرْأَةِ فَلَا يَجُوزُ بِهَذَا الْمَعْنَى نِكَاحٌ أَبَدًا، وَلَا يَجُوزُ إلَّا بِمَا وَصَفْت مِنْ أَنْ يَلِيَ عَلَيْهِمَا وَاحِدٌ بِوَكَالَتِهِمَا. وَلَكِنْ لَوْ بَدَأَ وَلِيُّ الْمَرْأَةِ فَقَالَ لِرَجُلٍ قَدْ زَوَّجْتُك ابْنَتِي لَمْ يَكُنْ نِكَاحًا حَتَّى يَقُولَ الرَّجُلُ قَدْ قَبِلْت لِأَنَّ هَذَا ابْتِدَاءُ كَلَامٍ لَيْسَ جَوَابَ مُخَاطَبَةٍ وَإِنْ خَطَبَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ فَلَمْ يُجِبْهُ الْأَبُ حَتَّى يَقُولَ الْخَاطِبُ قَدْ رَجَعْت فِي الْخُطْبَةِ فَزَوَّجَهُ الْأَبُ بَعْدَ رُجُوعِهِ كَانَ النِّكَاحُ مَفْسُوخًا لِأَنَّهُ زَوَّجَ غَيْرَ خَاطِبٍ إلَّا أَنْ يَقُولَ بَعْدَ تَزْوِيجِ الْأَبِ قَدْ قَبِلْت، وَلَوْ خَطَبَ رَجُلٌ إلَى رَجُلٍ فَلَمْ يُجِبْهُ الرَّجُلُ حَتَّى غُلِبَ عَلَى عَقْلِهِ ثُمَّ زَوَّجَهُ لَمْ يَكُنْ هَذَا نِكَاحًا لِأَنَّهُ عُقْدَةُ مَنْ قَدْ بَطَلَ كَلَامُهُ وَمَنْ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ وَلِيًّا وَهَكَذَا لَوْ كَانَ الْخَاطِبُ الْمَغْلُوبُ عَلَى عَقْلِهِ بَعْدَ أَنْ يَخْطُبَ وَقَبْلَ أَنْ يُزَوِّجَ وَلَكِنْ لَوْ عَقَدَ عَلَيْهِ ثُمَّ غَلَبَ عَلَى عَقْلِهِ كَانَ النِّكَاحُ جَائِزًا إذَا عَقَدَ وَمَعَهُ عَقْلُهُ وَلَوْ كَانَ هَذَا فِي امْرَأَةٍ أَذِنَتْ فِي أَنْ تَنْكِحَ فَلَمْ تَنْكِحَ حَتَّى غُلِبَتْ عَلَى عَقْلِهَا ثُمَّ أَنُكِحَتْ بَعْدَ الْغَلَبَةِ عَلَى عَقْلِهَا كَانَ النِّكَاحُ مَفْسُوخًا لِأَنَّهُ لَمْ يَلْزَمْهَا شَيْءٌ مِنْ النِّكَاحِ حَتَّى غُلِبَ عَلَى عَقْلِهَا فَبَطَلَ إذْنُهَا وَهَذَا كَمَا قُلْنَا فِي الْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا، قَالَ وَلَوْ زُوِّجَتْ قَبْلَ أَنْ تُغْلَبَ عَلَى عَقْلِهَا ثُمَّ غُلِبَتْ بَعْدَ التَّزْوِيجِ عَلَى عَقْلِهَا لَزِمَهَا النِّكَاحُ.
وَلَوْ قَالَ الرَّجُلُ لِأَبِي الْمَرْأَةِ أَتُزَوِّجُنِي فُلَانَةَ؟ فَقَالَ قَدْ زَوَّجْتُكَهَا لَمْ يَثْبُتُ النِّكَاحُ حَتَّى يَقْبَلَ الْمُزَوَّجُ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ خِطْبَةً وَهَذَا اسْتِفْهَامٌ، وَإِذَا خَطَبَهَا عَلَى نَفْسِهِ وَلَمْ يُسَمِّ صَدَاقًا فَزَوَّجَهُ فَالنِّكَاحُ ثَابِتٌ، وَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا. وَلَوْ سَمَّى صَدَاقًا فَزَوَّجَهُ بِإِذْنِهَا كَانَ الصَّدَاقُ لَهُ وَلَهَا لَازِمًا. .
مَا يَحْرُمُ مِنْ النِّسَاءِ بِالْقَرَابَةِ
أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ} الْآيَةُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَالْأُمَّهَاتُ أُمُّ الرَّجُلِ الْوَالِدَةُ وَأُمَّهَاتُهَا وَأُمَّهَاتُ آبَائِهِ وَإِنْ بَعُدَتْ الْجَدَّاتُ لِأَنَّهُنَّ يَلْزَمُهُنَّ اسْمُ الْأُمَّهَاتِ وَالْبَنَاتُ بَنَاتُ الرَّجُلِ لِصُلْبِهِ وَبَنَاتُ بَنِيهِ وَبَنَاتُهُنَّ وَإِنْ سَفُلْنَ فَكُلُّهُنَّ يَلْزَمُهُنَّ اسْمُ الْبَنَاتِ كَمَا لَزِمَ الْجَدَّاتِ اسْمُ الْأُمَّهَاتِ وَإِنْ عَلَوْنَ وَتَبَاعَدْنَ مِنْهُ وَكَذَلِكَ وَلَدُ الْوَلَدِ وَإِنْ سَفَلُوا وَالْأَخَوَاتُ مِنْ وَلَدِ أَبِيهِ لِصُلْبِهِ أَوْ أُمِّهِ نَفْسِهَا وَعَمَّاتِهِ مِنْ وَلَدِ جَدِّهِ الْأَدْنَى أَوْ الْأَقْصَى وَمَنْ فَوْقَهُمَا مِنْ أَجْدَادِهِ وَخَالَاتِهِ مِنْ وَالِدَتِهِ أُمِّ أُمِّهِ وَأُمِّهَا وَمَنْ فَوْقَهُمَا مِنْ جَدَّاتِهِ مِنْ قَبْلِهَا وَبَنَاتُ الْأَخِ كُلُّ مَا وَلَدَ الْأَخُ لِأَبِيهِ أَوْ لِأُمِّهِ أَوْ لَهُمَا مِنْ وَلَدٍ وَلَدَتْهُ وَالِدَتُهُ فَكُلُّهُمْ بَنُو أَخِيهِ وَإِنْ تَسَفَّلُوا وَهَكَذَا بَنَاتُ الْأُخْتِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَحَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى الْأُخْتَ مِنْ الرَّضَاعَةِ فَاحْتَمَلَ تَحْرِيمُهَا مَعْنَيَيْنِ أَحَدُهُمَا إذْ ذَكَرَ اللَّهُ تَحْرِيمَ الْأُمِّ وَالْأُخْتِ مِنْ الرَّضَاعَةِ فَأَقَامَهُمَا فِي التَّحْرِيمِ مُقَامَ الْأُمِّ وَالْأُخْتِ مِنْ النَّسَبِ أَنْ تَكُونَ الرَّضَاعَةُ كُلُّهَا تَقُومُ مَقَامَ النَّسَبِ فَمَا حَرُمَ بِالنَّسَبِ حَرُمَ بِالرَّضَاعِ مِثْلِهِ وَبِهَذَا نَقُولُ بِدَلَالَةِ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْقِيَاسُ عَلَى الْقُرْآنِ وَالْآخَرُ أَنْ يَحْرُمَ مِنْ الرَّضَاعِ الْأُمُّ وَالْأُخْتُ وَلَا يَحْرُمُ سُوَاهُمَا (قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ فَأَيْنَ دَلَالَةُ السُّنَّةِ بِأَنَّ الرَّضَاعَةَ تَقُومُ مَقَامَ النَّسَبِ؟ قِيلَ لَهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ الْوِلَادَةِ» أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ «عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخْبَرَتْهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute