للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَرَثَتُهُ: بَلْ قَتَلَهُ وَهُوَ عَلَى دِينِ الْإِسْلَامِ فَإِنْ كَانَ صَغِيرًا قُتِلَ بِهِ وَإِنْ كَانَ بَالِغًا فَحَلَفَ أَبُوهُ أَنَّهُ مَا عَلِمَهُ ارْتَدَّ بَعْدَ مَا وَصَفَ الْإِسْلَامَ بَعْدَ الْبُلُوغِ أَوْ جَاءَ عَلَى ذَلِكَ بِبَيِّنَةٍ يَشْهَدُونَ أَنَّهُ كَانَ مُسْلِمًا قَبِلْت ذَلِكَ مِنْهُمْ وَكَانَ عَلَى قَاتِلِهِ الْقَوَدُ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَالْمَسْأَلَةِ الْأُولَى أَنَّ الْقَاتِلَ حِينَ قَالَ فِي هَذِهِ: ارْتَدَّ كَانَ قَدْ أَقَرَّ بِإِسْلَامِهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَادَّعَى الرِّدَّةَ وَفِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي فَوْقَهَا لَمْ يُقَرَّ لَهُ بِالْإِيمَانِ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَلَا صِفَةِ الْإِيمَانِ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَلَا يَكُونُ لَهُ حُكْمُ الْإِيمَانِ بِإِيمَانِ أَبَوَيْهِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ صِفَةَ الْإِيمَانِ بَعْدَ الْبُلُوغِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ أَنَّ مُسْلِمًا قَتَلَ نَصْرَانِيًّا، ثُمَّ ارْتَدَّ الْمُسْلِمُ فَسَأَلَ وَرَثَةُ النَّصْرَانِيِّ أَنْ يُقَادُوا مِنْهُ، وَقَالُوا هَذَا كَافِرٌ لَمْ يُقْتَلْ بِهِ؛ لِأَنَّهُ قَتَلَهُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا قَوَدَ عَلَيْهِ، وَعَلَيْهِ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ وَالتَّعْزِيرُ فَإِنْ تَابَ قُبِلَ مِنْهُ وَإِلَّا قُتِلَ عَلَى الرِّدَّةِ. وَهَكَذَا لَوْ ضَرَبَ مُسْلِمٌ نَصْرَانِيًّا فَجَرَحَهُ، ثُمَّ ارْتَدَّ الْمُسْلِمُ، ثُمَّ مَاتَ النَّصْرَانِيُّ وَالْقَاتِلُ مُرْتَدٌّ لَمْ يُقَدْ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْمَوْتَ كَانَ بِالضَّرْبَةِ، وَالضَّرْبَةُ كَانَتْ وَهُوَ مُسْلِمٌ.

وَلَوْ أَنَّ مُسْلِمًا ارْتَدَّ عَنْ الْإِسْلَامِ فَقَتَلَ ذِمِّيًّا فَسَأَلَ أَهْلُهُ الْقَوَدَ قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ إلَى الْإِسْلَامِ أَوْ رَجَعَ إلَى الْإِسْلَامِ فَسَوَاءٌ، وَفِيهَا قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ عَلَيْهِ الْقَوَدَ وَهَذَا أَوْلَاهُمَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ؛ لِأَنَّهُ قَتَلَ وَلَيْسَ بِمُسْلِمٍ، وَالثَّانِي لَا قَوَدَ عَلَيْهِ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ لَا يُقَرُّ عَلَى دِينِهِ حَتَّى يَرْجِعَ أَوْ يُقْتَلَ.

وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا أَرْسَلَ سَهْمًا عَلَى نَصْرَانِيٍّ فَلَمْ يَقَعْ بِهِ السَّهْمُ حَتَّى أَسْلَمَ أَوْ عَلَى عَبْدٍ فَلَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ بِهِ حَتَّى عَتَقَ فَقَتَلَهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ قِصَاصٌ؛ لِأَنَّ غَلَبَةَ السَّهْمِ كَانَتْ بِالْإِرْسَالِ الَّذِي لَا قَوَدَ فِيهِ بَيْنَهُمَا، وَلَوْ كَانَ وُقُوعُهُ بِهِ وَهُوَ بِحَالِهِ حِينَ أَرْسَلَ السَّهْمَ، ثُمَّ أَسْلَمَ لَمْ يُقَصَّ مِنْهُ وَعَلَيْهِ دِيَةُ مُسْلِمٍ حُرٍّ فِي الْحَالَتَيْنِ وَالْكَفَّارَةُ، وَلَا يَكُونُ هَذَا فِي أَقَلَّ مِنْ حَالِ مَنْ أَرْسَلَ سَهْمًا عَلَى غَرَضٍ فَأَصَابَ إنْسَانًا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَضْمَنُ مَا جَنَتْ رَمْيَتُهُ وَكِلَا هَذَيْنِ مَمْنُوعٌ مِنْ أَنْ يَقْصِدَ قَصْدَهُ بِرَمْيٍ.

(قَالَ): وَلَوْ أَرْسَلَ سَهْمَهُ عَلَى مُرْتَدٍّ فَلَمْ يَقَعْ بِهِ السَّهْمُ حَتَّى أَسْلَمَ أَوْ عَلَى حَرْبِيٍّ فَلَمْ يَقَعْ بِهِ السَّهْمُ حَتَّى أَسْلَمَ كَانَ خِلَافًا لِلْمَسَائِلِ قَبْلَهَا؛ لِأَنَّهُ أَرْسَلَ عَلَيْهِمَا وَهُمَا مُبَاحَا الدَّمِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ قَوَدٌ بِحَالٍ لِمَا أَصَابَهُمَا مِنْ رَمْيَتِهِ وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ وَدِيَةُ حُرَّيْنِ مُسْلِمَيْنِ بِتَحْوِيلِ حَالِهِمَا قَبْلَ وُقُوعِ الرَّمْيَةِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا ضَرَبَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ الْمُسْلِمَ، ثُمَّ ارْتَدَّ الْمَضْرُوبُ عَنْ الْإِسْلَامِ، ثُمَّ مَاتَ مِنْ الضَّرْبَةِ ضَمِنَ الضَّارِبُ الْأَقَلَّ مِنْ أَرْشِ الضَّرْبَةِ أَوْ الدِّيَةِ.

(قَالَ الرَّبِيعُ) أَظُنُّهُ قَالَ دِيَةُ مُسْلِمٍ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): مِنْ قِبَلِ أَنَّ الضَّرْبَةَ كَانَتْ وَفِيهَا قَوَدٌ أَوْ عَقْلٌ فَإِذَا مَاتَ مُرْتَدًّا سَقَطَ الْقَوَدُ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَبْرَأْ وَجَعَلْت فِيهَا الْعَقْلَ فِي مَالِهِ؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ غَيْرَ مُبَاحَةٍ وَلَوْ بَرَأَتْ وَسَأَلَ أَوْلِيَاؤُهُ الْقِصَاصَ مِنْ الْجُرْحِ كَانَ لَهُمْ أَنْ يَقْتَصُّوا مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ وَهُوَ مُسْلِمٌ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ ضَرَبَهُ وَهُوَ مُسْلِمٌ، ثُمَّ ارْتَدَّ عَنْ الْإِسْلَامِ، ثُمَّ عَادَ إلَيْهِ، ثُمَّ مَاتَ مُسْلِمًا ضَمِنَ الْقَاتِلُ الدِّيَةَ كُلَّهَا فِي مَالِهِ؛ لِأَنَّ الضَّرْبَ كَانَ وَهُوَ مَمْنُوعٌ وَالْمَوْتَ كَانَ وَهُوَ مَمْنُوعٌ وَلَا تَسْقُطُ الدِّيَةُ بِحَالٍ حَدَثَتْ بَيْنَهُمَا لَمْ يُحْدِثْ فِيهَا الضَّارِبُ شَيْئًا وَلَا قَوَدَ عَلَيْهِ لِلْحَالِ الْحَادِثَةِ بَيْنَهُمَا وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ.

شِرْكُ مَنْ لَا قِصَاصَ عَلَيْهِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا قَتَلَ رَجُلًا وَقَتَلَهُ مَعَهُ صَبِيٌّ أَوْ مَجْنُونٌ أَوْ حَرْبِيٌّ أَوْ مَنْ لَا قَوَدَ عَلَيْهِ بِحَالٍ فَمَاتَ مِنْ ضَرْبِهِمَا مَعًا فَإِنْ كَانَ ضَرْبُهُمَا مَعًا بِمَا يَكُونُ فِيهِ الْقَوَدُ قُتِلَ الْبَالِغُ وَكَانَ عَلَى الصَّبِيِّ نِصْفُ الدِّيَةِ فِي مَالِهِ، وَكَذَلِكَ الْمَجْنُونُ.

(قَالَ): وَلَوْ قَتَلَ رَجُلٌ ابْنَهُ وَقَتَلَهُ مَعَهُ أَجْنَبِيٌّ وَلَمْ يُقْتَلْ الْأَبُ

<<  <  ج: ص:  >  >>