للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ كَيْفَ الْغُسْلُ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {وَلا جُنُبًا إِلا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا} (قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَكَانَ فَرْضُ اللَّهِ الْغُسْلَ مُطْلَقًا لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ شَيْئًا يَبْدَأُ بِهِ قَبْلَ شَيْءٍ فَإِذَا جَاءَ الْمُغْتَسِلُ بِالْغُسْلِ أَجْزَأَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ كَيْفَمَا جَاءَ بِهِ وَكَذَلِكَ لَا وَقْتَ فِي الْمَاءِ فِي الْغُسْلِ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِغُسْلِ جَمِيعِ بَدَنِهِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): كَذَلِكَ دَلَّتْ السُّنَّةُ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَأَيْنَ دَلَالَةُ السُّنَّةِ؟ قِيلَ لَمَّا «حَكَتْ عَائِشَةُ أَنَّهَا كَانَتْ تَغْتَسِلُ وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ إنَاءٍ وَاحِدٍ» كَانَ الْعِلْمُ يُحِيطُ أَنَّ أَخْذَهُمَا مِنْهُ مُخْتَلِفٌ لَوْ كَانَ فِيهِ وَقْتٌ غَيْرُ مَا وَصَفْت مَا أَشْبَهَ أَنْ يَغْتَسِلَ اثْنَانِ يُفْرِغَانِ مِنْ إنَاءٍ وَاحِدٍ عَلَيْهِمَا وَأَكْثَرُ مَا حَكَتْ عَائِشَةُ غُسْلَهُ وَغُسْلَهَا فَرَقٌ (قَالَ): وَالْفَرَقُ ثَلَاثَةُ آصُعَ (قَالَ الشَّافِعِيُّ) وَرُوِيَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِأَبِي ذَرٍّ فَإِذَا وَجَدْت الْمَاءَ فَأَمْسِسْهُ جِلْدَكَ» وَلَمْ يُحْكَ أَنَّهُ وَصَفَ لَهُ قَدْرًا مِنْ الْمَاءِ إلَّا إمْسَاسُ الْجِلْدِ وَالِاخْتِيَارُ فِي الْغُسْلِ مِنْ الْجَنَابَةِ مَا حَكَتْ عَائِشَةُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا اغْتَسَلَ مِنْ الْجَنَابَةِ بَدَأَ فَغَسَلَ يَدَيْهِ ثُمَّ يَتَوَضَّأُ كَمَا يَتَوَضَّأُ لِلصَّلَاةِ ثُمَّ يُدْخِلُ أَصَابِعَهُ فِي الْمَاءِ فَيُخَلِّلُ بِهَا أُصُولَ شَعْرِهِ ثُمَّ يَصُبُّ عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثَ غَرَفَاتٍ بِيَدَيْهِ ثُمَّ يُفِيضُ الْمَاءَ عَلَى جِلْدِهِ كُلِّهِ».

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَإِذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ ذَاتَ شَعْرٍ تَشُدُّ ضُفُرَهَا فَلَيْسَ عَلَيْهَا أَنْ تَنْقُضَهُ فِي غُسْلِ الْجَنَابَةِ وَغُسْلُهَا مِنْ الْحَيْضِ كَغُسْلِهَا مِنْ الْجَنَابَةِ لَا يَخْتَلِفَانِ يَكْفِيهَا فِي كُلٍّ مَا يَكْفِيهَا فِي كُلٍّ (قَالَ الشَّافِعِيُّ) أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَافِعٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ «سَأَلْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إنِّي امْرَأَةٌ أَشُدُّ ضَفْرَ رَأْسِي أَفَأَنْقُضُهُ لِغُسْلِ الْجَنَابَةِ فَقَالَ: لَا، إنَّمَا يَكْفِيك أَنْ تَحْثِيَ عَلَيْهِ ثَلَاثَ حَثَيَاتٍ مِنْ مَاءٍ ثُمَّ تُفِيضِي عَلَيْك الْمَاءَ فَتَطْهُرِينَ أَوْ قَالَ فَإِذَا أَنْتِ قَدْ طَهُرْت» وَإِنْ حَسَّتْ رَأْسَهَا فَكَذَلِكَ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ يَشُدُّ ضَفْرَ رَأْسِهِ أَوْ يَعْقِصُهُ فَلَا يَحِلُّهُ وَيُشْرِبُ الْمَاءَ أُصُولَ شَعْرِهِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَإِنْ لَبَّدَ رَأْسَهُ بِشَيْءٍ يَحُولُ بَيْنَ الْمَاءِ وَبَيْنَ أَنْ يَصِلَ إلَى شَعْرِهِ وَأُصُولِهِ كَانَ عَلَيْهِ غُسْلُهُ حَتَّى يَصِلَ إلَى بَشَرَتِهِ وَشَعْرِهِ وَإِنْ لَبَّدَهُ بِشَيْءٍ لَا يَحُولُ دُونَ ذَلِكَ فَهُوَ كَالْعَقْصِ وَالضَّفْرِ الَّذِي لَا يَمْنَعُ الْمَاءَ الْوُصُولَ إلَيْهِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ حَلُّهُ وَيَكْفِيهِ أَنْ يَصِلَ الْمَاءُ إلَى الشَّعْرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>