للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى هَذَا فَزَنَى بِامْرَأَتِهِ فَأُخْبِرْتُ أَنَّ عَلَى ابْنِي الرَّجْمَ فَافْتَدَيْت مِنْهُ بِمِائَةِ شَاةٍ وَجَارِيَةٍ ثُمَّ إنِّي سَأَلْت أَهْلَ الْعِلْمِ فَأَخْبَرُونِي إنَّمَا عَلَى ابْنِي جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ وَإِنَّمَا الرَّجْمُ عَلَى امْرَأَتِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَا وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ. أَمَّا غَنَمُكَ وَجَارِيَتُكَ فَرَدٌّ عَلَيْكَ وَجَلَدَ ابْنَهُ مِائَةً وَغَرَّبَهُ عَامًا، وَأَمَرَ أُنَيْسًا الْأَسْلَمِيَّ أَنْ يَأْتِيَ امْرَأَةَ الْآخَرِ فَإِنْ اعْتَرَفَتْ رَجَمَهَا فَاعْتَرَفَتْ فَرَجَمَهَا» قَالَ مَالِكٌ وَالْعَسِيفُ الْأَخِيرُ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ) أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ سَمِعْت عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَقُولُ: الرَّجْمُ فِي كِتَابِ اللَّهِ حَقٌّ عَلَى مَنْ زَنَى مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ إذَا أُحْصِنَ إذَا قَامَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ أَوْ كَانَ الْحَبَلُ أَوْ الِاعْتِرَافُ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ) أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجَمَ يَهُودِيًّا وَيَهُودِيَّةً زَنَيَا».

(قَالَ الشَّافِعِيُّ) أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَتَاهُ رَجُلٌ وَهُوَ بِالشَّامِ فَذَكَرَ لَهُ أَنَّهُ وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا فَبَعَثَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَبَا وَاقِدٍ اللَّيْثِيَّ إلَى امْرَأَتِهِ يَسْأَلُهَا عَنْ ذَلِكَ فَأَتَاهَا وَعِنْدَهَا نِسْوَةٌ حَوْلَهَا فَذَكَرَ لَهَا الَّذِي قَالَ زَوْجُهَا لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَأَخْبَرَهَا أَنَّهَا لَا تُؤْخَذُ بِقَوْلِهِ وَجَعَلَ يُلَقِّنُهَا أَشْبَاهَ ذَلِكَ لِتَنْزِعَ فَأَبَتْ أَنْ تَنْزِعَ وَثَبَتَتْ عَلَى الِاعْتِرَافِ فَأَمَرَ بِهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَرُجِمَتْ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَبِكِتَابِ اللَّهِ ثُمَّ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ فِعْلِ عُمَرَ نَأْخُذُ فِي هَذَا كُلِّهِ وَإِذَا تَزَوَّجَ الرَّجُلُ حُرَّةً مُسْلِمَةً أَوْ يَهُودِيَّةً أَوْ نَصْرَانِيَّةً أَوْ لَمْ يَجِدْ طَوْلًا فَتَزَوَّجَ أَمَةً ثُمَّ أَصَابَهَا بَعْدَ بُلُوغِهِ فَهُوَ مُحْصَنٌ وَإِذَا تَزَوَّجَتْ الْحُرَّةُ الْمُسْلِمَةُ أَوْ الذِّمِّيَّةُ زَوْجًا حُرًّا أَوْ عَبْدًا فَأَصَابَهَا بَعْدَ بُلُوغِهَا فَهِيَ مُحْصَنَةٌ وَأَيُّهُمَا زَنَى أُقِيمَ عَلَيْهِ حَدُّ الْمُحْصَنِ بِمُحْصَنَةٍ أَوْ بِكْرٍ أَوْ أَمَةٍ أَوْ مُسْتَكْرَهَةٍ وَسَوَاءٌ زَنَتْ الْمُحْصَنَةُ بِعَبْدٍ أَوْ حُرٍّ أَوْ مَعْتُوهٍ يُقَامُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَدُّهُ. وَحَدُّ الْمُحْصَنِ وَالْمُحْصَنَةِ أَنْ يُرْجَمَا بِالْحِجَارَةِ حَتَّى يَمُوتَا ثُمَّ يُغَسَّلَا وَيُصَلَّى عَلَيْهِمَا وَيُدْفَنَا.

وَلَا يَحْضُرُ الْإِمَامُ الْمَرْجُومِينَ وَلَا الشُّهُودَ؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ رَجَمَ رَجُلًا وَامْرَأَةً وَلَمْ يَحْضُرْهُمَا وَلَمْ يَحْضُرْ عُمَرُ وَلَا عُثْمَانُ أَحَدًا رَجَمَاهُ عَلِمْنَا وَلَا يَحْضُرُ ذَلِكَ الشُّهُودُ عَلَى الزَّانِي. أَقَلُّ مَا يَحْضُرُ حَدُّ الزَّانِي فِي الْجَلْدِ وَالرَّجْمِ أَرْبَعَةٌ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}. .

وَشُهُودُ الزِّنَا أَرْبَعَةٌ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): فَإِنْ زَنَى بِكْرٌ بِامْرَأَةٍ ثَيِّبٍ رُجِمَتْ الْمَرْأَةُ وَجُلِدَ الْبِكْرُ مِائَةً وَنُفِيَ سَنَةً. ثُمَّ يُؤْذَنُ لَهُ فِي الْبَلَدِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ وَيَنْفِي الْمَرْأَةَ وَالرَّجُلَ الْحُرَّانِ مَعًا إذَا زَنَيَا وَلَا يُقَامُ الْحَدُّ عَلَى الزَّانِي إلَّا بِأَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهِ أَرْبَعَةُ شُهَدَاءَ عُدُولٌ.

ثُمَّ يَقِفَهُمْ الْحَاكِمُ حَتَّى يُثْبِتُوا أَنَّهُمْ رَأَوْا ذَلِكَ مِنْهُ يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ مِنْهَا دُخُولَ الْمِرْوَدِ فِي الْمُكْحُلَةِ فَإِذَا أَثْبَتُوا ذَلِكَ حُدَّ الزَّانِي وَالزَّانِيَةُ حَدَّهُمَا أَوْ بِاعْتِرَافٍ مِنْ الزَّانِي وَالزَّانِيَةِ فَإِذَا اعْتَرَفَ مَرَّةً وَثَبَتَ عَلَيْهَا حُدَّ حَدَّهُ، وَكَذَلِكَ هِيَ وَإِنْ اعْتَرَفَ هُوَ وَجَحَدَتْ هِيَ أَوْ اعْتَرَفَتْ هِيَ وَجَحَدَ هُوَ أُقِيمَ الْحَدُّ عَلَى الْمُعْتَرِفِ مِنْهُمَا وَلَمْ يُقَمْ عَلَى الْآخَرِ. وَلَوْ قَالَ رَجُلٌ قَدْ زَعَمْت أَنَّهَا زَنَتْ بِي أَوْ الْمَرْأَةُ قَدْ زَعَمَ أَنِّي زَنَيْتُ بِهِ فَاجْلِدْهُ لِي لَمْ يَجْلِدْهُ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَقَرَّ بِحَدٍّ عَلَى غَيْرِهِ نَفْسُهُ يُؤْخَذُ بِهِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ قَذْفٌ لِغَيْرِهِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَمَتَى رَجَعَ الْمُعْتَرِفُ مِنْهُمَا عَنْ الْإِقْرَارِ بِالزِّنَا قُبِلَ مِنْهُ وَلَمْ يُرْجَمْ وَلَمْ يُجْلَدْ. وَإِنْ رَجَعَ بَعْدَمَا أَخَذَتْهُ الْحِجَارَةُ أَوْ السِّيَاطُ كُفَّ عَنْ الرَّجْمِ وَالْجَلْدِ ذَكَرَ عِلَّةً أَوْ لَمْ يَذْكُرْهَا وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْإِمَاءِ فِيمَنْ أُحْصِنَ {فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ}.

(قَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>