للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رِدَّة الْمُسْلِم قَبْل يَجْنِي وَبَعْد مَا يَجْنِي وَرَدَّة الْمَجْنِيّ عَلَيْهِ بَعْد مَا يُجْنَى عَلَيْهِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا جَنَى الْمُسْلِمُ عَلَى رَجُلٍ مُسْلِمٍ عَمْدًا فَقَطَعَ يَدَهُ، ثُمَّ ارْتَدَّ الْجَانِي وَمَاتَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ أَوْ قَتَلَهُ، ثُمَّ ارْتَدَّ الْقَاتِلُ بَعْدَ قَتْلِهِ لَمْ تُسْقِطْ الرِّدَّةُ عَنْهُ شَيْئًا وَيُقَالُ لِأَوْلِيَاءِ الْقَتِيلِ: أَنْتُمْ مُخَيَّرُونَ بَيْنَ الْقِصَاصِ أَوْ الدِّيَةِ فَإِنْ اخْتَارُوا الدِّيَةَ أُخِذَتْ مِنْ مَالِهِ حَالَّةً وَإِنْ اخْتَارُوا الْقِصَاصَ اُسْتُتِيبَ الْمُرْتَدُّ فَإِنْ تَابَ قُتِلَ بِالْقِصَاصِ وَإِنْ لَمْ يَتُبْ قِيلَ لِوَرَثَةِ الْمَقْتُولِ: إنْ اخْتَرْتُمْ الدِّيَةَ فَهِيَ لَكُمْ وَهُوَ يُقْتَلُ بِالرِّدَّةِ وَإِنْ أَبَوْا إلَّا الْقَتْلَ قُتِلَ بِالْقِصَاصِ وَغُنِمَ مَالُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتُبْ قَبْلَ مَوْتِهِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ كَانَ قَتَلَهُ الرَّجُلُ قَبْلَ يَرْتَدُّ الْجَانِي خَطَأً كَانَ عَلَى عَاقِلَتِهِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَإِنْ جَرَحَهُ مُسْلِمًا، ثُمَّ ارْتَدَّ الْجَانِي فَمَاتَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بَعْدَ رِدَّةِ الْجَانِي ضَمِنَتْ الْعَاقِلَةُ نِصْفَ الدِّيَةِ وَلَمْ تَضْمَنْ الزِّيَادَةَ الَّتِي كَانَتْ بِالْمَوْتِ بَعْدَ رِدَّةِ الْجَانِي فَكَانَ مَا بَقِيَ مِنْ الدِّيَةِ فِي مَالِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ جِنَايَتُهُ مُوضِحَةً ضَمِنَتْ الْعَاقِلَةُ نِصْفَ عُشْرِ الدِّيَةِ وَضَمِنَ الْمُرْتَدُّ مَا بَقِيَ مِنْ الدِّيَةِ فِي مَالِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ جِنَايَتُهُ الدِّيَةَ فَأَكْثَرَ، ثُمَّ ارْتَدَّ فَمَاتَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ ضَمِنَتْ الْعَاقِلَةُ الدِّيَةَ كُلَّهَا؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ ضَمِنَتْهَا وَالْجَانِي مُسْلِمٌ وَلَمْ يَزِدْ الْمَوْتُ بَعْدَ رِدَّةِ صَاحِبِهَا عَلَيْهَا شَيْئًا إنَّمَا يَغْرَمُ بِالْمَوْتِ مَا كَانَ يَغْرَمُ بِالْحَيَاةِ أَوْ أَقَلَّ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ جَنَى وَهُوَ مُسْلِمٌ فَقَطَعَ يَدًا، ثُمَّ ارْتَدَّ ثُمَّ أَسْلَمَ، ثُمَّ مَاتَ وَمَاتَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ ضَمِنَتْ الْعَاقِلَةُ نِصْفَ الدِّيَةِ وَلَمْ يَضْمَنُوا الْمَوْتَ؛ لِأَنَّ الْجَانِيَ ارْتَدَّ فَسَقَطَ عَنْهُمْ أَنْ يَعْقِلُوا عَنْهُ كَمَا لَوْ كَانَ مُرْتَدًّا فَجَنَى لَمْ يَعْقِلُوا عَنْهُ مَا جَنَى. فَأَمَّا مَا تَوَلَّدَ مِنْ جِنَايَتِهِ وَهُوَ مُرْتَدٌّ فَفِي مَالِهِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَفِيهَا قَوْلٌ آخَرُ: أَنْ يَعْقِلُوا عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ وَالْمَوْتَ كَانَ وَهُوَ مُسْلِمٌ.

(قَالَ الرَّبِيعُ) وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَصَحُّهُمَا عِنْدِي.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا جَنَى الرَّجُلُ الَّذِي قَدْ عُرِفَ إسْلَامُهُ جِنَايَةً فَادَّعَتْ عَاقِلَتُهُ أَنَّهُ جَنَى مُرْتَدًّا فَعَلَيْهِمْ الْبَيِّنَةُ فَإِنْ أَقَامُوهَا سَقَطَ عَنْهُمْ الْعَقْلُ وَكَانَ فِي مَالِهِ وَإِنْ لَمْ يُقِيمُوهَا لَزِمَهُمْ الْعَقْلُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ كَانَ حِينَ رَفَعَ الْجِنَايَةَ إلَى الْحَاكِمِ مُرْتَدًّا فَمَاتَ فَقَالَتْ الْعَاقِلَةُ: جَنَى وَهُوَ مُرْتَدٌّ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُمْ مَعَ أَيْمَانِهِمْ حَتَّى تَقُومَ الْبَيِّنَةُ بِأَنَّ الْجِنَايَةَ كَانَتْ وَهُوَ مُسْلِمٌ، وَلَوْ جَنَى جِنَايَةً، ثُمَّ قَامَ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ ارْتَدَّ، ثُمَّ عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ وَلَمْ يُوَقِّتْ وَقْتًا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْعَاقِلَةِ إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ جَنَى وَهُوَ مُسْلِمٌ.

وَإِذَا ارْتَدَّ الرَّجُلُ عَنْ الْإِسْلَامِ، ثُمَّ رَمَى بِسَهْمٍ فَأَصَابَ بِهِ رَجُلًا خَطَأً وَلَمْ يَقَعْ بِهِ السَّهْمُ حَتَّى رَجَعَ الْمُرْتَدُّ إلَى الْإِسْلَامِ لَمْ تَعْقِلْ الْعَاقِلَةُ عَنْهُ شَيْئًا وَكَانَتْ الْجِنَايَةُ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ؛ لِأَنَّ مَخْرَجَ الرَّمْيَةِ كَانَ وَهُوَ مِمَّنْ لَا يُعْقَلُ عَنْهُ وَإِنَّمَا يُقْضَى بِالْجِنَايَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ إذَا كَانَ مَخْرَجُهَا وَمَوْقِعُهَا وَالرَّجُلُ يَعْقِلُ.

رِدَّةُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَتَحَوُّلُ حَالِهِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا ارْتَدَّ الرَّجُلُ عَنْ الْإِسْلَامِ فَرَمَاهُ رَجُلٌ وَلَمْ تَقَعْ الرَّمْيَةُ بِهِ حَتَّى أَسْلَمَ فَمَاتَ مِنْهَا أَوْ جَرَحَهُ بِالرَّمْيَةِ فَلَا قِصَاصَ عَلَى الرَّامِي؛ لِأَنَّ الرَّمْيَةَ كَانَتْ وَهُوَ مِمَّنْ لَا عَقْلَ وَلَا قَوَدَ وَعَلَيْهِ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ حَالَّةً إنْ مَاتَ وَأَرْشُ الْجُرْحِ إنْ لَمْ يَمُتْ حَالًّا؛ لِأَنَّهُ عَمْدٌ وَلَا تَسْقُطُ الدِّيَةُ؛ لِأَنَّ مَخْرَجَ الرَّمْيَةِ كَانَتْ وَهُوَ مُرْتَدٌّ كَمَا لَوْ أَنَّ رَجُلًا رَمَى رَجُلًا، ثُمَّ أَحْرَمَ فَأَصَابَتْ الرَّمْيَةُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ صَيْدًا ضَمِنَهُ وَلَمْ يَكُنْ فِي أَقَلَّ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>