للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْوَكَالَةُ

(أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ): قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ إمْلَاءً قَالَ: وَإِذَا وَكَّلَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ بِوَكَالَةٍ فَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ مَرِضَ الْوَكِيلُ أَوْ أَرَادَ الْغَيْبَةَ أَوْ لَمْ يُرِدْهَا؛ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ رَضِيَ بِوَكَالَتِهِ، وَلَمْ يَرْضَ بِوَكَالَةِ غَيْرِهِ. وَإِنْ قَالَ: وَلَهُ أَنْ يُوَكِّلَ مَنْ رَأَى كَانَ ذَلِكَ لَهُ بِرِضَا الْمُوَكِّلِ.

وَإِذَا وَكَّلَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ وَكَالَةً، وَلَمْ يَقُلْ لَهُ فِي الْوَكَالَةِ أَنَّهُ وَكَّلَهُ بِأَنْ يُقِرَّ عَلَيْهِ، وَلَا يُصَالِحَ، وَلَا يُبْرِئَ، وَلَا يَهَبَ فَإِنْ فَعَلَ فَمَا فَعَلَ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوَكِّلْهُ بِهِ فَلَا يَكُونُ وَكِيلًا فِيمَا لَمْ يُوَكِّلْهُ.

وَإِذَا وَكَّلَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ بِطَلَبِ حَدٍّ لَهُ أَوْ قِصَاصٍ قُبِلَتْ الْوَكَالَةُ عَلَى تَثْبِيتِ الْبَيِّنَةِ فَإِذَا حَضَرَ الْحَدَّ أَوْ الْقِصَاصَ لَمْ أَحْدُدْهُ، وَلَمْ أَقْصُصْ حَتَّى يَحْضُرَ الْمَحْدُودُ لَهُ وَالْمُقْتَصُّ لَهُ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ قَدْ يَعْزِلُهُ فَيُبْطِلُ الْقِصَاصَ وَيَعْفُو وَإِذَا كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ مَالٌ وَهُوَ عِنْدَهُ فَجَاءَ رَجُلٌ فَذَكَرَ أَنَّ صَاحِبَ الْمَالِ وَكَّلَهُ بِهِ وَصَدَّقَهُ الَّذِي فِي يَدَيْهِ الْمَالُ لَمْ أُجْبِرْهُ عَلَى أَنْ يَدْفَعَهُ إلَيْهِ فَإِذَا دَفَعَهُ إلَيْهِ لَمْ يَبْرَأْ مِنْ الْمَالِ بِشَيْءٍ إلَّا أَنْ يُقِرَّ صَاحِبُ الْمَالِ بِأَنَّهُ وَكَّلَهُ أَوْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ عَلَيْهِ بِذَلِكَ. وَكَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى هَذَا الَّذِي ادَّعَى الْوَكَالَةَ دَيْنًا عَلَى رَبِّ الْمَالِ لَمْ يُجْبَرْ الَّذِي فِي يَدَيْهِ الْمَالُ أَنْ يُعْطِيَهُ إيَّاهُ وَذَلِكَ أَنَّ إقْرَارَهُ إيَّاهُ بِهِ إقْرَارٌ مِنْهُ عَلَى غَيْرِهِ، وَلَا يَجُوزُ إقْرَارُهُ عَلَى غَيْرِهِ وَإِذَا وَكَّلَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ عِنْدَ الْقَاضِي بِشَيْءٍ أَثْبَتَ الْقَاضِي بَيِّنَتَهُ عَلَى الْوَكَالَةِ وَجَعَلَهُ وَكِيلًا حَضَرَ مَعَهُ الْخَصْمُ أَوْ لَمْ يَحْضُرْ مَعَهُ، وَلَيْسَ الْخَصْمُ مِنْ هَذَا بِسَبِيلٍ.

وَإِذَا شَهِدَ الرَّجُلُ لِرَجُلٍ أَنَّهُ وَكَّلَهُ بِكُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ لَهُ، وَلَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا فَالْوَكَالَةُ غَيْرُ جَائِزَةٍ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ وَكَّلَهُ بِبَيْعِ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ وَيَحْفَظُهُ وَيَدْفَعُ الْقَلِيلَ وَالْكَثِيرَ وَغَيْرَهُ فَلَمَّا كَانَ يَحْتَمِلُ هَذِهِ الْمَعَانِيَ وَغَيْرَهَا لَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ وَكِيلًا حَتَّى يُبَيِّنَ الْوَكَالَاتِ مِنْ بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ وَدِيعَةٍ أَوْ خُصُومَةٍ أَوْ عِمَارَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ. (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَأَقْبَلُ الْوَكَالَةَ مِنْ الْحَاضِرِ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فِي الْعُذْرِ وَغَيْرِ الْعُذْرِ وَقَدْ كَانَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَكَّلَ عِنْدَ عُثْمَانَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ وَعَلِيٌّ حَاضِرٌ فَقِيلَ ذَلِكَ عُثْمَانُ وَكَانَ يُوَكِّلُ قَبْلَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ عَقِيلَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، وَلَا أَحْسَبُهُ إلَّا كَانَ يُوَكِّلُهُ عِنْدَ عُمَرَ، وَلَعَلَّ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ وَكَانَ عَلِيٌّ يَقُولُ إنَّ لِلْخُصُومَةِ قَحْمًا وَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَحْضُرُهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>