التَّفْوِيضُ
أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: التَّفْوِيضُ الَّذِي إذَا عَقَدَ الزَّوْجُ النِّكَاحَ بِهِ عُرِفَ أَنَّهُ تَفْوِيضٌ فِي النِّكَاحِ أَنْ يَتَزَوَّجَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ الثَّيِّبَ الْمَالِكَةَ لِأَمْرِهَا بِرِضَاهَا وَلَا يُسَمِّي مَهْرًا أَوْ يَقُولُ لَهَا أَتَزَوَّجُك عَلَى غَيْرِ مَهْرٍ فَالنِّكَاحُ فِي هَذَا ثَابِتٌ فَإِنْ أَصَابَهَا فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا وَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا حَتَّى طَلَّقَهَا فَلَا مُتْعَةَ وَلَا نِصْفَ مَهْرٍ لَهَا وَكَذَلِكَ أَنْ يَقُولَ أَتَزَوَّجُك وَلَك عَلَيَّ مِائَةُ دِينَارٍ مَهْرٌ فَيَكُونُ هَذَا تَفْوِيضًا وَأَكْثَرُ مِنْ التَّفْوِيضِ وَلَا يَلْزَمُهُ الْمِائَةُ فَإِنْ أَخَذَتْهَا مِنْهُ كَانَ عَلَيْهَا رَدُّهَا بِكُلِّ حَالٍ وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُسَمِّيَ لَهَا مَهْرًا أَوْ مَاتَتْ فَسَوَاءٌ وَقَدْ رُوِيَ «عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَضَى فِي بِرْوَعَ بِنْتِ وَاشِقٍ وَنَكَحَتْ بِغَيْرِ مَهْرٍ فَمَاتَ زَوْجُهَا فَقَضَى لَهَا بِمَهْرِ نِسَائِهَا وَقَضَى لَهَا بِالْمِيرَاثِ» فَإِنْ كَانَ ثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَهُوَ أَوْلَى الْأُمُورِ بِنَا وَلَا حُجَّةَ فِي قَوْلِ أَحَدٍ دُونَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنْ كَثُرُوا وَلَا فِي قِيَاسٍ فَلَا شَيْءَ فِي قَوْلِهِ إلَّا طَاعَةُ اللَّهِ بِالتَّسْلِيمِ لَهُ وَإِنْ كَانَ لَا يَثْبُتُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ أَنْ يُثْبِتَ عَنْهُ مَا لَمْ يَثْبُتْ وَلَمْ أَحْفَظْهُ بَعْدُ مِنْ وَجْهٍ يَثْبُتُ مِثْلُهُ وَهُوَ مَرَّةً يُقَالُ عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ وَمَرَّةً عَنْ مَعْقِلِ بْنِ سِنَانٍ وَمَرَّةً عَنْ بَعْضِ أَشْجَعَ لَا يُسَمَّى وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ فَإِذَا مَاتَ أَوْ مَاتَتْ فَلَا مَهْرَ لَهَا وَلَهُ مِنْهَا الْمِيرَاثُ إنْ مَاتَتْ وَلَهَا مِنْهُ الْمِيرَاثُ إنْ مَاتَ وَلَا مُتْعَةَ لَهَا فِي الْمَوْتِ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُطَلَّقَةٍ وَإِنَّمَا جُعِلَتْ الْمُتْعَةُ لِلْمُطَلَّقَةِ.
قَالَ وَإِنْ كَانَ عَقَدَ عَلَيْهَا عُقْدَةَ النِّكَاحِ بِمَهْرٍ مُسَمًّى أَوَبِغَيْرِ مَهْرٍ فَسَمَّى لَهَا مَهْرًا فَرَضِيَتْهُ أَوْ رَفَعَتْهُ إلَى السُّلْطَانِ فَفَرَضَ لَهَا مَهْرًا فَهُوَ لَهَا وَلَهَا الْمِيرَاثُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ) أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَجِيدِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ سَمِعْت عَطَاءً يَقُولُ سَمِعْت ابْنَ عَبَّاسٍ يَسْأَلُ عَنْ الْمَرْأَةِ يَمُوتُ عَنْهَا زَوْجُهَا وَقَدْ فَرَضَ صَدَاقَهَا قَالَ لَهَا الصَّدَاقُ وَالْمِيرَاثُ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَةَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَأُمَّهَا ابْنَةُ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ وَكَانَتْ تَحْتَ ابْنٍ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَمَاتَ وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَلَمْ يُسَمِّ لَهَا صَدَاقًا فَابْتَغَتْ أُمُّهَا صَدَاقَهَا فَقَالَ لَهَا ابْنُ عُمَرَ لَيْسَ لَهَا صَدَاقٌ وَلَوْ كَانَ لَهَا صَدَاقٌ لَمْ نَمْنَعْكُمُوهُ وَلَمْ نَظْلِمْهَا فَأَبَتْ أَنْ تَقْبَلَ ذَلِكَ فَجَعَلُوا بَيْنَهُمْ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ فَقَضَى أَنْ لَا صَدَاقَ لَهَا وَلَهَا الْمِيرَاثُ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ قَالَ سَأَلْت عَبْدَ خَيْرٍ عَنْ رَجُلٍ فُوِّضَ إلَيْهِ فَمَاتَ وَلَمْ يَفْرِضْ فَقَالَ لَيْسَ لَهَا إلَّا الْمِيرَاثُ وَلَا نَشُكُّ أَنَّهُ قَوْلُ عَلِيٍّ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): قَالَ سُفْيَانُ لَا أَدْرِي لَا نَشُكُّ أَنَّهُ مِنْ قَوْلِ عَلِيٍّ أَمْ مِنْ قَوْلِ عَطَاءٍ أَمْ مِنْ قَوْلِ عَبْدِ خَيْرٍ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَفِي النِّكَاحِ وَجْهٌ آخَرُ قَدْ يَدْخُلُ فِي اسْمِ التَّفْوِيضِ وَلَيْسَ بِالتَّفْوِيضِ الْمَعْرُوفِ نَفْسِهِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلْبَابِ قَبْلَهُ وَذَلِكَ أَنْ تَقُولَ الْمَرْأَةُ لِلرَّجُلِ أَتَزَوَّجُك عَلَى أَنْ تَفْرِضَ لِي مَا شِئْتَ أَوْ مَا شِئْتُ أَنَا أَوْ مَا حَكَمْتَ أَنْتَ أَوْ مَا حَكَمْتُ أَنَا أَوْ مَا شَاءَ فُلَانٌ أَوْ مَا رَضِيَ أَوْ مَا حَكَمَ فُلَانٌ لِرَجُلٍ آخَرَ فَهَذَا كُلُّهُ وَقَعَ بِشَرْطِ صَدَاقٍ وَلَكِنَّهُ شَرْطٌ مَجْهُولٌ فَهُوَ كَالصَّدَاقِ الْفَاسِدِ، مِثْلُ الثَّمَرَةِ الَّتِي لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا عَلَى أَنْ تُتْرَكَ إلَى أَنْ تَبْلُغَ.
وَمِثْلُ الْمَيْتَةِ وَالْخَمْرِ وَمَا أَشْبَهَهُ مِمَّا لَا يَحِلُّ مِلْكُهُ وَلَا يَحِلُّ بَيْعُهُ فِي حَالِهِ تِلْكَ أَوْ عَلَى الْأَبَدِ فَلَهَا فِي هَذَا كُلِّهِ مَهْرُ مِثْلِهَا وَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا فَلَهَا نِصْفُ مَهْرِ مِثْلِهَا وَلَا مُتْعَةَ لَهَا فِي قَوْلِ مَنْ ذَهَبَ إلَى أَنْ لَا مُتْعَةَ لِلَّتِي فَرَضَ لَهَا إذَا طَلُقَتْ قَبْلَ أَنْ تُمَسَّ وَلَهَا الْمُتْعَةُ فِي قَوْلِ مَنْ قَالَ الْمُتْعَةُ لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا كَانَ الصَّدَاقُ تَسْمِيَةً بِوَجْهٍ لَا يَجُوزُ إلَى أَجَلٍ أَوْ غَيْرِ أَجَلٍ، أَوْ يُذْكَرُ فِيهِ شَيْءٌ فَهُوَ صَدَاقٌ فَاسِدٌ لَهَا فِيهِ مَهْرُ مِثْلِهَا وَنِصْفُهُ إنْ طَلُقَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ وَلَوْ أَصْدَقَهَا بَيْتًا أَوْ خَادِمًا لَمْ يَصِفْهُ وَلَمْ تَعْرِفْهُ بِعَيْنِهِ كَانَ لَهَا صَدَاقُ مِثْلِهَا لَا يَكُونُ الصَّدَاقُ لَازِمًا إلَّا بِمَا تَلْزَمُ بِهِ الْبُيُوعُ أَلَا تَرَى لَوْ أَنَّ رَجُلًا بَاعَ بَيْتًا غَيْرَ مَوْصُوفٍ أَوْ خَادِمًا غَيْرَ مَوْصُوفٍ. وَلَا يَرَى وَاحِدًا مِنْهُمَا وَلَا يَعْرِفُهُ بِعَيْنِهِ لَمْ يَجُزْ وَهَكَذَا لَوْ قَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute