الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا كَانَتْ الدَّارُ أَوْ الْعَبْدُ فِي يَدَيْ رَجُلٍ فَادَّعَى رَجُلٌ أَنَّهُ غَصَبَهُ إيَّاهُ فِي وَقْتٍ وَأَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ، وَادَّعَى آخَرُ أَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّهُ وَدِيعَةٌ لَهُ فِي وَقْتٍ بَعْدَ الْغَصْبِ، وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً فَإِنَّهُ يَقْضِي بِهِ لِصَاحِبِ الْغَصْبِ، وَلَا يَقْضِي لِصَاحِبِ الْإِقْرَارِ بِشَيْءٍ، وَلَا يَجُوزُ إقْرَارُهُ فِيمَا غَصَبَ مِنْ هَذَا وَصَاحِبُ الْغَصْبِ هُوَ الْمُدَّعِي، وَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا ادَّعَى رَجُلٌ أَنَّهُ اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ عَبْدًا، وَأَمَةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَنَقَدَهُ الثَّمَنَ، وَهُمَا فِي يَدَيْ الْبَائِعِ فَقَالَ الْبَائِعُ إنَّمَا بِعْتُك الْعَبْدَ وَحْدَهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَإِنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ، وَيُتَفَاسَخَانِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
بَابُ الدَّعْوَى فِي الْمِيرَاثِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا كَانَتْ دَارٌ فِي يَدِ رَجُلٍ فَادَّعَاهَا رَجُلَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُقِيمُ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّهَا لَهُ مِنْ وَقْتِ كَذَا إلَى وَقْتِ كَذَا، وَأَنَّهُ وَرِثَهَا عَنْ أَبِيهِ فِي وَقْتِ كَذَا حَتَّى يُحِيطَ الْعِلْمَ أَنَّ إحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ كَاذِبَةٌ بِغَيْرِ عَيْنِهَا فَهَذَا مِثْلُ الشَّهَادَةِ عَلَى النِّتَاجِ فَمَنْ زَعَمَ فِي النِّتَاجِ أَنَّهُ يُبْطِلُ الْبَيِّنَتَيْنِ لِأَنَّ إحْدَاهُمَا كَاذِبَةٌ بِالْإِحَاطَةِ، وَلَا نَعْرِفُهَا، وَيَجْعَلُ النِّتَاجَ لِلَّذِي هِيَ فِي يَدَيْهِ لِإِبْطَالِ الْبَيِّنَةِ أَبْطَلَ هَاتَيْنِ الْبَيِّنَتَيْنِ، وَأَقَرَّ الدَّارَ فِي يَدَيْ صَاحِبِهَا، وَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ يَحِقُّ الْبَيِّنَةُ الَّتِي مَعَهَا السَّبَبُ الْأَقْوَى فَيُجْعَلُ كَيْنُونَةَ النِّتَاجِ فِي يَدَيْ صَاحِبِهَا بِسَبَبٍ أَقْوَى فَفِي هَذَا قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنْ تَكُونَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَالْآخَرُ أَنْ يُقْرِعَ بَيْنَهُمَا فَأَيُّهُمَا خَرَجَتْ الْقُرْعَةُ لَهُ كَانَتْ لَهُ كُلُّهَا، وَلَوْ كَانَتْ الْبَيِّنَةُ شَهِدَتْ عَلَى وَقْتَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ لَمْ يَكُنْ فِيهِ إلَّا أَنْ يُقْرِعَ بَيْنَهُمَا أَوْ تَكُونَ الدَّارُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ لِأَنَّهُ قَدْ يُمْكِنُ فِي هَذَا أَنْ تَكُونَ الْبَيِّنَتَانِ صَادِقَتَيْنِ، وَكُلُّ مَا أَمْكَنَ أَنْ تَكُونَ الْبَيِّنَتَانِ صَادِقَتَيْنِ فِيهِ مِمَّا لَيْسَ فِي يَدَيْ الْمُدَّعِيَيْنِ هَكَذَا، وَكُلُّ مَا لَمْ يُمْكِنْ إلَّا أَنْ تَكُونَ إحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ كَاذِبَةً فَكَالْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، وَسَوَاءٌ هَذَا فِي كُلِّ شَيْءٍ ادَّعَى، وَبِأَيِّ مِلْكٍ ادَّعَى الْمِيرَاثَ، وَغَيْرُهُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا كَانَتْ أَمَةٌ فِي يَدَيْ رَجُلٍ فَادَّعَاهَا رَجُلٌ أَنَّهَا كَانَتْ لِأَبِيهِ وَأَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ، وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا لَا يَعْلَمُونَ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ، وَأَقَامَ آخَرُ بَيِّنَةً أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ أَبِي هَذَا، وَنَقَدَهُ الثَّمَنَ فَإِنَّهُ يَقْضِي بِهَا لِلْمُشْتَرِي، وَشَهَادَةُ الشِّرَاءِ تَنْقُضُ شَهَادَةَ الْمِيرَاثِ، وَهَكَذَا لَوْ شَهِدُوا عَلَى صَدَقَةٍ مَقْبُوضَةٍ مِنْ الْمَيِّتِ فِي صِحَّتِهِ أَوْ هِبَةٍ أَوْ نَحْلٍ أَوْ بِعَطِيَّةٍ أَوْ عُمْرَى مِنْ قِبَلِ أَنَّ شُهُودَ الْمِيرَاثِ قَدْ يَكُونُونَ صَادِقِينَ عَلَى الظَّاهِرِ أَنْ يَعْلَمُوا الْمَيِّتَ مَالِكًا، وَلَا يَعْلَمُونَهَا خَرَجَتْ مِنْ يَدَيْهِ فَيَسَعُهُمْ عَلَى هَذَا الشَّهَادَةُ، وَلَوْ تَوَقَّوْا فَشَهِدُوا أَنَّهَا مِلْكٌ لَهُ، وَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَهَا خَرَجَتْ مِنْ يَدَيْهِ حَتَّى مَاتَ كَانَ أَحَبَّ إلَيَّ، وَإِنْ كَانَتْ الشَّهَادَةُ فِيهِ عَلَى الْبَتِّ فَهِيَ عَلَى الْعِلْمِ، وَلَيْسَ هَؤُلَاءِ يُخَالِفُونَ شُهُودَ الشِّرَاءِ، وَلَا الصَّدَقَةِ، وَشُهُودُ الشِّرَاءِ، وَالصَّدَقَةِ يَشْهَدُونَ عَلَى أَنَّ الْمَيِّتَ أَخْرَجَهَا فِي حَيَاتِهِ إلَى هَذَا فَلَيْسَ بَيْنَهُمْ اخْتِلَافٌ إلَّا أَنَّهُ خَفِيَ عَلَى هَؤُلَاءِ مَا عَلِمَ هَؤُلَاءِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا كَانَتْ دَارٌ أَوْ أَرْضٌ أَوْ بُسْتَانٌ أَوْ قَرْيَةٌ فِي يَدَيْ رَجُلٍ، وَادَّعَى رَجُلٌ أَنَّهَا لَهُ، وَأَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهَا لِأَبِيهِ وَلَمْ يَشْهَدُوا أَنَّهُ مَاتَ، وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا فَإِنَّهُ لَا يَقْضِي لَهُ، وَلَا تَنْفُذُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ إلَّا أَنْ يَشْهَدُوا أَنَّهَا لَمْ تَزَلْ لِأَبِيهِ حَتَّى مَاتَ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرُوا أَنَّهُ تَرَكَهَا مِيرَاثًا، وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدُوا أَنَّهَا كَانَتْ لِجَدِّهِ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدَيْ رَجُلٍ فَأَقَامَ رَجُلٌ شَاهِدَيْنِ أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ، وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا فَأَقَامَ آخَرُ شَاهِدَيْنِ أَنَّ أَبَ هَذَا الْمُدَّعِي تَزَوَّجَ عَلَيْهَا أُمَّ هَذَا وَأَنَّ أُمَّهُ فُلَانَةَ مَاتَتْ، وَتَرَكَتْهَا مِيرَاثًا فَإِنَّهُ يَقْضِي بِهَا لِابْنِ الْمَرْأَةِ لِأَنَّ الرَّجُلَ قَدْ خَرَجَ مِنْهَا حَيْثُ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا، وَهَذَا مِثْلُ خُرُوجِهِ مِنْهَا بِالْبَيْعِ، وَشَهَادَةُ النِّسَاءِ فِي مِلْكِ الْأَمْوَالِ كُلِّهَا مَعَ شَهَادَةِ الرِّجَالِ جَائِزَةٌ، وَلَا تَجُوزُ عَلَى أَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute