للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَعَمَّدَ بِهِ الْمَاءُ إلَّا إدْخَالَ النَّفَسِ وَإِخْرَاجَهُ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ الصَّوْمَ وَهَذَا خَطَأٌ فِي مَعْنَى النِّسْيَانِ أَوْ أَخَفُّ مِنْهُ.

بَابٌ فِي الْحَجِّ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ لَا تُشْعِرُ الْبُدُنَ وَيَقُولُ: الْإِشْعَارُ مُثْلَةٌ وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ: الْإِشْعَارُ فِي السَّنَامِ مِنْ الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ وَبِهِ يَأْخُذُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَتُشْعَرُ الْبُدُنُ فِي أَسْنِمَتِهَا وَالْبَقَرُ فِي أَسْنِمَتِهَا أَوْ مَوَاضِعِ الْأَسْنِمَةِ وَلَا تُشْعَرُ الْغَنَمُ وَالْإِشْعَارُ فِي الصَّفْحَةِ الْيُمْنَى وَكَذَلِكَ «أَشْعَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - عَنْ «النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ أَشْعَرَ فِي الشِّقِّ الْأَيْمَنِ» وَبِذَلِكَ تَرَكْنَا قَوْلَ مَنْ قَالَ: لَا يُشْعَرُ إلَّا فِي الشِّقِّ الْأَيْسَرِ وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ أَشْعَرَ فِي الشِّقِّ الْأَيْسَرِ أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهَ بْنَ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - كَانَ لَا يُبَالِي فِي أَيِّ الشِّقَّيْنِ أَشْعَرَ فِي الْأَيْمَنِ أَوْ الْأَيْسَرِ.

قَالَ: وَإِذَا أَهَّلَ الرَّجُلُ بِعُمْرَةٍ فَأَفْسَدَهَا فَقَدِمَ مَكَّةَ وَقَضَاهَا فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - كَانَ يَقُولُ: يُجْزِيهِ أَنْ يَقْضِيَهَا مِنْ التَّنْعِيمِ وَبِهِ يَأْخُذُ وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ: لَا يُجْزِيهِ أَنْ يَقْضِيَهَا إلَّا مِنْ مِيقَاتِ بِلَادِهِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا أَهَّلَ الرَّجُلُ بِعُمْرَةٍ مِنْ مِيقَاتٍ فَأَفْسَدَهَا فَلَا يُجْزِيهِ أَنْ يَقْضِيَهَا إلَّا مِنْ الْمِيقَاتِ الَّذِي أَبْتَدَأَ مِنْهُ الْعُمْرَةَ الَّتِي أَفْسَدَهَا وَلَا نَعْلَمُ الْقَضَاءَ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَعْمَالِ إلَّا بِعَمَلٍ مِثْلِهِ فَأَمَّا عَمَلٌ أَقَلُّ مِنْهُ فَهَذَا قَضَاءٌ لِبَعْضٍ دُونَ الْكُلِّ وَإِنَّمَا يُجْزِي قَضَاءُ الْكُلِّ لَا الْبَعْضِ وَمَنْ قَالَ لَهُ أَنْ يَقْضِيَهَا خَارِجًا مِنْ الْحَرَمِ دَخَلَ عَلَيْهِ خِلَافُ مَا وَصَفْنَا مِنْ الْقِيَاسِ وَخِلَافُ الْآثَارِ وَقَدْ ظَنَنْت أَنَّهُ إنَّمَا ذَهَبَ إلَى أَنَّ «عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - إنَّمَا كَانَتْ مُهِلَّةً بِعُمْرَةٍ وَأَنَّهَا رَفَضَتْ الْعُمْرَةَ وَأَمَرَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَنْ تَقْضِيَهَا مِنْ التَّنْعِيمِ» وَهَذَا لَيْسَ كَمَا رُوِيَ إنَّمَا أَمَرَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ تُدْخِلَ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ فَكَانَتْ قَارِنَةً وَإِنَّمَا كَانَتْ عُمْرَتُهَا شَيْئًا اسْتَحَبَّتْهُ فَأَمَرَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِهَا فَاعْتَمَرَتْ لَا أَنَّ عُمْرَتَهَا كَانَتْ قَضَاءً.

وَإِذَا أَصَابَ الرَّجُلُ مِنْ صَيْدِ الْبَحْرِ شَيْئًا سِوَى السَّمَكِ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - كَانَ يَقُولُ: لَا خَيْرَ فِي شَيْءٍ مِنْ صَيْدِ الْبَحْرِ سِوَى السَّمَكِ وَبِهِ يَأْخُذُ وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ: لَا بَأْسَ بِصَيْدِ الْبَحْرِ كُلِّهِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَصِيدَ الْمُحْرِمُ جَمِيعَ مَا كَانَ مَعَاشُهُ فِي الْمَاءِ مِنْ السَّمَكِ وَغَيْرِهِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} فَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالتَّفْسِيرِ: طَعَامُهُ كُلُّ مَا كَانَ فِيهِ وَهُوَ شِبْهُ مَا قَالَ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - سَأَلْت أَبَا حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَنْ حَشِيشِ الْحَرَمِ فَقَالَ أَكْرَهُ أَنْ يُرْعَى مِنْ حَشِيشِ الْحَرَمِ شَيْئًا أَوْ يُحْتَشَّ مِنْهُ.

قَالَ وَسَأَلْت ابْنَ أَبِي لَيْلَى عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: لَا بَأْسَ أَنْ يُحْتَشَّ مِنْ الْحَرَمِ وَيُرْعَى مِنْهُ قَالَ وَسَأَلْت الْحَجَّاجَ بْنَ أَرْطَاةَ فَأَخْبَرَنِي أَنَّهُ سَأَلَ عَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ فَقَالَ: لَا بَأْسَ أَنْ يُرْعَى وَكَرِهَ أَنْ يُحْتَشَّ وَبِهِ يَأْخُذُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَلَا بَأْسَ أَنْ يُرْعَى نَبَاتُ الْحَرَمِ شَجَرُهُ وَمَرْعَاهُ وَلَا خَيْرَ فِي أَنْ يُحْتَشَّ مِنْهُ شَيْءٌ لِأَنَّ الَّذِي «حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ مَكَّةَ أَنْ يُخْتَلَى خَلَاهَا إلَّا الْإِذْخِرَ» وَالِاخْتِلَاءُ الِاحْتِشَاشُ نَتْفًا وَقَطْعًا وَحَرَّمَ أَنْ يُعْضَدَ شَجَرُهَا وَلَمْ يُحَرِّمْ أَنْ يُرْعَى.

قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: سَأَلْت أَبَا حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: لَا بَأْسَ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ تُرَابِ الْحَرَمِ وَحِجَارَتِهِ إلَى الْحِلِّ وَبِهِ يَأْخُذُ قَالَ وَسَمِعْت ابْنَ أَبِي لَيْلَى يُحَدِّثُ عَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>