الَّتِي أَذِنَ اللَّهُ بِالتَّعْرِيضِ بِالْخِطْبَةِ فِيهَا الْعِدَّةُ مِنْ وَفَاةِ الزَّوْجِ وَإِذَا كَانَتْ الْوَفَاةُ فَلَا زَوْجَ يُرْجَى نِكَاحُهُ بِحَالٍ. وَلَا أُحِبُّ أَنْ يُعَرِّضَ الرَّجُلُ لِلْمَرْأَةِ فِي الْعِدَّةِ مِنْ الطَّلَاقِ الَّذِي لَا يَمْلِكُ فِيهِ الْمُطَلِّقُ الرَّجْعَةَ احْتِيَاطًا. وَلَا يُبَيِّنُ أَنْ لَا يَجُوزَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَالِكٍ أَمْرَهَا فِي عِدَّتِهَا كَمَا هُوَ غَيْرُ مَالِكِهَا إذَا حَلَّتْ مِنْ عِدَّتِهَا فَأَمَّا الْمَرْأَةُ يَمْلِكُ زَوْجُهَا رَجْعَتَهَا فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يُعَرِّضَ لَهَا بِالْخِطْبَةِ فِي الْعِدَّةِ لِأَنَّهَا فِي كَثِيرٍ مِنْ مَعَانِي الْأَزْوَاجِ وَقَدْ يُخَافُ إذَا عَرَّضَ لَهَا مَنْ تَرْغَبُ فِيهِ بِالْخِطْبَةِ أَنْ تَدَّعِيَ بِأَنَّ عِدَّتَهَا حَلَّتْ وَإِنْ لَمْ تَحِلَّ وَمَا قُلْت فِيهِ لَا يَجُوزُ التَّعْرِيضُ بِالْخِطْبَةِ أَوْ لَا يَجُوزُ التَّصْرِيحُ بِالْخِطْبَةِ فَحَلَّتْ الْعِدَّةُ ثُمَّ نَكَحَتْ الْمَرْأَةُ فَالنِّكَاحُ ثَابِتٌ بِمَا وَصَفْت. .
الْكَلَامُ الَّذِي يَنْعَقِدُ بِهِ النِّكَاحُ وَمَا لَا يَنْعَقِدُ
قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِنَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا} وَقَالَ تَعَالَى {وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا} وَقَالَ {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ} وَقَالَ {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} وَقَالَ {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} وَقَالَ {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا} وَقَالَ {إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ} وَقَالَ {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} (قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَسَمَّى اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى النِّكَاحَ اسْمَيْنِ النِّكَاحَ وَالتَّزْوِيجَ وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ} الْآيَةُ فَأَبَانَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنَّ الْهِبَةَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْهِبَةُ - وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ - تَجْمَعُ أَنْ يَنْعَقِدَ لَهُ عَلَيْهَا عُقْدَةُ النِّكَاحِ بِأَنْ تَهَبَ نَفْسَهَا لَهُ بِلَا مَهْرٍ وَفِي هَذَا دَلَالَةٌ عَلَى أَنْ لَا يَجُوزَ نِكَاحٌ إلَّا بِاسْمِ النِّكَاحِ أَوْ التَّزْوِيجِ وَلَا يَقَعُ بِكَلَامٍ غَيْرِهِمَا وَإِنْ كَانَتْ مَعَهُ نِيَّةُ التَّزْوِيجِ وَأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلطَّلَاقِ الَّذِي يَقَعُ بِمَا يُشْبِهُ الطَّلَاقَ مِنْ الْكَلَامِ مَعَ نِيَّةِ الطَّلَاقِ وَذَلِكَ أَنَّ الْمَرْأَةَ قَبْلَ أَنْ تُزَوَّجَ مُحَرَّمَةُ الْفَرْجِ فَلَا تَحِلُّ إلَّا بِمَا سَمَّى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّهَا تَحِلُّ بِهِ لَا بِغَيْرِهِ وَأَنَّ الْمَرْأَةَ الْمَنْكُوحَةَ تَحْرُمُ بِمَا حَرَّمَهَا بِهِ زَوْجُهَا مِمَّا ذَكَرَ اللَّهُ تَبَارَكَ اسْمُهُ فِي كِتَابِهِ أَوْ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ دَلَّتْ سُنَّةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى أَنَّ الطَّلَاقَ يَقَعُ بِمَا يُشْبِهُ الطَّلَاقَ إذَا أَرَادَ بِهِ الزَّوْجُ الطَّلَاقَ وَلَمْ يَجُزْ فِي الْكِتَابِ وَلَا السُّنَّةِ إحْلَالُ نِكَاحٍ إلَّا بِاسْمِ نِكَاحٍ أَوْ تَزْوِيجٍ فَإِذَا قَالَ سَيِّدُ الْأَمَةِ وَأَبُو الْبِكْرِ أَوْ الثَّيِّبِ أَوْ وَلِيُّهَا لِلرَّجُلِ قَدْ وَهَبْتهَا لَك أَوْ أَحْلَلْتهَا لَك أَوْ تَصَدَّقْت بِهَا عَلَيْك أَوْ أَبَحْت لَك فَرْجَهَا أَوْ مَلَّكْتُك فَرْجَهَا أَوْ صَيَّرْتهَا مِنْ نِسَائِك أَوْ صَيَّرْتهَا امْرَأَتَك أَوْ أَعْمَرْتُكَهَا أَوْ أَجَرْتُكَهَا حَيَاتَك أَوْ مَلَّكْتُك بُضْعَهَا أَوْ مَا أَشْبَهَ هَذَا أَوْ قَالَتْهُ الْمَرْأَةُ مَعَ الْوَلِيِّ وَقَبِلَهُ الْمُخَاطَبُ بِهِ نَفْسُهُ أَوْ قَالَ قَدْ تَزَوَّجْتهَا فَلَا نِكَاحَ بَيْنَهُمَا وَلَا نِكَاحَ أَبَدًا إلَّا بِأَنْ يَقُولَ قَدْ زَوَّجْتُكهَا أَوْ أَنْكَحْتُكهَا وَيَقُولُ الزَّوْجُ قَدْ قَبِلْت نِكَاحَهَا أَوْ قَبِلْت تَزْوِيجَهَا أَوْ يَقُولُ الْخَاطِبُ زَوِّجْنِيهَا أَوْ أَنْكِحْنِيهَا فَيَقُولُ الْوَلِيُّ قَدْ زَوَّجْتُكَهَا أَوْ أَنْكَحْتُكَهَا وَيُسَمِّيَانِهَا مَعًا بِاسْمِهَا وَنَسَبِهَا وَلَوْ قَالَ جِئْتُك خَاطِبًا لِفُلَانَةَ فَقَالَ قَدْ زَوَّجْتُكَهَا لَمْ يَكُنْ نِكَاحًا حَتَّى يَقُولَ قَدْ قَبِلْت تَزْوِيجَهَا وَلَوْ قَالَ جِئْتُك خَاطِبًا لِفُلَانَةَ فَزَوِّجْنِيهَا فَقَالَ قَدْ زَوَّجْتُكَهَا ثَبَتَ النِّكَاحُ وَلَمْ أَحْتَجْ إلَى أَنْ يَقُولَ قَدْ قَبِلْت تَزْوِيجَهَا وَلَا نِكَاحَهَا وَهَكَذَا لَوْ قَالَ الْوَلِيُّ قَدْ زَوَّجْتُك فُلَانَةَ فَقَالَ الزَّوْجُ قَدْ قَبِلْت وَلَمْ يَقُلْ تَزْوِيجَهَا لَمْ يَكُنْ نِكَاحًا حَتَّى يَقُولَ قَدْ قَبِلْت تَزْوِيجَهَا وَلَوْ قَالَ الْخَاطِبُ زَوِّجْنِي فُلَانَةَ فَقَالَ الْوَلِيُّ قَدْ فَعَلْت أَوْ قَدْ أَجَبْتُك إلَى مَا طَلَبْت أَوْ مَلَّكْتُك مَا طَلَبْت لَمْ يَكُنْ نِكَاحًا حَتَّى يَقُولَ قَدْ زَوَّجْتُكَهَا أَوْ أَنْكَحْتُكهَا فَإِنْ قَالَ زَوِّجْنِي فُلَانَةَ فَقَالَ قَدْ مَلَّكْتُك نِكَاحَهَا أَوْ مَلَّكْتُك بُضْعَهَا أَوْ مَلَّكْتُك أَمْرَهَا أَوْ جَعَلْت بِيَدِك أَمْرَهَا لَمْ يَكُنْ نِكَاحًا حَتَّى يَتَكَلَّمَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute