للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَعَلَ بَعْضَ هَذَا ثُمَّ وَطِئَ الْأُخْتَ ثُمَّ عَجَزَتْ الْمُكَاتَبَةُ أَوْ رُدَّتْ الْمَنْكُوحَةُ كَانَتْ الَّتِي أُبِيحَ لَهُ فَرْجُهَا أَوَّلًا ثُمَّ حَرُمَتْ عَلَيْهِ غَيْرَ حَلَالٍ لَهُ حَتَّى يَحْرُمَ فَرْجُ الَّتِي وَطِئَ بَعْدَهَا كَمَا حَرُمَ فَرْجُهَا قَبْلَ أَنْ يَطَأَ أُخْتَهَا ثُمَّ هَكَذَا أَبَدًا، وَسَوَاءٌ وَلَدَتْ لَهُ الَّتِي وَطِئَ أَوَّلًا وَآخِرًا أَوْ لَمْ تَلِدْ لِأَنَّهُ فِي كِلْتَا الْحَالَتَيْنِ إنَّمَا يَطَؤُهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ.

وَإِذَا اجْتَمَعَ النِّكَاحُ وَمِلْكُ الْيَمِينِ فِي أُخْتَيْنِ فَالنِّكَاحُ ثَابِتٌ لَا يُفْسِدُهُ مِلْكُ الْيَمِينِ كَانَ النِّكَاحُ قَبْلُ أَوْ بَعْدُ

فَلَوْ كَانَتْ لِرَجُلٍ جَارِيَةٌ يَطَؤُهَا فَوَلَدَتْ لَهُ أَوْ لَمْ تَلِدْ حَتَّى يَنْكِحَ أُخْتَهَا كَانَ النِّكَاحُ ثَابِتًا وَحَرُمَ عَلَيْهِ فَرْجُ الْأُخْتِ بِالْوَطْءِ مَا كَانَتْ أُخْتُهَا زَوْجَةً لَهُ، وَأَحَبُّ إلَيَّ لَوْ حَرَّمَ فَرْجَ أُخْتَهَا الْمَمْلُوكَةِ حِينَ يَعْقِدُ نِكَاحَ أُخْتِهَا بِالنِّكَاحِ أَوْ قَبْلَهُ بِكِتَابَةٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ أَنْ يُزَوِّجَهَا وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ لَمْ أُجْبِرْهُ عَلَى ذَلِكَ وَلَا عَلَى بَيْعِهَا وَنَهَيْته عَنْ وَطْئِهَا كَمَا لَا أُجْبِرُهُ عَلَى بَيْعِ جَارِيَةٍ لَهُ وَطِئَ ابْنَتَهَا وَأَنْهَاهُ عَنْ وَطْئِهَا.

وَلَوْ كَانَتْ عِنْدَهُ أَمَةٌ زَوْجَةٌ فَتَزَوَّجَ أُخْتَهَا حُرَّةً كَانَ نِكَاحُ الْآخِرَةِ مَفْسُوخًا (قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْوَطْءِ بِالْمِلْكِ وَالنِّكَاحِ؟ قِيلَ لَهُ النِّكَاحُ يُثْبِتُ لِلرَّجُلِ حَقًّا عَلَى الْمَرْأَةِ وَلِلْمَرْأَةِ حَقًّا عَلَى الرَّجُلِ وَمِلْكُ عُقْدَةِ النِّكَاحِ يَقُومُ فِي تَحْرِيمِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ مَقَامَ الْوَطْءِ فِي الْأَمَتَيْنِ.

فَلَوْ مَلَكَ رَجُلٌ عُقْدَةَ نِكَاحِ أُخْتَيْنِ فِي عُقْدَةٍ أَفْسَدْنَا نِكَاحَهُمَا وَلَوْ تَزَوَّجَهُمَا لَا يَدْرِي أَيَّتَهُمَا أَوَّلُ أَفْسَدْنَا نِكَاحَهُمَا وَلَوْ مَلَكَ امْرَأَةً وَأُمَّهَاتِهَا وَأَوْلَادَهَا فِي صَفْقَةِ بَيْعٍ لَمْ نُفْسِدْ الْبَيْعَ وَلَا يَحْرُمُ الْجَمْعُ فِي الْبَيْعِ إنَّمَا يَحْرُمُ جَمْعُ الْوَطْءِ فِي الْإِمَاءِ، فَأَمَّا جَمْعُ عُقْدَةِ الْمِلْكِ فَلَا يَحْرُمُ.

وَلَوْ وَطِئَ أَمَةً ثُمَّ بَاعَهَا مِنْ سَاعَتِهِ أَوْ أَعْتَقَهَا أَوْ كَاتَبَهَا أَوْ بَاعَ بَعْضَهَا كَانَ لَهُ أَنْ يَطَأَ أُخْتَهَا مَكَانَهُ وَلَيْسَ لَهُ فِي الْمَرْأَةِ أَنْ يَنْكِحَ أُخْتَهَا وَهِيَ زَوْجَةٌ لَهُ وَلَا أَنْ يُمَلِّكَ الْمَرْأَةَ غَيْرَهُ وَلَا أَنْ يُحَرِّمَهَا عَلَيْهِ بِغَيْرِ طَلَاقٍ، وَوَلَدُ الْمَرْأَةِ يَلْزَمُهُ بِالْعَقْدِ وَإِنْ لَمْ يُقِرَّ بِوَطْءٍ إلَّا أَنْ يُلَاعِنَ، وَوَلَدُ الْأَمَةِ لَا يَلْزَمُ بِغَيْرِ إقْرَارٍ بِوَطْءٍ وَلَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ زَوْجَةً لَهُ وَيَحِلُّ فَرْجُهَا لِغَيْرِهِ وَالْأَمَةُ تَكُونُ مَمْلُوكَةً لَهُ وَفَرْجُهَا حَلَالٌ لِغَيْرِهِ إذَا زَوَّجَهَا وَحَرَامٌ عَلَيْهِ وَهُوَ مَالِكٌ رَقَبَتَهَا وَلَيْسَ هَكَذَا الْمَرْأَةُ، الْمَرْأَةُ يُحِلُّ عَقْدُهَا جِمَاعَهَا وَلَا يَحْرُمُ جِمَاعُهَا وَالْعَقْدُ ثَابِتٌ عَلَيْهَا إلَّا بِعِلَّةِ صَوْمٍ أَوْ إحْرَامٍ أَوْ مَا أَشْبَهَهُ مِمَّا إذَا ذَهَبَ حَلَّ فَرْجُهَا.

قَالَ: وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا لَهُ امْرَأَةٌ مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ فَأَسْلَمَ الزَّوْجُ وَاشْتَرَى أُخْتَ امْرَأَتِهِ فَوَطِئَهَا ثُمَّ أَسْلَمَتْ امْرَأَتُهُ فِي الْعِدَّةِ حَرُمَ عَلَيْهِ فَرْجُ جَارِيَتِهِ الَّتِي اشْتَرَى وَلَمْ تُبَعْ عَلَيْهِ وَكَانَتْ امْرَأَتُهُ امْرَأَتَهُ بِحَالِهَا، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ هِيَ الْمُسْلِمَةُ قَبْلَهُ وَاشْتَرَى أُخْتَهَا أَوْ كَانَتْ لَهُ فَوَطِئَهَا ثُمَّ أَسْلَمَ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ.

قَالَ: وَلَوْ كَانَتْ عِنْدَهُ جَارِيَةٌ فَوَطِئَهَا فَلَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِ فَرْجُهَا حَتَّى وَطِئَ أُخْتَهَا اُجْتُنِبَتْ الَّتِي وَطِئَ آخِرًا بِوَطْءِ الْأَوْلَى وَأَحَبُّ إلَيَّ لَوْ اجْتَنَبَ الْأُولَى حَتَّى يَسْتَبْرِئَ الْآخِرَةَ وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ: وَسَوَاءٌ فِي هَذَا وَلَدَتْ الَّتِي وُطِئَتْ أَوَّلًا أَوْ آخِرًا أَوْ هُمَا أَمْ لَمْ تَلِدْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا، وَلَوْ حَرُمَ فَرْجُ الَّتِي وَطِئَ أَوَّلًا بَعْدَ وَطْءِ الْآخِرَةِ أَبَحْتُ لَهُ وَطْءَ الْآخِرَةِ، ثُمَّ لَوْ حَلَّ لَهُ فَرْجُ الَّتِي زُوِّجَ فَحَرُمَ فَرْجُهَا عَلَيْهِ بِأَنْ يُطَلِّقَهَا زَوْجُهَا أَوْ تَكُونَ مُكَاتَبَةً فَتَعْجِزُ لَمْ تَحِلَّ لَهُ هِيَ وَكَانَتْ الَّتِي وَطِئَ حَلَالًا لَهُ حَتَّى يَحْرُمَ عَلَيْهِ فَرْجُهَا فَتَحِلُّ لَهُ الْأُولَى، ثُمَّ هَكَذَا أَبَدًا مَتَى حَلَّ لَهُ فَرْجُ وَاحِدَةٍ فَوَطِئَهَا حَرُمَ عَلَيْهِ وَطْءُ الْأُخْرَى حَتَّى يَحْرُمَ عَلَيْهِ فَرْجُ الَّتِي حَلَّتْ لَهُ ثُمَّ يَحِلُّ لَهُ فَرْجُ الَّتِي حَرُمَتْ عَلَيْهِ فَيَكُونُ تَحْرِيمُ فَرْجِهَا كَطَلَاقِ الرَّجُلِ الزَّوْجَةَ الَّذِي لَا يَمْلِكُ فِيهِ الرَّجْعَةَ ثُمَّ يُبَاحُ لَهُ نِكَاحُ أُخْتِهَا، فَإِذَا نَكَحَهَا لَمْ يَحِلَّ لَهُ نِكَاحُ الَّتِي طَلَّقَهَا حَتَّى تَبِينَ هَذِهِ مِنْهُ إلَّا أَنَّهُمَا يَخْتَلِفَانِ فِي أَنَّهُ يَمْلِكُ رَقَبَةَ أُخْتَيْنِ وَأَخَوَاتٍ وَأُمَّهَاتٍ وَلَا يَمْلِكُ عَقْدَ أُخْتَيْنِ بِنِكَاحٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>