بَيَّنْتهَا فَإِنَّهُ لَيْسَ فِي قَوْلِك، وَدِرْهَمٌ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَا مَضَى دَرَاهِمُ، وَلَوْ زَعَمنَا أَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ مَا أَحَلَفْنَاك لَوْ ادَّعَى أَلْفَ دِينَارٍ، وَلَكِنْ لَمَّا كَانَ قَوْلُك مُحْتَمِلًا لِمَا هُوَ أَعْلَى مِنْ الدَّرَاهِمِ وَأَدْنَى لَمْ نَجْعَلْ عَلَيْك الْأَعْلَى دُونَ الْأَدْنَى، وَلَا الْأَدْنَى دُونَ الْأَعْلَى، وَهَكَذَا لَوْ قَالَ أَلْفٌ وَكَرُّ حِنْطَةٍ أَوْ أَلْفٌ وَعَبْدٌ أَوْ أَلْفٌ وَشَاةٌ لَمْ نَجْعَلْ هَا هُنَا إلَّا مَا وَصَفْنَا بِأَنَّ الْأَلْفَ مَا شَاءَ وَمَا سَمَّى، وَلَوْ جَازَ لَنَا أَنْ نَجْعَلَ الْكَلَامَ الْآخَرَ دَلِيلًا عَلَى الْأَوَّلِ لَكَانَ إذَا أَقَرَّ لَهُ بِأَلْفٍ وَعَبْدٍ جَعَلْنَا عَلَيْهِ أَلْفَ عَبْدٍ وَعَبْدًا. وَهَكَذَا لَوْ أَقَرَّ لَهُ بِأَلْفٍ وَكَرِّ حِنْطَةٍ جَعَلْنَا عَلَيْهِ أَلْفَ كَرٍّ وَكَرًّا حِنْطَةً، وَلَا يَجُوزُ إلَّا هَذَا، وَمَا قُلْت مِنْ أَنْ يَكُونَ الْأَلْفُ مَا شَاءَ مَعَ يَمِينِهِ، وَيَكُونُ مَا سَمَّى كَمَا سَمَّى، وَلَوْ أَنَّهُ قَالَ أَلْفٌ وَكَرٌّ كَانَ الْكَرُّ مَا شَاءَ إنْ شَاءَ فَنُورَةٌ، وَإِنْ شَاءَ فَقُصَّةٌ، وَإِنْ شَاءَ فَمَدَرٌ يَبْنِي بِهِ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ، وَلَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ إلَّا دِرْهَمًا قِيلَ لَهُ أَقِرَّ بِأَيِّ أَلْفٍ شِئْت إذَا كَانَ الدِّرْهَمُ يُسْتَثْنَى مِنْهَا ثُمَّ يَبْقَى شَيْءٌ قَلَّ أَوْ كَثُرَ كَأَنَّك أَقْرَرْت لَهُ بِأَلْفِ فَلْسٍ، وَكَانَتْ تَسْوَى دَرَاهِمَ فَيُعْطَاهَا مِنْك إلَّا دِرْهَمًا مِنْهَا، وَذَلِكَ قَدْرُ دِرْهَمٍ مِنْ الْفُلُوسِ، وَهَكَذَا إذَا قُلْت أَلْفٌ إلَّا كَرَّ حِنْطَةٍ، وَأَلْفٌ إلَّا عَبْدًا أُجْبِرْت عَلَى أَنْ تُبْقِيَ بَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ شَيْئًا قَلَّ أَوْ كَثُرَ، وَلَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ ثَوْبٌ فِي مَنْدِيلٍ قِيلَ لَهُ قَدْ يَصْلُحُ أَنْ تَكُونَ أَقْرَرَتْ بِثَوْبٍ وَمَنْدِيلٍ وَيَصْلُحُ أَنْ تَكُونَ أَقْرَرَتْ لَهُ بِثَوْبٍ فَجَعَلَتْهُ فِي مَنْدِيلٍ لِنَفْسِكَ فَتَقُولَ لَهُ: عَلَيَّ ثَوْبٌ فِي مَنْدِيلٍ لِي فَعَلَيْك ثَوْبٌ، وَتَحْلِفُ مَا أَقْرَرْت لَهُ بِمَنْدِيلٍ. وَأَصْلُ مَا أَقُولُ مِنْ هَذَا أَنِّي أُلْزِمُ النَّاسَ أَبَدًا الْيَقِينَ، وَأَطْرَحُ عَنْهُمْ الشَّكَّ، وَلَا أَسْتَعْمِلُ عَلَيْهِمْ الْأَغْلَبَ. وَهَكَذَا إذَا قَالَ تَمْرٌ فِي جِرَابٍ أَوْ ثَمَرٌ فِي قَارُورَةٍ أَوْ حِنْطَةٌ فِي مِكْيَالٍ أَوْ مَاءٌ فِي جَرَّةٍ أَوْ زَيْتٌ فِي وِعَاءٍ، وَإِذَا قَالَ لَهُ عَلَيَّ كَذَا كَذَا أَقَرَّ بِمَا شَاءَ وَاحِدًا، وَإِنْ قَالَ كَذَا وَكَذَا أَقَرَّ بِمَا شَاءَ اثْنَيْنِ، وَإِنْ قَالَ كَذَا وَكَذَا دِرْهَمًا أَعْطَاهُ دِرْهَمَيْنِ لِأَنَّ كَذَا يَقَعُ عَلَى دِرْهَمٍ فَإِنْ قَالَ كَذَا وَكَذَا دِرْهَمًا قِيلَ لَهُ أَعْطِهِ دِرْهَمًا، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ قِبَلِ أَنَّ كَذَا يَقَعُ عَلَى أَقَلَّ مِنْ دِرْهَمٍ فَإِنْ كُنْت عَنَيْت أَنَّ كَذَا وَكَذَا الَّتِي بَعْدَهَا أَوْفَتْ عَلَيْك دِرْهَمًا فَلَيْسَ عَلَيْك أَكْثَرُ مِنْهُ، وَاَللَّهُ تَعَالَى الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ.
بَابُ الشَّرِكَةِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَلَا شَرِكَةَ مُفَاوَضَةٍ وَإِذَا أَقَرَّ صَانِعٌ مِنْ صِنَاعَتِهِ لِرَجُلٍ بِشَيْءٍ إسْكَافٌ أَقَرَّ لِرَجُلٍ بِخُفٍّ أَوْ غَسَّالٌ أَقَرَّ لِرَجُلٍ بِثَوْبٍ فَذَلِكَ عَلَيْهِ دُونَ شَرِيكِهِ إلَّا أَنْ يُقِرَّ شَرِيكُهُ مَعَهُ، وَإِذَا كَانَا شَرِيكَيْنِ فَالشَّرِكَةُ كُلُّهَا لَيْسَتْ مُفَاوَضَةً وَأَيُّ الشَّرِيكَيْنِ أَقَرَّ فَإِنَّمَا يُقِرُّ عَلَى نَفْسِهِ دُونَ صَاحِبِهِ وَإِقْرَارُ الشَّرِيكِ، وَمَنْ لَا شَرِيكَ لَهُ سَوَاءٌ، وَإِذَا أَقَرَّ رَجُلٌ فِي مَرَضِهِ بِدَيْنٍ لِأَجْنَبِيٍّ، وَقَدْ أَقَرَّ فِي صِحَّتِهِ أَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِدُيُونٍ فَسَوَاءٌ إقْرَارُهُ فِي صِحَّتِهِ وَمَرَضِهِ، وَالْبَيِّنَةُ فِي الصِّحَّةِ، وَالْمَرَضِ وَالْإِقْرَارُ سَوَاءٌ يَتَحَاصُّونَ مَعًا لَا يُقَدَّمُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ عَلَى الْآخَرِ فَإِذَا أَقَرَّ لِوَارِثٍ فَلَمْ يَمُتْ حَتَّى حَدَثَ وَارِثٌ يَحْجُبُ الْمُقَرَّ لَهُ فَإِقْرَارُهُ لَازِمٌ وَإِنْ لَمْ يَحْدُثْ فَمَنْ أَجَازَ الْإِقْرَارَ لِلْوَارِثِ وَخَالَفَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَصِيَّةِ أَجَازَهُ لَهُ وَمَنْ رَدَّهُ رَدَّهُ لَهُ، وَلَوْ أَقَرَّ لِغَيْرِ وَارِثٍ ثُمَّ مَاتَ وَارِثُهُ فَصَارَ الْمُقَرُّ لَهُ وَارِثًا أَبْطَلَ إقْرَارَهُ، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا أَقَرَّ بِهِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ فَهُوَ عَلَى هَذَا الْمِثَالِ، وَإِذَا كَانَ الرَّجُلَانِ شَرِيكَيْنِ فَأَوْصَى أَحَدُهُمَا أَوْ أَعْتَقَ أَوْ دَبَّرَ أَوْ كَاتَبَ فَذَلِكَ كُلُّهُ فِي مَالِ نَفْسِهِ كَهَيْئَةِ الرَّجُلِ غَيْرِ الشَّرِيكِ، وَإِذَا أَقَرَّ الرَّجُلُ لِلْحَمْلِ بِدَيْنٍ كَانَ إقْرَارُهُ بَاطِلًا حَتَّى يَقُولَ كَانَ لِأَبِي هَذَا الْحَمْلُ أَوْ لِجَدِّهِ عَلَيَّ مَالٌ فَيَكُونَ ذَلِكَ إقْرَارًا لِلَّذِي أَقَرَّ لَهُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ هَذَا الْحَمْلُ وَارِثَهُ أَخَذَهُ، وَإِنْ كَانَ لَهُ وَارِثٌ مَعَهُ أَخَذَ مَعَهُ حِصَّتَهُ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ لِلْمَيِّتِ، وَإِنَّمَا لِهَذَا مِنْهُ حِصَّتُهُ، وَإِذَا أَوْصَى لِلْحَمْلِ بِوَصِيَّةٍ فَالْوَصِيَّةُ جَائِزَةٌ إذَا وُلِدَ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ وَقَعَتْ الْوَصِيَّةُ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّهُ كَانَ ثَمَّ حَمْلٌ وَلَوْ وَهَبَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute