للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَشْجُوجِ وَكَانَتْ تُوضِحُ مِنْ الشَّاجِّ لِاخْتِلَافِ غِلَظِ اللَّحْمِ وَالْجِلْدِ أَوْ رِقَّتِهِمَا مِنْ الشَّاجِّ وَالْمَشْجُوجِ مَرَّةً مِثْلُ نِصْفِ عُمْقِ الرَّأْسِ مِنْ الشَّاجِّ أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ وَقَدْ أَخَذْت مِنْ الْآخَرِ قَرِيبًا مِنْ مُوضِحَةٍ وَعَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْأَرْشُ وَإِذَا أَصَابَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ بِجُرْحٍ دُونَ النَّفْسِ فِيهِ قَوَدٌ أَوْ قَطَعَ لَهُ طَرَفًا فَسَوَاءٌ بِأَيِّ شَيْءٍ أَصَابَهُ مِنْ حَدِيدَةٍ أَوْ حَجَرٍ وَقَطَعَ بِيَدِهِ وَغَيْرِهِ وَلَوْ لَوَى أُذُنَهُ حَتَّى يَقْطَعَهَا أَوْ جَبَذَهَا بِيَدِهِ حَتَّى يَقْطَعَهَا أَوْ لَطَمَ عَيْنَهُ فَفَقَأَهَا أَوْ وَخَزَهُ فِيهَا بِعُودٍ فَفَقَأَهَا أَوْ ضَرَبَهُ بِحَجَرٍ خَفِيفٍ أَوْ عَصًا خَفِيفَةٍ فَأَوْضَحَهُ فَعَلَيْهِ فِي هَذَا كُلِّهِ الْقِصَاصُ وَلَا يُشْبِهُ هَذَا النَّفْسَ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا لَطَمَ عَيْنَ رَجُلٍ فَذَهَبَ بَصَرُهَا لُطِمَتْ عَيْنُ الْجَانِي فَإِنْ ذَهَبَ بَصَرُهَا وَإِلَّا دُعِيَ لَهُ أَهْلُ الْعِلْمِ بِمَا يُذْهِبُ الْبَصَرَ فَعَالَجُوهُ بِأَخَفَّ مَا عَلَيْهِ فِي ذَهَابِ الْبَصَرِ حَتَّى يَذْهَبَ بَصَرُهُ.

(قَالَ): وَلَوْ لَطَمَ رَجُلٌ عَيْنَ رَجُلٍ فَأَذْهَبَ بَصَرَهَا أَوْ ابْيَضَّتْ أَوْ ذَهَبَ بَصَرُهَا وَنَدَرَتْ حَتَّى كَانَتْ أَخْرَجَ مِنْ عَيْنِهِ قِيلَ لِأَهْلِ الْعِلْمِ: إنْ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تُذْهِبُوا بَصَرَ عَيْنِ الْجَانِي وَتَبْيَضَّ أَوْ تُذْهِبُوا بَصَرَهَا وَتَصِيرَ خَارِجَةً كَعَيْنِ هَذَا فَافْعَلُوا وَإِلَّا فَابْلُغُوا ذَهَابَ الْبَصَرِ وَمَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ هَذَا وَلَا يُجْعَلُ عَلَيْهِ لِلشَّيْنِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ اسْتَوْفَى بِذَهَابِ الْبَصَرِ كُلَّ مَا فِي الْعَيْنِ مِمَّا يُسْتَطَاعُ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَهَكَذَا لَوْ قَطَعَ يَدَهُ أَوْ أُصْبُعًا فَشَانَ مَوْضِعُ الْقَطْعِ أَوْ قَبُحَ بَعْدَ الْبُرْءِ أُقِيدَ مِنْهُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ فِيمَا قَبُحَ شَيْءٌ وَهَكَذَا لَوْ كَانَ هَذَا فِي أُذُنٍ أَوْ غَيْرِهَا.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ ضَرَبَ رَجُلٌ رَجُلًا ضَرْبَةً وَاحِدَةً فَأَخَذَتْ فَتَرًا مِنْ رَأْسِهِ فَأَوْضَحَ طَرَفَاهَا وَلَمْ يُوضَحْ مَا بَيْنَهُمَا وَلَكِنَّهُ شَقَّ اللَّحْمَ أَوْ الْجِلْدَ أَوْ أَوْضَحَ وَسَطَهَا وَلَمْ يُوضِحْ طَرَفَهَا أُقِيدَ مِمَّا أُوضِحَ بِقَدْرِهِ وَجُعِلَتْ لَهُ الْحُكُومَةُ فِيمَا لَمْ يُوضَحْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

تَفْرِيعُ الْقِصَاصِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ مِنْ الْأَطْرَافِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْقِصَاصُ وَجْهَانِ: طَرَفٌ يُقْطَعُ وَجُرْحٌ يُبَطُّ وَلَا قِصَاصَ فِي طَرَفٍ مِنْ الْأَطْرَافِ يُقْطَعُ مِنْ مَفْصِلٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْقَطْعِ مِنْ غَيْرِ الْمَفَاصِلِ حَتَّى يَكُونَ قَطَعَ كَقَطْعٍ بِلَا تَلَفٍ يُفْضِي بِهِ الْقَاطِعُ إلَى غَيْرِ مَوْضِعِهِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَكُلُّ نَفْسٍ قَتَلْتهَا بِنَفْسٍ، لَوْ كَانَتْ قَاتِلَتُهَا أَقَصَصْتُ بَيْنَهُمَا مَا دُونَ النَّفْسِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَأَقُصُّ لِلرَّجُلِ مِنْ الْمَرْأَةِ وَلِلْمَرْأَةِ مِنْ الرَّجُلِ بِلَا فَضْلِ مَالٍ بَيْنَهُمَا، وَالْعَبِيدِ بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ وَإِنْ تَفَاوَتَتْ أَثْمَانُهُمْ، وَلَوْ أَنَّ عَبْدًا أَوْ حُرًّا أَوْ كَافِرًا جَرَحَ مُسْلِمًا أَقَصَصْتُ الْمَجْرُوحَ مِنْهُ إنْ شَاءَ؛ لِأَنِّي أَقْتُلُهُ لَوْ قَتَلَهُ، وَلَوْ كَانَ الْحُرُّ الْمُسْلِمُ قَتَلَ كَافِرًا أَوْ جَرَحَهُ أَوْ عَبْدًا أَوْ جَرَحَهُ لَمْ أَقُصُّهُ مِنْهُ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَالْقِصَاصُ مِنْ الْأَطْرَافِ بِاسْمٍ لَا بِقِيَاسٍ مِنْ الْأَطْرَافِ فَتُقْطَعُ الْيَدُ بِالْيَدِ وَالرِّجْلُ بِالرِّجْلِ وَالْأُذُنُ بِالْأُذُنِ وَالْأَنْفُ بِالْأَنْفِ وَتُفْقَأُ الْعَيْنُ بِالْعَيْنِ وَتُقْلَعُ السِّنُّ بِالسِّنِّ؛ لِأَنَّهَا أَطْرَافٌ، وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ كَانَ الْقَاطِعُ أَفْضَلَ طَرَفًا مِنْ الْمَقْطُوعِ أَوْ الْمَقْطُوعُ أَفْضَلَ طَرَفًا مِنْ الْقَاطِعِ؛ لِأَنَّهَا إفَاتَةُ شَيْءٍ كَإِفَاتَةِ النَّفْسِ الَّتِي تُسَاوِي النَّفْسَ بِالْحَيَاةِ وَالِاسْمِ وَهَذِهِ تَسْتَوِي بِالْأَسْمَاءِ وَالْعَدَدِ لَا بِقِيَاسٍ بَيْنَهُمَا وَلَا بِفَضْلٍ لِبَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ.

وَإِذَا قَطَعَ الرَّجُلُ أَنْفَ رَجُلٍ أَوْ أُذُنَهُ أَوْ قَلَعَ سِنَّهُ فَأَبَانَهُ، ثُمَّ إنَّ الْمَقْطُوعَ ذَلِكَ مِنْهُ أَلْصَقَهُ بِدَمِهِ أَوْ خَاطَ الْأَنْفَ أَوْ الْأُذُنَ أَوْ رَبَطَ السِّنَّ بِذَهَبٍ أَوْ غَيْرِهِ فَثَبَتَ وَسَأَلَ الْقَوَدَ فَلَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ وَجَبَ لَهُ الْقِصَاصُ بِإِبَانَتِهِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِنْ لَمْ يُثْبِتْهُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ، أَوْ أَرَادَ إثْبَاتَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>