للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَكُونُ لَهُمْ أَمْوَالٌ وَدَائِعُ فِي أَيْدِي غَيْرِهِمْ فَيَهَبُونَ مِنْهَا الشَّيْءَ لِغَيْرِهِمْ فَلَا تَتِمُّ لَهُ الْهِبَةُ إلَّا بِالْقَبْضِ، وَلِهَذَا وَجْهٌ مُحْتَمَلٌ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ، وَإِنْ قَالُوا أَجَزْنَا مَا صَنَعَ، وَلَا نَعْلَمُهُ وَكُنَّا نَرَاهُ يَسِيرًا انْبَغَى فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا أَنْ يُقَالَ أَجِيزُوا يَسِيرًا وَاحْلِفُوا مَا أَجَزْتُمُوهُ إلَّا وَأَنْتُمْ تَرَوْنَهُ هَكَذَا، ثُمَّ لَهُمْ الرُّجُوعُ فِيمَا بَقِيَ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانُوا غُيَّبًا، وَإِنْ أُقِيمَتْ عَلَيْهِمْ الْبَيِّنَةُ بِأَنَّهُمْ عَلِمُوهُ جَازَتْ عَلَيْهِمْ فِي قَوْلِ مَنْ أَجَازَ إجَازَتَهُمْ بِغَيْرِ قَبْضٍ، وَإِنَّمَا تَجُوزُ عَلَيْهِمْ إذَا أَوْصَى بِثُلُثَيْ مَالِهِ، أَوْ بِمَالِهِ كُلِّهِ أَوْ بِجُزْءٍ مَعْلُومٍ مِنْهُ إنْ عَلِمُوا كَمْ تَرَكَ كَأَنْ أَوْصَى بِشَيْءٍ يُسَمِّيهِ فَقَالَ لِفُلَانٍ كَذَا وَكَذَا دِينَارًا وَلِفُلَانٍ عَبْدِي فُلَانٌ وَلِفُلَانٍ مِنْ إبِلِي كَذَا وَكَذَا فَقَالُوا قَدْ أَجَزْنَا لَهُ ذَلِكَ، ثُمَّ قَالُوا إنَّمَا أَجَزْنَا ذَلِكَ وَنَحْنُ نَرَاهُ يُجَاوِزُ الثُّلُثَ بِيَسِيرٍ لِأَنَّا قَدْ عَهِدْنَا لَهُ مَالًا فَلَمْ نَجِدْهُ أَوْ عَهِدْنَاهُ غَيْرَ ذِي دَيْنٍ فَوَجَدْنَا عَلَيْهِ دَيْنًا فَفِيهِ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنْ يُقَالَ هَذَا يَلْزَمُهُمْ فِي قَوْلِ مَنْ أَجَازَ إجَازَتَهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ أَجَازُوا مَا يَعْرِفُونَ وَمَا لَا يُعْذَرُونَ بِجَهَالَتِهِمْ وَالْآخَرُ أَنَّ لَهُمْ أَنْ يَحْلِفُوا وَيَرُدُّوا الْآنَ هَذَا إنَّمَا يَجُوزُ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ وَيُقَالُ لَهُمْ - إذًا احْلِفُوا -: أَجِيزُوا مِنْهُ مَا كُنْتُمْ تَرَوْنَهُ يُجَاوِزُ الثُّلُثَ سُدُسًا كَانَ أَوْ رُبُعًا، أَوْ أَقَلَّ، أَوْ أَكْثَرَ.

بَابُ اخْتِلَافِ الْوَرَثَةِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِنْ أَجَازَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ فِيمَا تَلْزَمُ الْإِجَازَةُ فِيهِ، وَلَمْ يُجِزْ بَعْضُهُمْ جَازَ فِي حِصَّةِ مَنْ أَجَازَ مَا أَجَازَ كَأَنَّ الْوَرَثَةَ كَانُوا اثْنَيْنِ فَيَجِبُ لِلْمُوصَى لَهُ نِصْفُ مَا أَوْصَى لَهُ بِهِ مِمَّا جَاوَزَ الثُّلُثَ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ كَانَ فِي الْوَرَثَةِ صَغِيرٌ، أَوْ بَالِغٌ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ، أَوْ مَعْتُوهٌ لَمْ يَجُزْ عَلَى وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ أَنْ يُجِيزَ فِي نَصِيبِهِ بِشَيْءٍ جَاوَزَ الثُّلُثَ مِنْ الْوَصِيَّةِ، وَلَمْ يَكُنْ لِوَلِيٍّ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ أَنْ يُجِيزَ ذَلِكَ فِي نَصِيبِهِ، وَلَوْ أَجَازَ ذَلِكَ فِي مَالِهِ كَانَ ضَامِنًا لَهُ فِي مَالِهِ، وَإِنْ وُجِدَ فِي يَدَيْ مَنْ أُجِيزَ لَهُ أُخِذَ مِنْ يَدَيْهِ وَكَانَ لِلْوَلِيِّ أَنْ يَتْبَعَ مَنْ أَعْطَاهُ إيَّاهُ بِمَا أَعْطَى مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ أَعْطَاهُ مَا لَا يَمْلِكُ.

. الْوَصِيَّةُ لِلْقَرَابَةِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَإِذَا أَوْصَى الرَّجُلُ فَقَالَ: ثُلُثُ مَالِي لِقَرَابَتِي أَوْ لِذَوِي قَرَابَتِي، أَوْ لِرَحِمِي، أَوْ لِذَوِي رَحِمِي، أَوْ لِأَرْحَامِي، أَوْ لِأَقْرِبَائِي، أَوْ قَرَابَاتِي فَذَلِكَ كُلُّهُ سَوَاءٌ وَالْقَرَابَةُ مِنْ قِبَل الْأُمِّ وَالْأَبِ فِي الْوَصِيَّةِ سَوَاءٌ وَأَقْرَبُ قَرَابَتِهِ وَأَبْعَدُهُمْ مِنْهُ فِي الْوَصِيَّةِ سَوَاءٌ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى وَالْغَنِيُّ وَالْفَقِيرُ وَالصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ؛ لِأَنَّهُمْ أُعْطُوا بِاسْمِ الْقَرَابَةِ فَاسْمُ الْقَرَابَةِ يَلْزَمُهُمْ مَعًا كَمَا أُعْطِيَ مَنْ شَهِدَ الْقِتَالَ بِاسْمِ الْحُضُورِ.

وَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ مِنْ قَبِيلَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ فَأَوْصَى فِي قَرَابَتِهِ فَلَا يَجُوزُ إذَا كَانَ كُلُّ مَنْ يُعْرَفُ نَسَبُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْ يَلْقَاهُ إلَى أَبٍ، وَإِنْ بَعُدَ قَرَابَةً، فَإِذَا كَانَ الْمَعْرُوفُ عِنْدَ الْعَامَّةِ أَنَّ مَنْ قَالَ مِنْ قُرَيْشٍ لِقَرَابَتِي لَا يُرِيدُ جَمِيعَ قُرَيْشٍ، وَلَا مَنْ هُوَ أَبْعَدُ مِنْهُمْ وَمَنْ قَالَ: لِقَرَابَتِي لَا يُرِيدُ أَقْرَبَ النَّاسِ، أَوْ ذَوِي قَرَابَةٍ أَبْعَدَ مِنْهُ بِأَبٍ، وَإِنْ كَانَ قَرِيبًا صِيرَ إلَى الْمَعْرُوفِ مِنْ قَوْلِ الْعَامَّةِ ذَوِي قَرَابَتِي فَيُنْظَرُ إلَى الْقَبِيلَةِ الَّتِي يُنْسَبُ إلَيْهَا؟ فَيُقَالُ: مِنْ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ، ثُمَّ يُقَالُ: قَدْ يَتَفَرَّقُ بَنُو عَبْدِ مَنَافٍ فَمِنْ أَيِّهِمْ؟ فَيُقَالُ مِنْ بَنِي الْمُطَّلِبِ فَيُقَالُ أَيَتَمَيَّزُ بَنُو الْمُطَّلِبِ؟ قِيلَ: نَعَمْ هُمْ قَبَائِلُ فَمِنْ أَيِّهِمْ؟ قِيلَ: مِنْ بَنِي عَبْدِ يَزِيدَ بْنِ هَاشِمِ بْنِ الْمُطَّلِبِ فَيُقَالُ أَفَيَتَمَيَّزُ هَؤُلَاءِ؟ قِيلَ: نَعَمْ هُمْ قَبَائِلُ قِيلَ فَمِنْ أَيِّهِمْ؟ قِيلَ: مِنْ بَنِي عُبَيْدِ بْنِ عَبْدِ يَزِيدَ قِيلَ أَفَيَتَمَيَّزُ هَؤُلَاءِ؟

<<  <  ج: ص:  >  >>