(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَسَوَاءٌ كَانَ الْبَيْعُ بِإِذْنِ الْعَبْدِ أَوْ غَيْرِ إذْنِهِ لِأَنَّهَا لَا تَمْلِكُهُ أَبَدًا بِتِلْكَ الْأَلْفِ وَلَا بِشَيْءٍ مِنْهَا لِأَنَّهَا تَبْطُلُ كُلُّهَا إذَا مَلَكَتْهُ وَلَوْ طَلَّقَهَا الْعَبْدُ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا كَانَ لَهَا نِصْفُ الْأَلْفِ وَلَوْ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَبَاعَهَا إيَّاهُ بِلَا أَمْرِ الْعَبْدِ بِأَلْفٍ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ كَانَ الْبَيْعُ جَائِزًا وَكَانَ الْعَبْدُ لَهَا وَعَلَيْهَا الثَّمَنُ الَّذِي بَاعَهَا إيَّاهُ بِهِ وَكَانَ النِّكَاحُ مُنْفَسِخًا مِنْ قِبَلِهَا وَقِبَلِ السَّيِّدِ الَّذِي لَيْسَ لَهُ طَلَاقُهَا، وَلَوْ كَانَ بَاعَهَا إيَّاهُ بَيْعًا فَاسِدًا كَانَا عَلَى النِّكَاحِ.
وَلَوْ كَانَتْ امْرَأَةُ الْعَبْدِ أَمَةً فَاشْتَرَتْ زَوْجَهَا بِإِذْنِ سَيِّدِهَا أَوْ اشْتَرَاهَا زَوْجَهَا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ كَانَا عَلَى النِّكَاحِ وَكَذَلِكَ إنْ وَهَبَتْ لَهُ أَوْ وَهَبَ لَهَا أَوْ مَلَكَهَا أَوْ مَلَكَتْهُ بِأَيِّ وَجْهٍ مَا كَانَ الْمِلْكُ كَانَا عَلَى النِّكَاحِ لِأَنَّ مَا مَلَكَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِلْكٌ لِسَيِّدِهِ لَا لَهُ، وَلَوْ كَانَ بَعْضُ الزَّوْجِ حُرًّا فَاشْتَرَى امْرَأَتَهُ بِإِذْنِ الَّذِي لَهُ فِيهِ الرِّقُّ فَسَدَ النِّكَاحُ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ مِنْهَا بِقَدْرِ مَا يَمْلِكُ مِنْ نَفْسِهِ.
وَإِذَا أَذِنَ الرَّجُلُ لِعَبْدِهِ أَنْ يَنْكِحَ مَنْ شَاءَ وَمَا شَاءَ مِنْ عَدَدِ النِّسَاءِ فَلَهُ أَنْ يَنْكِحَ حُرَّتَيْنِ مُسْلِمَتَيْنِ أَوْ كِتَابِيَّتَيْنِ أَوْ ذِمِّيَّتَيْنِ وَيَنْكِحَ الْحُرَّةَ عَلَى الْأَمَةِ وَالْأَمَةَ عَلَى الْحُرَّةِ وَيَعْقِدَ نِكَاحَ أَمَةٍ وَحُرَّةٍ مَعًا وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْكِحَ أَمَةً كِتَابِيَّةً وَلَا تَحِلُّ الْأَمَةُ الْكِتَابِيَّةُ لِمُسْلِمٍ إلَّا أَنْ يَطَأَهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ.
وَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِعَبْدِهِ قَدْ زَوَّجْتُك فَلَا يَجُوزُ عَلَيْهِ النِّكَاحُ إلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ الْعَبْدُ، وَإِذَا أَذِنَ لَهُ أَنْ يَنْكِحَ أَوْ سَأَلَهُ الْعَبْدُ أَنْ يُنْكِحَهُ فَقَالَ الْمَوْلَى: قَدْ زَوَّجْتُك فُلَانَةَ بِأَمْرِك وَادَّعَتْ ذَلِكَ، وَقَالَ الْعَبْدُ: لَمْ تُزَوِّجْنِيهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْعَبْدِ مَعَ يَمِينِهِ وَعَلَى الْمَرْأَةِ الْبَيِّنَةُ. .
الْعَبْدُ يَغُرُّ مِنْ نَفْسِهِ وَالْأَمَةُ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا خَطَبَ الْعَبْدُ امْرَأَةً وَأَعْلَمَهَا أَنَّهُ حُرٌّ فَتَزَوَّجَتْهُ ثُمَّ عَلِمَتْ أَنَّهُ عَبْدٌ فَلَهَا وَلِأَوْلِيَائِهَا الْخِيَارُ فِي الْمُقَامِ مَعَهُ أَوْ فِرَاقِهِ فَإِنْ اخْتَارَتْ فِرَاقَهُ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا مَهْرَ لَهَا وَلَا مُتْعَةَ وَهُوَ فَسْخٌ بِغَيْرِ طَلَاقٍ وَإِنْ اخْتَارَتْهُ بَعْدَ الدُّخُولِ فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا وَإِنْ خَطَبَهَا وَلَمْ يَذْكُرْ شَيْئًا فَظَنَّتْهُ حُرًّا فَلَا خِيَارَ لَهَا، وَإِذَا نَكَحَ الرَّجُلُ الْأَمَةَ وَهُوَ يَرَاهَا حُرَّةً فَوَلَدُهُ مَمَالِيكُ وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَ وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَ وَإِنْ غَرَّتْهُ بِنَفْسِهَا وَقَالَتْ أَنَا حُرَّةٌ فَوَلَدُهُ أَحْرَارٌ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَغْرُورُ حُرًّا أَوْ عَبْدًا أَوْ مُكَاتَبًا لِأَنَّهُ لَمْ يَنْكِحْ إلَّا عَلَى أَنَّ وَلَدَهُ أَحْرَارٌ وَإِنْ غَرَّهُ بِهَا غَيْرُهَا فَوَلَدَتْ أَوْلَادًا ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهَا مَمْلُوكَةٌ فَالْأَوْلَادُ أَحْرَارٌ وَلِسَيِّدِهَا أَخْذُ مَهْرِ مِثْلِهَا مِنْ زَوْجِهَا وَلَا يَرْجِعُ بِهِ الزَّوْجُ عَلَى الْغَارِّ وَلَا عَلَيْهَا وَيَأْخُذُ مِنْهُ قِيمَةَ أَوْلَادِهَا يَوْمَ سَقَطُوا وَيَرْجِعُ بِهِمْ الزَّوْجُ عَلَى الْغَار فِي ذِمَّتِهِ، وَإِنْ كَانَتْ هِيَ الْغَارَّةُ لَهُ رَجَعَ عَلَيْهَا بِمَا أَخَذَ مِنْهُ مِنْ قِيمَةِ أَوْلَادِهَا إذَا عَتَقَتْ وَلَا يَرْجِعُ بِهِ مَا كَانَتْ مَمْلُوكَةً وَإِنْ أَلْزَمَ قِيمَتَهُمْ ثُمَّ لَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُ شَيْءٌ لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ لَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُ. .
تَسَرِّي الْعَبْدُ
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ} إلَى قَوْلِهِ {غَيْرُ مَلُومِينَ} فَدَلَّ كِتَابُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى أَنَّ مَا أَبَاحَهُ مِنْ الْفُرُوجِ فَإِنَّمَا أَبَاحَهُ مِنْ أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ النِّكَاحُ أَوْ مَا مَلَكَتْ الْيَمِينُ.
وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا عَبْدًا مَمْلُوكًا لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ} (قَالَ الشَّافِعِيُّ) أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَنْ بَاعَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ فَمَالُهُ لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ» قَالَ فَدَلَّ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ أَنَّ الْعَبْدَ لَا يَكُونُ مَالِكًا مَالًا بِحَالٍ وَأَنَّ مَا نُسِبَ إلَى مِلْكِهِ إنَّمَا هُوَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute