للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ السَّلَفِ فِي الْحِنْطَةِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): السَّلَفُ فِي الْبُلْدَانِ كُلِّهَا سَوَاءٌ، قَلَّ طَعَامُ الْبُلْدَانِ أَوْ كَثُرَ، فَإِذَا كَانَ الَّذِي يُسَلِّفُ فِيهِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَحِلُّ فِيهِ لَا يَخْتَلِفُ، وَوَصَفَ الْحِنْطَةَ فَقَالَ مَحْمُولَةٌ أَوْ مُوَلَّدَةٌ أَوْ بُوزَنْجَانِيَّةٌ وَجَيِّدَةٌ أَوْ رَدِيئَةٌ مِنْ صِرَامِ عَامِهَا أَوْ مِنْ صِرَامِ عَامٍ أَوَّلَ وَيُسَمِّي سَنَتَهُ وَصِفَاتِهِ جَازَ السَّلَفُ، وَإِنْ تَرَكَ مِنْ هَذَا شَيْئًا لَمْ يَجُزْ مِنْ قِبَلِ اخْتِلَافِهَا وَقِدَمِهَا وَحَدَاثَتِهَا وَصَفَائِهَا (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَيَصِفُ الْمَوْضِعَ الَّذِي يَقْبِضُهَا فِيهِ وَالْأَجَلَ الَّذِي يَقْبِضُهَا إلَيْهِ فَإِنْ تَرَكَ مِنْ هَذَا شَيْئًا لَمْ يَجُزْ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَقَالَ غَيْرُنَا إنْ تَرَكَ صِفَةَ الْمَوْضِعِ الَّذِي يَقْبِضُهَا فِيهِ فَلَا بَأْسَ وَيَقْبِضُهَا حَيْثُ أَسْلَفَهُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَقَدْ يُسَلِّفُهُ فِي سَفَرٍ فِي بَلْدَةٍ لَيْسَتْ بِدَارِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَلَا قُرْبُهَا طَعَامٌ فَلَوْ يُكَلَّفُ الْحِمْلَ إلَيْهَا أَضَرَّ بِهِ وَبِاَلَّذِي سَلَّفَهُ وَيُسَلِّفُهُ فِي سَفَرٍ فِي بَحْرٍ (قَالَ): وَكُلُّ مَا كَانَ لِحِمْلِهِ مُؤْنَةٌ مِنْ طَعَامٍ وَغَيْرِهِ لَمْ يَجُزْ عِنْدِي أَنْ يَدَعَ شَرْطَ الْمَوْضِعِ الَّذِي يُوَفِّيهِ إيَّاهُ فِيهِ كَمَا قُلْت فِي الطَّعَامِ وَغَيْرِهِ لِمَا وَصَفْت، وَإِذَا سَلَّفَ فِي حِنْطَةٍ بِكَيْلٍ فَعَلَيْهِ أَنْ يُوَفِّيَهُ إيَّاهَا نَقِيَّةً مِنْ التِّبْنِ وَالْقَصْلِ وَالْمَدَرِ وَالْحَصَى وَالزُّوَانِ وَالشَّعِيرِ وَمَا خَالَطَهَا مِنْ غَيْرِهَا؛ لِأَنَّا لَوْ قَضَيْنَا عَلَيْهِ أَنْ يَأْخُذَهَا وَفِيهَا مِنْ هَذَا شَيْءٌ كُنَّا لَمْ نُوَفِّهِ مَكِيلَهُ قِسْطَهُ حِينَ خَلَطَهَا بِشَيْءٍ مِنْ هَذَا؛ لِأَنَّ لَهُ مَوْقِعًا مِنْ مِكْيَالٍ فَكَانَ لَوْ أُجْبِرَ عَلَى أَخْذِ هَذَا أُجْبِرَ عَلَى أَخْذِ أَقَلَّ مِنْ طَعَامِهِ بِأَمْرٍ لَا يَعْرِفُهُ وَمَكِيلَةٍ لَمْ يُسَلَّفْ فِيهَا مِنْ هَذَا لَا يَعْرِفُهَا.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَا يَأْخُذُ شَيْئًا مِمَّا أَسْلَفَ فِيهِ مُتَعَيَّبًا بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ كَسُوسٍ، وَلَا مَا أَصَابَهُ، وَلَا غَيَّرَهُ، وَلَا مِمَّا إذَا رَآهُ أَهْلُ الْعِلْمِ بِهِ قَالُوا هَذَا عَيْبٌ فِيهِ.

بَابُ السَّلَفِ فِي الذُّرَةِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَالذُّرَةُ كَالْحِنْطَةِ تُوصَفُ بِجِنْسِهَا وَلَوْنِهَا وَجَوْدَتِهَا وَرَدَاءَتِهَا وَجِدَّتِهَا وَعِتْقِهَا وَصِرَامِ عَامِ كَذَا أَوْ عَامِ كَذَا وَمَكِيلَتِهَا وَأَجَلِهَا فَإِنْ تَرَكَ مِنْ هَذَا شَيْئًا لَمْ يَجُزْ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَقَدْ تُدْفَنُ الذُّرَةُ، وَبَعْضُ الدَّفْنِ عَيْبٌ لَهَا فَمَا كَانَ مِنْهُ لَهَا عَيْبًا لَمْ يَكُنْ لِلْبَائِعِ أَنْ يَدْفَعَهُ إلَى الْمُبْتَاعِ وَكَذَلِكَ كُلُّ عَيْبٍ لَهَا وَعَلَيْهِ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ ذُرَةً بَرِيئَةً نَقِيَّةً مِنْ حَشَرِهَا إذَا كَانَ الْحَشَرُ عَلَيْهَا كَمَا كِمَامُ الْحِنْطَةِ عَلَيْهَا.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَمَا كَانَ مِنْهَا إلَى الْحُمْرَةِ مَا هُوَ بِالْحُمْرَةِ لَوْنٌ لِأَعْلَاهُ كَلَوْنِ أَعْلَى التُّفَّاحِ وَالْأَرُزِّ وَلَيْسَ بِقِشْرَةٍ عَلَيْهِ تُطْرَحُ عَنْهُ لَا كَمَا تُطْرَحُ نُخَالَةُ الْحِنْطَةِ بَعْدَ الطَّحْنِ، فَأَمَّا قَبْلَ الطَّحْنِ وَالْهَرْسِ فَلَا يَقْدِرُ عَلَى طَرْحِهَا، وَإِنَّمَا قُلْنَا لَا يَجُوزُ السَّلَفُ فِي الْحِنْطَةِ فِي أَكْمَامِهَا وَمَا كَانَ مِنْ الذُّرَةِ فِي حَشَرِهَا؛ لِأَنَّ الْحَشَرَ وَالْأَكْمَامَ غِلَافَانِ فَوْقَ الْقِشْرَةِ الَّتِي هِيَ مِنْ نَفْسِ الْحَبَّةِ الَّتِي هِيَ إنَّمَا هِيَ لِلْحَبَّةِ كَمَا هِيَ مِنْ خِلْقَتِهَا لَا تَتَمَيَّزُ مَا كَانَتْ الْحَبَّةُ قَائِمَةً إلَّا بِطَحْنٍ أَوْ هَرْسٍ فَإِذَا طُرِحَتْ بِهَرْسٍ لَمْ يَكُنْ لِلْحَبَّةِ بَقَاءٌ؛ لِأَنَّهَا كَمَالُ خِلْقَتِهَا كَالْجِلْدِ تَكْمُلُ بِهِ الْخِلْقَةُ لَا يَتَمَيَّزُ مِنْهَا وَالْأَكْمَامُ وَالْحَشَرُ يَتَمَيَّزُ، وَيَبْقَى الْحَبُّ بِحَالِهِ لَا يَضُرُّ بِهِ طَرْحُ ذَلِكَ عَنْهُ (قَالَ): فَإِنْ شُبِّهَ عَلَى أَحَدٍ بِأَنْ يَقُولَ فِي الْجَوْزِ وَاللَّوْزِ يَكُونُ عَلَيْهِ الْقِشْرُ: فَالْجَوْزُ وَاللَّوْزُ مِمَّا لَهُ قِشْرٌ لَا صَلَاحَ لَهُ إذَا رُفِعَ إلَّا بِقِشْرِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا طُرِحَ عَنْهُ قِشْرُهُ ثُمَّ تُرِكَ عُجِّلَ فَسَادُهُ وَالْحَبُّ يُطْرَحُ قِشْرُهُ الَّذِي هُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>