للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

كِتَابُ النِّكَاحِ

مَا يَحْرُمُ الْجَمْعُ بَيْنَهُ

(أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ) قَالَ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إِلا مَا قَدْ سَلَفَ} قَالَ: فَلَا يَحِلُّ الْجَمْعُ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ بِحَالٍ مِنْ نِكَاحٍ وَلَا مِلْكِ يَمِينٍ لِأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنْزَلَهُ مُطْلَقًا فَلَا يَحْرُمُ مِنْ الْحَرَائِرِ شَيْءٌ إلَّا حَرُمَ مِنْ الْإِمَاءِ بِالْمِلْكِ مِثْلُهُ إلَّا الْعَدَدُ فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى انْتَهَى بِالْحَرَائِرِ إلَى أَرْبَعٍ وَأَطْلَقَ الْإِمَاءَ فَقَالَ عَزَّ ذِكْرُهُ {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} لَمْ يَنْتَهِ بِذَلِكَ إلَى عَدَدٍ (أَخْبَرَنَا) ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ أَبِي الْجَهْمِ عَنْ أَبِي الْأَخْضَرِ عَنْ عُمَارَةَ أَنَّهُ كَرِهَ مِنْ الْإِمَاءِ مَا كَرِهَ مِنْ الْحَرَائِرِ إلَّا الْعَدَدَ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ وَأَيُّوبَ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: يُكْرَهُ مِنْ الْإِمَاءِ مَا يُكْرَهُ مِنْ الْحَرَائِرِ إلَّا الْعَدَدُ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَهَذَا مِنْ قَوْلِ الْعُلَمَاءِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي مَعْنَى الْقُرْآنِ وَبِهِ نَأْخُذُ، قَالَ: وَالْعَدَدُ لَيْسَ مِنْ النَّسَبِ وَلَا الرِّضَاعِ بِسَبِيلٍ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ عَنْ الْأُخْتَيْنِ مِنْ مِلْكِ الْيَمِينِ هَلْ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا؟ فَقَالَ عُثْمَانُ: أَحَلَّتْهُمَا آيَةٌ وَحَرَّمَتْهُمَا آيَةٌ، وَأَمَّا أَنَا فَلَا أُحِبُّ أَنْ أَصْنَعَ ذَلِكَ، قَالَ فَخَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ فَلَقِيَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: لَوْ كَانَ لِي مِنْ الْأَمْرِ شَيْءٌ ثُمَّ وَجَدْت أَحَدًا فَعَلَ ذَلِكَ لَجَعَلْته نَكَالًا. قَالَ مَالِكٌ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: أَرَاهُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ، قَالَ مَالِكٌ: وَبَلَغَنِي عَنْ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ مِثْلُ ذَلِكَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ سُئِلَ عَنْ الْمَرْأَةِ وَابْنَتِهَا مِنْ مِلْكِ الْيَمِينِ هَلْ تُوطَأُ إحْدَاهُمَا بَعْدَ الْأُخْرَى؟ فَقَالَ عُمَرُ: مَا أُحِبُّ أَنْ أُجِيزَهُمَا جَمِيعًا وَنَهَاهُ. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سُئِلَ عُمَرُ عَنْ الْأُمِّ وَابْنَتِهَا مِنْ مِلْكِ الْيَمِينِ فَقَالَ: مَا أُحِبُّ أَنْ أُجِيزَهُمَا جَمِيعًا فَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ قَالَ أَبِي فَوَدِدْت أَنَّ عُمَرَ كَانَ أَشَدَّ فِي ذَلِكَ مِمَّا هُوَ فِيهِ. أَخْبَرَنَا مُسْلِمٌ وَعَبْدُ الْمَجِيدِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ سَمِعْت ابْنَ أَبِي مُلَيْكَةَ يُخْبِرُ أَنَّ مُعَاذَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْمَرٍ جَاءَ إلَى عَائِشَةَ فَقَالَ لَهَا: إنَّ لِي سُرِّيَّةً قَدْ أَصَبْتهَا وَأَنَّهَا قَدْ بَلَغَتْ لَهَا ابْنَةٌ جَارِيَةٌ لِي أفأستسر ابْنَتَهَا؟ فَقَالَتْ لَا فَقَالَ: فَإِنِّي وَاَللَّهِ لَا أَدَعُهَا إلَّا أَنْ تَقُولِي لِي حَرَّمَهَا اللَّهُ فَقَالَتْ لَا يَفْعَلُهُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِي وَلَا أَحَدٌ أَطَاعَنِي.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَإِذَا كَانَ عِنْدَ الرَّجُلِ امْرَأَةٌ فَطَلَّقَهَا فَكَانَ لَا يَمْلِكُ رَجْعَتَهَا فَلَهُ أَنْ يَنْكِحَ أُخْتَهَا لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ غَيْرُ جَامِعٍ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ، وَإِذَا حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا فَفِي ذَلِكَ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُحَرِّمْ نِكَاحَ إحْدَاهُمَا بَعْدَ الْأُخْرَى وَهَذِهِ مَنْكُوحَةٌ بَعْدَ الْأُخْرَى وَلَوْ كَانَ لِرَجُلٍ جَارِيَةٌ يَطَؤُهَا فَأَرَادَ وَطْءَ أُخْتِهَا لَمْ يَجُزْ لَهُ وَطْءُ الَّتِي أَرَادَ أَنْ يَطَأَ حَتَّى يَحْرُمَ عَلَيْهِ فَرْجُ الَّتِي كَانَ يَطَأُ بِنِكَاحٍ أَوْ كِتَابَةٍ أَوْ خُرُوجٍ مِنْ مِلْكِهِ، فَإِذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>