للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فُلَانٍ، فَاقْبَلْ فِي أَنْ تُخْبِرَك امْرَأَةٌ عَنْ امْرَأَةٍ أَنَّ امْرَأَةَ رَجُلٍ وَلَدَتْ هَذَا الْوَلَدَ؟ قَالَ وَلَا أَقْبَلُ هَذَا حَتَّى أَقِفَ الَّتِي شَهِدَتْ، أَوْ يَشْهَدَ عَلَيْهَا مَنْ تَجُوزُ شَهَادَتُهُ بِأَمْرٍ قَاطِعٍ قُلْت وَأَنْزَلْته مَنْزِلَةَ الْخَبَرِ؟ قَالَ أَمَّا فِي هَذَا فَلَا قُلْت فَفِي أَيِّ شَيْءٍ أَنْزَلْته مَنْزِلَةَ الْخَبَرِ؟ هَلْ عَدَوْت بِهَذَا أَنْ قُلْت هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْخَبَرِ وَلَمْ تَقِسْهُ فِي شَيْءٍ غَيْرِ الْأَصْلِ الَّذِي قُلْت؟ فَأَسْمَعُك إذًا تَضَعُ الْأُصُولَ لِنَفْسِك قَالَ فَمِنْ أَصْحَابِك مَنْ قَالَ لَا يَجُوزُ أَقَلُّ مِنْ شَهَادَةِ امْرَأَتَيْنِ قُلْت لَهُ هَلْ رَأَيْتنِي أَذْكُرُ لَك قَوْلًا لَا تَقُولُ بِهِ؟.

قَالَ لَا قُلْت فَكَيْفَ ذَكَرْت لِي مَا لَا أَقُولُ بِهِ؟ قَالَ فَإِلَى أَيِّ شَيْءٍ ذَهَبَ مَنْ ذَهَبَ إلَى مَا ذَهَبْنَا إلَيْهِ مِنْ أَنَّهُ خَبَرٌ لَا شَهَادَةٌ وَلَا إلَى مَا ذَهَبْت إلَيْهِ مِنْ أَنْ تَقُولَ بِهِ عَلَى مَعْنَى كِتَابِ اللَّهِ وَمَا أَعْرِفُ لَهُ مُتَقَدِّمًا يَلْزَمُ قَوْلُهُ فَقُلْت لَهُ أَنْ تَنْتَقِلَ عَنْ قَوْلِك الَّذِي يَلْزَمُك فِيهِ عِنْدِي أَنْ تَنْتَقِلَ عَنْهُ أَوْلَى بِك مِنْ ذِكْرِ قَوْلِ غَيْرِك فَهَذَا أَمْرٌ لَمْ نُكَلَّفْهُ نَحْنُ وَلَا أَنْتَ، وَلَوْلَا عَرْضُك بِتَرْفِيعِ قَوْلِك وَتَخْطِئَةِ مَنْ خَالَفَك كُنَّا شَبِيهًا أَنْ نَدَعَ حِكَايَةَ قَوْلِك قَالَ فَإِنْ شَهِدَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ رَجُلَانِ، أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ قُلْت أُجِيزُ الشَّهَادَةَ وَتَكُونُ أَوْثَقَ عِنْدِي مِنْ شَهَادَةِ النِّسَاءِ لَا رَجُلَ مَعَهُنَّ قَالَ وَكَيْفَ لَمْ تَعُدَّهُمْ بِالشَّهَادَةِ فُسَّاقًا وَلَا تُجِيزُ شَهَادَتَهُمْ؟ قُلْت الشَّهَادَةُ غَيْرُ الْفِسْقِ قَالَ فَادْلُلْنِي عَلَى مَا وَصَفْت قُلْت قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَاللاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ} «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِسَعْدٍ حِينَ قَالَ لَهُ أُمْهِلُهُ حَتَّى آتِيَ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ قَالَ نَعَمْ» وَالشُّهُودُ عَلَى الزِّنَا نَظَرُوا مِنْ الْمَرْأَةِ إلَى مُحَرَّمٍ وَمِنْ الرَّجُلِ إلَى مُحَرَّمٍ فَلَوْ كَانَ النَّظَرُ لِغَيْرِ إقَامَةِ شَهَادَةٍ كَانَ حَرَامًا فَلَمَّا كَانَ لِإِقَامَةِ شَهَادَةٍ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَأْمُرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، ثُمَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا بِمُبَاحٍ لَا بِمُحَرَّمٍ فَكُلُّ مَنْ نَظَرَ لِيُثْبِتَ شَهَادَتَهُ لِلَّهِ، أَوْ لِلنَّاسِ فَلَيْسَ بِجَرْحٍ وَمَنْ نَظَرَ لِلتَّلَذُّذِ وَغَيْرِ شَهَادَةٍ عَامِدًا كَانَ جَرْحًا إلَّا أَنْ يَعْفُوَ اللَّهُ عَنْهُ.

بَابُ شَرْطِ الَّذِينَ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَكَانَ الَّذِي يَعْرِفُ مَنْ خُوطِبَ بِهَذَا أَنَّهُ أُرِيدَ بِهِ الْأَحْرَارُ الْمَرْضِيُّونَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ قِبَلِ أَنَّ رِجَالَنَا وَمَنْ نَرْضَاهُ أَهْلُ دِينِنَا لَا الْمُشْرِكُونَ لِقَطْعِ اللَّهِ الْوِلَايَةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ بِالدِّينِ وَرِجَالُنَا أَحْرَارُنَا وَاَلَّذِينَ نَرْضَى أَحْرَارُنَا لَا مَمَالِيكُنَا الَّذِينَ يَغْلِبُهُمْ مَنْ يَمْلِكُهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ أُمُورِهِمْ وَأَنَّا لَا نَرْضَى أَهْلَ الْفِسْقِ مِنَّا وَأَنَّ الرِّضَا إنَّمَا يَقَعُ عَلَى الْعَدْلِ مِنَّا وَلَا يَقَعُ إلَّا عَلَى الْبَالِغِينَ لِأَنَّهُ إنَّمَا خُوطِبَ بِالْفَرَائِضِ الْبَالِغُونَ دُونَ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ فَإِذَا كَانَتْ الشَّهَادَةُ لِيَقْطَعَ بِهَا لَمْ يَجُزْ أَنْ يَتَوَهَّمَ أَحَدٌ أَنَّهُ يَقْطَعُ بِمَنْ لَمْ يَبْلُغْ أَكْثَرَ الْفَرَائِضِ الْبَالِغُونَ دُونَ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ فَإِذَا كَانَتْ الشَّهَادَةُ لِيُقْطَعَ بِهَا لَمْ يَجُزْ أَنْ يَتَوَهَّمَ أَحَدٌ أَنَّهُ يُقْطَعُ بِمَنْ لَمْ يَبْلُغْ أَكْثَرَ الْفَرَائِضِ فَإِذَا لَمْ يَلْزَمْهُ أَكْثَرُ الْفَرَائِضِ فِي نَفْسِهِ لَمْ يُلْزَمْ غَيْرُهُ فَرْضًا بِشَهَادَتِهِ وَلَمْ أَعْلَمْ مُخَالِفًا لَقِيته فِي أَنَّهُ أُرِيدَ بِهَا الْأَحْرَارُ الْعُدُولُ فِي كُلِّ شَهَادَةٍ عَلَى مُسْلِمٍ غَيْرَ أَنَّ مِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ ذَهَبَ إلَى أَنْ يُجِيزَ شَهَادَةَ الصِّبْيَانِ فِي الْجِرَاحِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقُوا فَإِذَا تَفَرَّقُوا لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُمْ عِنْدَهُ.

وَقَوْلُ اللَّهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>