دِيَةُ الْعَيْنَيْنِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ) - رَحِمَهُ اللَّهُ -: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ «الْكِتَابَ الَّذِي كَتَبَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ وَفِي الْعَيْنِ خَمْسُونَ وَفِي الْيَدِ خَمْسُونَ وَفِي الرِّجْلِ خَمْسُونَ» (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَفِي الْحَدِيثِ مَا يُبَيِّنُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَعْنِي خَمْسِينَ مِنْ الْإِبِلِ (قَالَ): وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ كُلَّ مَا كَانَ مِنْ تَمَامِ خِلْقَةِ الْإِنْسَانِ وَكَانَ يَأْلَمُ بِقَطْعِهِ مِنْهُ فَكَانَ فِي الْإِنْسَانِ مِنْهُ اثْنَانِ فَفِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُ الدِّيَةِ وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْعَيْنُ الْعَمْشَاءُ الْقَبِيحَةُ الضَّعِيفَةُ الْبَصَرِ وَالْعَيْنُ الْحَسَنَةُ التَّامَّةُ الْبَصَرِ وَعَيْنُ الصَّبِيِّ وَالشَّيْخِ الْكَبِيرِ وَالشَّابِّ إنْ ذَهَبَ بَصَرُ الْعَيْنِ فَفِيهَا نِصْفُ الدِّيَةِ أَوْ بُخِقَتْ أَوْ صَارَتْ قَائِمَةً مِنْ الْجِنَايَةِ فَفِيهَا نِصْفُ الدِّيَةِ وَإِذَا ذَهَبَ بَصَرُهَا وَكَانَتْ قَائِمَةً فَبُخِقَتْ فَفِيهَا حُكُومَةٌ وَلَوْ كَانَ عَلَى سَوَادِ الْعَيْنِ بَيَاضٌ مُتَنَحٍّ عَنْ النَّاظِرِ ثُمَّ فُقِئَتْ الْعَيْنُ كَانَتْ دِيَتُهَا كَامِلَةً وَلَوْ كَانَ الْبَيَاضُ عَلَى بَعْضِ النَّاظِرِ كَانَ فِيهَا مِنْ الدِّيَةِ بِحِسَابِ مَا صَحَّ مِنْ النَّاظِرِ وَأُلْغِيَ مَا يُغَطَّى مِنْ النَّاظِرِ وَلَوْ كَانَ الْبَيَاضُ رَقِيقًا يُبْصِرُ مِنْ وَرَائِهِ وَلَا يَمْنَعُ شَيْئًا مِنْ الْبَصَرِ وَلَكِنَّهُ يَكِلُهُ كَانَ كَالْعِلَّةِ مِنْ غَيْرِهِ وَكَانَ فِيهَا الدِّيَةُ تَامَّةً وَإِذَا نَقَصَ الْبَيَاضُ الْبَصَرَ وَلَمْ يَذْهَبْ كَانَ فِيهِ مِنْ الدِّيَةِ بِحِسَابِ نُقْصَانِهِ، وَعِلَلُ الْبَصَرِ وَقِيَاسُ نَقْصِهِ مَكْتُوبٌ فِي كِتَابِ الْعَمْدِ وَسَوَاءٌ الْعَيْنُ الْيُمْنَى وَالْيُسْرَى وَعَيْنُ الْأَعْوَرِ وَعَيْنُ الصَّحِيحِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ فِي عَيْنِ الْأَعْوَرِ الدِّيَةُ تَامَّةٌ وَإِنَّمَا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْعَيْنِ بِخَمْسِينَ وَهِيَ نِصْفُ الدِّيَةِ وَعَيْنُ الْأَعْوَرِ لَا تَعْدُو أَنْ تَكُونَ عَيْنًا وَإِذَا فَقَأَ الرَّجُلُ عَيْنَ الرَّجُلِ فَقَالَ فَقَأْتهَا وَهِيَ قَائِمَةٌ وَقَالَ الْمَفْقُوءَةُ عَيْنُهُ إنْ كَانَ حَيًّا أَوْ أَوْلِيَاؤُهُ إنْ كَانَ مَيِّتًا فَقَأَهَا صَحِيحَةً فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْفَاقِئِ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ الْمَفْقُوءَةُ عَيْنُهُ أَوْ أَوْلِيَاؤُهُ بِالْبَيِّنَةِ أَنَّهُ أَبْصَرَ بِهَا فِي حَالٍ فَإِذَا جَاءُوا بِهَا بِأَنَّهُ كَانَ يُبْصِرُ بِهَا فِي حَالٍ فَهِيَ صَحِيحَةٌ وَإِنْ لَمْ يَشْهَدُوا أَنَّهُ كَانَ يُبْصِرُ بِهَا فِي الْحَالِ الَّتِي فَقَأَهَا فِيهِ حَتَّى يَأْتِيَ الْفَاقِئُ بِالْبَيِّنَةِ أَنَّهُ فَقَأَهَا قَائِمَةً وَهَكَذَا إذَا فَقَأَ عَيْنَ الصَّبِيِّ فَقَالَ فَقَأْتهَا وَلَا يُبْصِرُ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُ فَقَأَهَا وَقَدْ أَبْصَرَ فَعَلَيْهِمْ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ أَبْصَرَ بِهَا بَعْدَ أَنْ وُلِدَ وَيَسَعُ الشُّهُودُ الشَّهَادَةَ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يُبْصِرُ بِهَا وَإِنْ لَمْ يَتَكَلَّمْ إذَا رَأَوْهُ يُتْبِعُ الشَّيْءَ بِبَصَرِهِ وَتَطْرِفُ عَيْنَاهُ وَيَتَوَقَّاهُ وَهَكَذَا إنْ أَصَابَ الْيَدَ فَقَالَ أَصَبْتهَا شَلَّاءَ وَقَالَ الْمُصَابَةُ يَدُهُ صَحِيحَةً فَعَلَى الْمُصَابَةِ يَدُهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْبَيِّنَةِ أَنَّهَا كَانَتْ فِي حَالٍ تَنْقَبِضُ وَتَنْبَسِطُ فَإِذَا جَاءَ بِهَا فَهِيَ عَلَى الصِّحَّةِ حَتَّى يَأْتِيَ الْجَانِي بِالْبَيِّنَةِ أَنَّهَا شُلَّتْ بَعْدَ الِانْقِبَاضِ وَالِانْبِسَاطِ وَأَصَابَهَا شَلَّاءَ وَهَكَذَا إذَا قَطَعَ ذَكَرَ الرَّجُلِ أَوْ الصَّبِيِّ فَقَالَ قَطَعْته أَشَلَّ أَوْ قَالَ قَدْ قُطِعَ بَعْضُهُ فَعَلَى الْمَقْطُوعِ ذَكَرُهُ أَوْ أَوْلِيَاؤُهُ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ كَانَ يَتَحَرَّكُ فِي حَالٍ فَإِذَا جَاءَ بِهَا فَهِيَ عَلَى الصِّحَّةِ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّهُ أَشَلُّ بَعْدَ الصِّحَّةِ وَإِذَا أَصَابَ عَيْنَ الرَّجُلِ الْقَائِمَةَ فَفِيهَا حُكُومَةٌ.
دِيَةُ أَشْفَارِ الْعَيْنَيْنِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَإِذَا قَطَعَ جُفُونَ الْعَيْنَيْنِ حَتَّى يَسْتَأْصِلَهَا فَفِيهَا الدِّيَةُ كَامِلَةٌ فِي كُلِّ جَفْنٍ رُبُعُ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّهَا أَرْبَعَةٌ فِي الْإِنْسَانِ وَهِيَ مِنْ تَمَامِ خِلْقَتِهِ وَمِمَّا يَأْلَمُ بِقَطْعِهِ قِيَاسًا عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَعَلَ فِي بَعْضِ مَا فِي الْإِنْسَانِ مِنْهُ وَاحِدٌ الدِّيَةُ وَفِي بَعْضِ مَا فِي الْإِنْسَانِ مِنْهُ اثْنَانِ نِصْفُ الدِّيَةِ وَلَوْ فَقَأَ الْعَيْنَيْنِ وَقَطَعَ جُفُونَهُمَا كَانَ فِي الْعَيْنَيْنِ الدِّيَةُ وَفِي الْجُفُونِ الدِّيَةُ؛ لِأَنَّ الْعَيْنَيْنِ غَيْرُ الْجُفُونِ وَلَوْ نَتَفَ أَهْدَابَهُمَا فَلَمْ تَنْبُتْ كَانَ فِيهَا حُكُومَةٌ وَلَيْسَ فِي شَعْرِ الشَّفْرِ أَرْشٌ مَعْلُومٌ؛ لِأَنَّ الشَّعْرَ بِنَفْسِهِ يَنْقَطِعُ فَلَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute