غُرْمُ السَّارِقِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَإِذَا وُجِدَتْ السَّرِقَةُ فِي يَدِ السَّارِقِ قَبْلَ يُقْطَعَ رُدَّتْ إلَى صَاحِبِهَا وَقُطِعَ وَإِنْ كَانَ أَحْدَثَ فِي السَّرِقَةِ شَيْئًا يُنْقِصُهَا رُدَّتْ إلَيْهِ وَمَا نَقَصَهَا ضَامِنٌ عَلَيْهِ يُتْبَعُ بِهِ وَإِنْ أَتْلَفَ السِّلْعَةَ قُطِعَ أَيْضًا وَكَانَتْ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا يَوْمَ سَرَقَهَا وَيَضْمَنُ قِيمَتَهَا إذَا فَاتَتْ. وَكَذَلِكَ قَاطِعُ الطَّرِيقِ وَكُلُّ مَنْ أَتْلَفَ لِإِنْسَانٍ شَيْئًا مِمَّا يُقْطَعُ فِيهِ أَوْ لَا يَقْطَعُ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ ذَلِكَ وَيَضْمَنُهُ مَنْ أَتْلَفَهُ وَالْقَطْعُ لِلَّهِ لَا يُسْقِطُ غُرْمُهُ مَا أَتْلَفَ لِلنَّاسِ.
حَدُّ قَاطِعِ الطَّرِيقِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ -: قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا} الْآيَةَ (قَالَ الشَّافِعِيُّ) أَخْبَرَنَا إبْرَاهِيمُ عَنْ صَالِحٍ مَوْلَى التَّوْأَمَةِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قُطَّاعِ الطَّرِيقِ إذَا قَتَلُوا وَأَخَذُوا الْمَالَ، قُتِلُوا وَصُلِبُوا وَإِذَا قَتَلُوا وَلَمْ يَأْخُذُوا الْمَالَ، قُتِلُوا وَلَمْ يُصْلَبُوا وَإِذَا أَخَذُوا الْمَالَ وَلَمْ يَقْتُلُوا، قُطِعَتْ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ وَإِذَا هَرَبُوا طُلِبُوا حَتَّى يُوجَدُوا فَتُقَامَ عَلَيْهِمْ الْحُدُودُ وَإِذَا أَخَافُوا السَّبِيلَ وَلَمْ يَأْخُذُوا مَالًا نُفُوا مِنْ الْأَرْضِ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَبِهَذَا نَقُولُ وَهُوَ مُوَافِقٌ مَعْنَى كِتَابِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَذَلِكَ أَنَّ الْحُدُودَ إنَّمَا نَزَلَتْ فِيمَنْ أَسْلَمَ فَأَمَّا أَهْلُ الشِّرْكِ فَلَا حُدُودَ فِيهِمْ إلَّا الْقَتْلُ أَوْ السِّبَاءُ وَالْجِزْيَةُ وَاخْتِلَافُ حُدُودِهِمْ بِاخْتِلَافِ أَفْعَالِهِمْ عَلَى مَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى {إِلا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ} فَمَنْ تَابَ قَبْلَ أَنْ يُقْدَرَ عَلَيْهِ سَقَطَ حَقُّ اللَّهِ عَنْهُ وَأُخِذَ بِحُقُوقِ بَنِي آدَمَ. وَلَا يُقْطَعُ مِنْ قُطَّاعِ الطَّرِيقِ إلَّا مَنْ أَخَذَ قِيمَةَ رُبُعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا قِيَاسًا عَلَى السُّنَّةِ فِي السَّارِقِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَالْمُحَارِبُونَ الَّذِينَ هَذِهِ حُدُودُهُمْ الْقَوْمُ يَعْرِضُونَ بِالسِّلَاحِ لِلْقَوْمِ حَتَّى يَغْصِبُوهُمْ مُجَاهَرَةً فِي الصَّحَارِيِ وَالطُّرُقِ (قَالَ): وَأَرَى ذَلِكَ فِي دِيَارِ أَهْلِ الْبَادِيَةِ وَفِي الْقُرَى سَوَاءٌ إنْ لَمْ يَكُنْ مَنْ كَانَ فِي الْمِصْرِ أَعْظَمَ ذَنْبًا فَحُدُودُهُمْ وَاحِدَةٌ فَإِذَا عَرَضَ اللُّصُوصُ لِجَمَاعَةٍ أَوْ وَاحِدٍ مُكَابَرَةً بِسِلَاحٍ فَاخْتَلَفَ أَفْعَالُ الْعَارِضِينَ فَكَانَ مِنْهُمْ مَنْ قَتَلَ وَأَخَذَ الْمَالَ وَمِنْهُمْ مَنْ قَتَلَ وَلَمْ يَأْخُذْ مَالًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَ مَالًا وَلَمْ يَقْتُلْ وَمِنْهُمْ مَنْ كَثَّرَ الْجَمَاعَةَ وَهَيَّبَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ رِدْءًا لِلُّصُوصِ يَتَقَوَّوْنَ بِمَكَانِهِ أُقِيمَتْ عَلَيْهِمْ الْحُدُودُ بِاخْتِلَافِ أَفْعَالِهِمْ عَلَى مَا وَصَفْت. وَيَنْظُرُ إلَى مَنْ قَتَلَ مِنْهُمْ وَأَخَذَ مَالًا فَيَقْتُلُهُ وَيَصْلُبُهُ وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَبْدَأَ بِقَتْلِهِ قَبْلَ صَلْبِهِ؛ لِأَنَّ فِي صَلْبِهِ وَقَتْلِهِ عَلَى الْخَشَبَةِ تَعْذِيبًا لَهُ يُشْبِهُ الْمُثْلَةَ وَقَدْ قَالَ غَيْرِي: يُصْلَبُ ثُمَّ يُطْعَنُ فَيُقْتَلُ. وَإِذَا قَتَلَ وَلَمْ يَأْخُذْ مَالًا قُتِلَ وَدُفِعَ إلَى أَوْلِيَائِهِ فَيَدْفِنُوهُ أَوْ يَدْفِنُهُ غَيْرُهُمْ، وَمَنْ أَخَذَ مَالًا وَلَمْ يَقْتُلْ قُطِعَتْ يَدُهُ الْيُمْنَى ثُمَّ حُسِمَتْ ثُمَّ رِجْلُهُ الْيُسْرَى ثُمَّ حُسِمَتْ فِي مَكَان وَاحِدٍ وَخُلِّيَ، وَمَنْ حَضَرَ وَكَثَّرَ وَهَيَّبَ أَوْ كَانَ رِدْءًا يَدْفَعُ عَنْهُمْ عُزِّرَ وَحُبِسَ وَسَوَاءٌ افْتَرَقَتْ أَفْعَالُهُمْ كَمَا وَصَفْت فِي مَقَامٍ وَاحِدٍ أَوْ كَانَتْ جَمَاعَةٌ كَابَرَتْ فَفَعَلَتْ فِعْلًا وَاحِدًا مَثَلًا: قَتْلٍ وَحْدَهُ أَوْ قَتْلٍ وَأَخْذِ مَالٍ أَوْ أَخْذِ مَالٍ بِلَا قَتْلٍ حُدَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حَدَّ مِثْلِهِ بِقَدْرِ فِعْلِهِ وَلَوْ هِيبُوا وَلَمْ يَبْلُغُوا قَتْلًا وَلَا أَخْذَ مَالٍ عُزِّرُوا وَلَوْ هِيبُوا وَجَرَحُوا أَقَصَّ مِنْهُمْ بِمَا فِيهِ الْقِصَاصُ وَعُزِّرُوا وَحُبِسُوا وَلَوْ كَانَ الْقَاتِلُ قَتَلَ مِنْهُمْ رَجُلًا وَجَرَحَ آخَرَ أَقُصُّ صَاحِبَ الْجُرْحِ مِنْهُ ثُمَّ قُتِلَ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ أَخَذَ الْمَالَ وَجَرَحَ أَقُصُّ صَاحِبَ الْجُرْحِ ثُمَّ قُطِعَ لَا تَمْنَعُ حُقُوقُ اللَّهِ حُقُوقَ الْآدَمِيِّينَ فِي الْجِرَاحِ وَغَيْرِهَا وَلَوْ كَانَتْ الْجِرَاحُ مِمَّا لَا قِصَاصَ فِيهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute