مِنْ هَذَا لِأَنَّ هَذَا يَثْقُلُ قَالَ: أَفَرَأَيْت إنْ قَالَ لَكُمْ قَائِلٌ: أَبُو بَكْرٍ يَقْرَأُ بِسُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي الصُّبْحِ فِي رِوَايَتِكُمْ فِي الرَّكْعَتَيْنِ مَعًا وَأَقَلُّ أَمْرِهِ أَنَّهُ قَسَّمَهَا فِي الرَّكْعَتَيْنِ وَأَنَّك تَكْرَهُ هَذَا فَكَيْفَ رَغِبْت عَنْ قِرَاءَةِ أَبِي بَكْرٍ، وَأَصْحَابُهُ مُتَوَافِرُونَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبُو بَكْرٍ مِنْ الْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ بِالْوَضْعِ الَّذِي هُوَ بِهِ وَقَدْ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ صَلَّى بِالنَّاسِ الصُّبْحَ فَقَرَأَ بِسُورَةِ الْبَقَرَةِ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: كَرَبَتْ الشَّمْسُ أَنْ تَطْلُعَ فَقَالَ: لَوْ طَلَعَتْ لَمْ تَجِدْنَا غَافِلِينَ وَرَوَيْت عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ تَطْوِيلَ الْقِرَاءَةِ وَكَرِهْتُهَا كُلَّهَا (قَالَ الشَّافِعِيُّ): أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ مَوْلَى سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ أَنَّ عُبَادَةَ بْنَ نَسِيٍّ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ قَيْسًا يَقُولُ: أَخْبَرَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الصُّنَابِحِيِّ أَنَّهُ قَدِمَ الْمَدِينَةَ فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ فَصَلَّى وَرَاءَ أَبِي بَكْرٍ الْمَغْرِبَ فَقَرَأَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ، سُورَةٍ مِنْ قِصَارِ الْمُفَصَّلِ ثُمَّ قَامَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّالِثَةِ فَدَنَوْت مِنْهُ حَتَّى إنَّ ثِيَابِي لَتَكَادُ أَنْ تَمَسَّ ثِيَابَهُ فَسَمِعْتُهُ قَرَأَ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَهَذِهِ الْآيَةِ {رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا} الْآيَةَ قُلْت لِلشَّافِعِيِّ: فَإِنَّا نَكْرَهُ الْقِرَاءَةَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ وَالرَّكْعَةِ الْأُخْرَى بِشَيْءٍ غَيْرِ أُمِّ الْقُرْآنِ فَهَلْ تَسْتَحِبُّهُ أَنْتَ؟ فَقَالَ: نَعَمْ وَقَالَ لِي الشَّافِعِيُّ: فَكَيْفَ تَكْرَهُونَهُ وَقَدْ رَوَيْتُمُوهُ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَرَوَى ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّهُ حِينَ بَلَغَهُ عَنْ أَبِي بَكْرٍ أَخَذَ بِهِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَقَدْ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ وَيَجْمَعُ الْأَحْيَانَ السُّوَرَ فِي الرَّكْعَةِ الْوَاحِدَةِ فَقُلْت لِلشَّافِعِيِّ: فَهَذَا أَيْضًا مِمَّا نَكْرَهُهُ فَقَالَ: أَرَوَيْتُمْ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَرَأَ بِالنَّجْمِ فَسَجَدَ فِيهَا ثُمَّ قَامَ فَقَرَأَ سُورَةً أُخْرَى فَكَيْفَ كَرِهْتُمْ هَذَا وَخَالَفْتُمُوهُمَا مَعًا؟ فَقُلْت لِلشَّافِعِيِّ: أَتَسْتَحِبُّ أَنْتَ هَذَا؟ قَالَ: نَعَمْ وَأَفْعَلُهُ.
بَابٌ مَا جَاءَ فِي الرُّقْيَةِ.
سَأَلْت الشَّافِعِيَّ عَنْ الرُّقْيَةِ فَقَالَ: لَا بَأْسَ أَنْ يَرْقِيَ الرَّجُلُ بِكِتَابِ اللَّهِ وَمَا يَعْرِفُ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ قُلْت: أَيَرْقِي أَهْلُ الْكِتَابِ الْمُسْلِمِينَ؟ فَقَالَ: نَعَمْ إذَا رَقُوا بِمَا يُعْرَفُ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ أَوْ ذِكْرِ اللَّهِ فَقُلْت: وَمَا الْحُجَّةُ فِي ذَلِكَ؟ قَالَ: غَيْرُ حُجَّةٍ، فَأَمَّا رِوَايَةُ صَاحِبِنَا وَصَاحِبِك فَإِنَّ مَالِكًا أَخْبَرَنَا عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ وَهِيَ تَشْتَكِي وَيَهُودِيَّةٌ تَرْقِيهَا فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: ارْقِيهَا بِكِتَابِ اللَّهِ فَقُلْت لِلشَّافِعِيِّ: فَإِنَّا نَكْرَهُ رُقْيَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ فَقَالَ: وَلِمَ وَأَنْتُمْ تَرْوُونَ هَذَا عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَلَا أَعْلَمُكُمْ تَرْوُونَ عَنْ غَيْرِهِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خِلَافَهُ وَقَدْ أَحَلَّ اللَّهُ جَلَّ ذِكْرُهُ طَعَامَ أَهْلِ الْكِتَابِ وَنِسَاءَهُمْ وَأَحْسِبُ الرُّقْيَةَ إذَا رَقُوا بِكِتَابِ اللَّهِ مِثْلَ هَذَا أَوْ أَخَفَّ.
بَابٌ فِي الْجِهَادِ
سَأَلْتُ الشَّافِعِيَّ عَنْ الْقَوْمِ يَدْخُلُونَ بِلَادَ الْحَرْبِ أَيُخَرِّبُونَ الْعَامِرَ وَيَقْطَعُونَ الشَّجَرَ الْمُثْمِرَ؟ وَيُحَرِّقُونَهُ وَالنَّخْلَ وَالْبَهَائِمَ أَوْ يُكْرَهُ ذَلِكَ كُلُّهُ؟ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): أَمَّا كُلُّ مَا لَا رُوحَ فِيهِ مِنْ شَجَرٍ مُثْمِرٍ وَبِنَاءٍ عَامِرٍ وَغَيْرِهِ فَيُخَرِّبُونَهُ وَيَهْدِمُونَهُ وَيَقْطَعُونَهُ وَأَمَّا ذَوَاتُ الْأَرْوَاحِ فَلَا يُقْتَلُ مِنْهَا شَيْءٌ إلَّا مَا كَانَ يَحِلُّ بِالذَّبْحِ لِيُؤْكَلَ فَقُلْت: لَهُ وَمَا الْحُجَّةُ فِي ذَلِكَ وَقَدْ كَرِهَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ أَنْ يُخَرِّبَ عَامِرًا أَوْ يَقْطَعَ مُثْمِرًا أَوْ يُحَرِّقَ نَخْلًا أَوْ يَعْقِرَ شَاةً أَوْ بَعِيرًا إلَّا لِمَأْكَلَةٍ وَأَنْتَ أَخْبَرْتَنَا بِذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute