الْقَسْمُ لِلنِّسَاءِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} وَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا} الْآيَةُ فَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالتَّفْسِيرِ لَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ بِمَا فِي الْقُلُوبِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَعَلَا تَجَاوَزَ لِلْعِبَادِ عَمَّا فِي الْقُلُوبِ فَلَا تَمِيلُوا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَكُمْ كُلَّ الْمَيْلِ بِالْفِعْلِ مَعَ الْهَوَى وَهَذَا يُشْبِهُ مَا قَالَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَدَلَّتْ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَا عَلَيْهِ عَوَامُّ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّ عَلَى الرَّجُلِ أَنْ يَقْسِمَ لِنِسَائِهِ بِعَدَدِ الْأَيَّامِ وَاللَّيَالِي وَأَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَعْدِلَ فِي ذَلِكَ لَا أَنَّهُ مُرَخَّصٌ لَهُ أَنْ يُجَوِّزَ فِيهِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا أُرِيدَ بِهِ مَا فِي الْقُلُوبِ مِمَّا قَدْ تَجَاوَزَ اللَّهُ لِلْعِبَادِ عَنْهُ فَمَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْ الْمَيْلِ عَلَى النِّسَاءِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَالْحَرَائِرُ الْمُسْلِمَاتُ وَالذِّمِّيَّاتُ إذَا اجْتَمَعْنَ عِنْدَ الرَّجُلِ فِي الْقَسْمِ سَوَاءٌ وَالْقَسْمُ هُوَ اللَّيْلُ يَبِيتُ عِنْدَ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ لَيْلَتَهَا وَنُحِبُّ لَوْ أَوَى عِنْدَهَا نَهَارَهُ فَإِنْ كَانَتْ عِنْدَهُ أَمَةٌ مَعَ حُرَّةٍ قَسَمَ لِلْحُرَّةِ لَيْلَتَيْنِ وَلِلْأَمَةِ لَيْلَةً قَالَ وَإِنْ هَرَبَتْ مِنْهُ حُرَّةٌ أَوْ أَغْلَقَتْ دُونَهُ أَمَةٌ أَوْ حَبَسَ الْأَمَةَ أَهْلُهَا سَقَطَ حَقُّهَا مِنْ الْقَسْمِ حَتَّى تَعُودَ الْحُرَّةُ إلَى طَاعَةِ اللَّهِ فِي الرُّجُوعِ عَنْ الْهَرَبِ وَالْأَمَةُ لِأَنَّ امْتِنَاعَهُمَا مِمَّا يَجِبُ عَلَيْهِمَا فِي هَذِهِ الْحَالِ قَطْعُ حَقِّ أَنْفُسِهِمَا وَيَبِيتُ عِنْدَ الْمَرِيضَةِ الَّتِي لَا جِمَاعَ فِيهَا وَالْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ لِأَنَّ مَبِيتَهُ سَكَنُ إلْفٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ جِمَاعٌ أَوْ أَمْرٌ تُحِبُّهُ الْمَرْأَةُ وَتَرَى الْغَضَاضَةَ عَلَيْهَا فِي تَرْكِهِ.
أَخْبَرَنَا مُسْلِمٌ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قُبِضَ عَنْ تِسْعِ نِسْوَةٍ وَكَانَ يَقْسِمُ مِنْهُنَّ لِثَمَانٍ» (قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ -: التَّاسِعَةُ الَّتِي لَمْ يَكُنْ يَقْسِمُ لَهَا سَوْدَةُ وَهَبَتْ يَوْمَهَا لِعَائِشَةَ. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ سَوْدَةَ وَهَبَتْ يَوْمَهَا لِعَائِشَةَ.
الْحَالُ الَّتِي يَخْتَلِفُ فِيهَا حَالُ النِّسَاءِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا نَكَحَ الرَّجُلُ امْرَأَةً فَبَنَى بِهَا فَحَالُهَا غَيْرُ حَالِ مَنْ عِنْدَهُ فَإِنْ كَانَتْ بِكْرًا كَانَ لَهُ أَنْ يُقِيمَ عِنْدَهَا سَبْعَةَ أَيَّامٍ وَإِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا كَانَ لَهُ أَنْ يُقِيمَ عِنْدَهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهنَّ ثُمَّ يَبْتَدِئَ الْقِسْمَةَ لِنِسَائِهِ فَتَكُونَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ بَعْدَ مُضِيِّ أَيَّامِهَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يُفَضِّلَهَا عَلَيْهِنَّ. أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ تَزَوَّجَ أُمَّ سَلَمَةَ فَأَصْبَحَتْ عِنْدَهُ قَالَ لَهَا لَيْسَ بِكِ عَلَى أَهْلِك هَوَانٌ إنْ شِئْت سَبَّعْت عِنْدَك وَسَبَّعْت عِنْدَهُنَّ وَإِنْ شِئْت ثَلَّثْت عِنْدَك وَدُرْت قَالَتْ ثَلِّثْ» أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي الرُّوَّادِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ «عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَطَبَهَا فَسَاقَ نِكَاحَهَا وَبِنَاءَهُ بِهَا وَقَوْلَهُ لَهَا إنْ شِئْت سَبَّعْت عِنْدَك وَسَبَّعْت عِنْدَهُنَّ» أَخْبَرَنَا مَالِكٍ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ لِلْبِكْرِ سَبْعٌ وَلِلثَّيِّبِ ثَلَاثٌ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَبِهَذَا نَأْخُذُ وَإِنْ قَسَمَ أَيَّامًا لِكُلِّ امْرَأَةٍ بَعْدَ مُضِيِّ سَبْعِ الْبِكْرِ وَثَلَاثِ الثَّيِّبِ فَجَائِزٌ إذَا أَوْفَى كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ عَدَدَ الْأَيَّامِ الَّتِي أَقَامَ عِنْدَ غَيْرِهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute