للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَانَ الْإِمَامُ قَدْ أَفْسَدَ الصَّلَاةَ عَامِدًا فَصَلَاةُ مَنْ خَلْفَهُ، عَلِمَ بِإِفْسَادِهَا أَوْ لَمْ يَعْلَمْ بَاطِلَةٌ لِأَنَّا إنَّمَا أَجَزْنَا صَلَاتَهُ خَلْفَ الْإِمَامِ لَمْ يَعْمِدْ فَسَادَهَا لِأَنَّ عُمَرَ قَضَى، وَلَمْ يَقْضِ الَّذِينَ صَلَّوْا خَلْفَهُ وَعُمَرُ إنَّمَا قَضَى سَاهِيًا " (قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَإِنْ قِيلَ: وَقَدْ لَا يَكُونُ عَالِمًا بِأَنَّ هَذَا يُفْسِدُ صَلَاةَ الْإِمَامِ قِيلَ: وَكَذَلِكَ لَا يَكُونُ عَالِمًا بِأَنَّ تَرْكَ الْإِمَامِ التَّكْبِيرَ لِلِافْتِتَاحِ وَكَلَامَهُ يُفْسِدُ صَلَاتَهُ ثُمَّ لَا يَكُونُ مَعْذُورًا بِأَنْ يُصَلِّيَ وَرَاءَهُ إذَا فَعَلَ بَعْضَ هَذَا (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَا تَفْسُدُ صَلَاةُ الطَّائِفَةِ الْأُولَى لِأَنَّهُمْ خَرَجُوا مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ قَبْلَ أَنْ يُحْدِثَ مَا يُفْسِدُهَا، وَلَوْ كَانَ كَبَّرَ قَائِمًا تَكْبِيرَةً يَنْوِي بِهَا الِافْتِتَاحَ بَعْدَ جُلُوسِهِ تَمَّتْ صَلَاةُ الطَّائِفَةِ الْأُولَى لِأَنَّهُمْ خَرَجُوا مِنْ صَلَاتِهِ قَبْلَ يُفْسِدَهَا، وَالطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَدْخُلُوا فِي صَلَاتِهِ حَتَّى افْتَتَحَ صَلَاةً مُجْزِئَةً عَنْهُ، وَأَجْزَأَتْ عَنْهُ هَذِهِ الرَّكْعَةُ، وَعَمَّنْ خَلْفَهُ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ صَلَّى إمَامٌ صَلَاةَ الْخَوْفِ فِي الْحَضَرِ فَفَرَّقَ النَّاسَ أَرْبَعَ فِرَقٍ فَصَلَّى بِفِرْقَةٍ رَكْعَةً، وَثَبَتَ قَائِمًا، وَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ ثُمَّ فِرْقَةٍ رَكْعَةً ثُمَّ ثَبَتَ قَائِمًا، وَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ ثُمَّ فِرْقَةٍ رَكْعَةً، وَثَبَتَ جَالِسًا، وَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ كَانَ فِيهَا قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُ أَسَاءَ، وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ، وَلَا عَلَى مَنْ خَلْفَهُ وَالثَّانِي أَنَّ صَلَاةَ الْإِمَامِ تَفْسُدُ، وَتَتِمُّ صَلَاةُ الطَّائِفَةِ الْأُولَى لِأَنَّهَا خَرَجَتْ مِنْ صَلَاتِهِ قَبْلَ تَفَسُّدِ صَلَاتِهِ، وَكَذَلِكَ صَلَاةُ الطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ لِأَنَّهَا خَرَجَتْ مِنْ قَبْلِ فَسَادِ صَلَاتِهِ لِأَنَّ لَهُ فِي الصَّلَاةِ انْتِظَارًا وَاحِدًا بَعْدَهُ آخَرُ، وَتَفْسُدُ صَلَاةُ مَنْ عَلِمَ مِنْ الطَّائِفَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ مَا صَنَعَ وَأَتَمَّ بِهِ بَعْدَ عِلْمِهِ، وَلَا تَفْسُدُ صَلَاةُ مَنْ لَمْ يَعْلَمْ مَا صَنَعَ، وَلَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَنْتَظِرَ فِي الصَّلَاةِ إلَّا انْتِظَارَيْنِ، الْآخِرُ مِنْهُمَا، وَهُوَ جَالِسٌ فَيُسَلِّمُ مِنْهُ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِنْ صَلَّى بِطَائِفَةٍ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ، وَطَائِفَةٍ رَكْعَةً كَرِهْت ذَلِكَ لَهُ، وَلَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ، وَلَا صَلَاتُهُمْ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ لِلطَّائِفَةِ الْأُولَى أَنْ تُصَلِّيَ مَعَهُ رَكْعَتَيْنِ، وَتَخْرُجَ مِنْ صَلَاتِهِ كَانَتْ إذَا صَلَّتْ ثَلَاثًا، وَخَرَجَتْ مِنْ صَلَاتِهِ قَدْ خَرَجَتْ بَعْدَمَا زَادَتْ، وَإِنْ ائْتَمَّتْ بِهِ فِي رَكْعَةٍ مِنْ فَرْضِ صَلَاتِهَا لَمْ تُفْسِدْ صَلَاةَ الْإِمَامِ أَنَّهُ انْتَظَرَ انْتِظَارًا وَاحِدًا، وَتَمَّتْ صَلَاةُ الطَّائِفَةِ الْآخِرَةِ، وَعَلَيْهِ وَعَلَى الطَّائِفَةِ الْآخِرَةِ سُجُودُ السَّهْوِ لِأَنَّهُ وَضَعَ الِانْتِظَارَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَالْإِمَامُ يُصَلِّي بِالطَّائِفَةِ الْأُولَى فِي الْمَغْرِبِ رَكْعَةً، وَبِالثَّانِيَةِ رَكْعَتَيْنِ قَالَ: لِأَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى بِالطَّائِفَةِ الْأُولَى فِي السَّفَرِ صَلَاةَ الْمَغْرِبِ رَكْعَةً ثُمَّ ثَبَتَ قَائِمًا وَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ ثُمَّ صَلَّى بِالطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ رَكْعَةً، وَتَشَهَّدَ» فَكَانَ انْتِظَارُهُ الطَّائِفَةَ الثَّانِيَةَ أَكْثَرَ مِنْ انْتِظَارِهِ الطَّائِفَةَ الْأُولَى.

تَخْفِيفُ الْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -):، وَيَقْرَأُ الْإِمَامُ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ بِأُمِّ الْقُرْآنِ، وَسُورَةٍ قَدْرِ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى}، وَمَا أَشْبَهَهَا فِي الطُّولِ لِلتَّخْفِيفِ فِي الْحَرْبِ، وَثِقَلِ السِّلَاحِ، وَلَوْ قَرَأَ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى أَوْ قَدْرَهَا مِنْ الْقُرْآنِ لَمْ أَكْرَهْ ذَلِكَ لَهُ، وَإِذَا قَامَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ، وَمَنْ خَلْفَهُ يَقْضُونَ قَرَأَ بِأُمِّ الْقُرْآنِ، وَسُورَةٍ طَوِيلَةٍ، وَإِنْ أَحَبَّ جَمَعَ سُوَرًا حَتَّى يَقْضِيَ مَنْ خَلْفَهُ صَلَاتَهُمْ تَفْتَتِحُ الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى خَلْفَهُ، وَيَقْرَأُ بَعْدَ افْتِتَاحِهِمْ أَقَلَّ ذَلِكَ قَدْرَ أُمِّ الْقُرْآنِ، وَيَحْتَاطُ إذَا كَانَ مِمَّا لَا يُجْهَرُ فِيهِ لِيَقْرَءُوا بِأُمِّ الْقُرْآنِ، وَلَوْ زَادَ فِي قِرَاءَتِهِ لِيَزِيدُوا عَلَى أُمِّ الْقُرْآنِ كَانَ أَحَبَّ إلَيَّ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَافْتَتَحُوا مَعَهُ وَأَدْرَكُوهُ رَاكِعًا كَمَا أَجْزَأَهُ، وَأَجْزَأَتْهُمْ صَلَاتُهُمْ وَكَانُوا كَمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً فِي أَوَّلِ صَلَاتِهِ مَعَ الْإِمَامِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَيَقْنُتُ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ، وَلَا يَقْنُتُ فِي غَيْرِهَا لِأَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَنَتَ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ قُنُوتَهُ فِي غَيْرِهَا، وَإِنْ فَعَلَ فَجَائِزٌ لِأَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ قَنَتَ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>