يَضُمُّ الْقَمِيصَ حَتَّى يَمْنَعَ عَوْرَةَ الْجَيْبِ وَإِنْ كَانَ الْقَمِيصُ مَزْرُورًا وَدُونَ الْجَيْبِ، أَوْ حِذَاءَهُ شِقٌّ لَهُ عَوْرَةٌ كَعَوْرَةِ الْجَيْبِ لَمْ تُجْزِهِ الصَّلَاةُ فِيهِ إلَّا كَمَا تُجْزِيهِ فِي الْجَيْبِ وَإِنْ صَلَّى فِي قَمِيصٍ فِيهِ خَرْقٌ عَلَى شَيْءٍ مِنْ الْعَوْرَةِ وَإِنْ قَلَّ لَمْ تُجْزِهِ الصَّلَاةُ وَإِنْ صَلَّى فِي قَمِيصٍ يَشِفُّ عَنْهُ لَمْ تُجْزِهِ الصَّلَاةُ وَإِنْ صَلَّى فِي قَمِيصٍ فِيهِ خَرْقٌ عَلَى غَيْرِ الْعَوْرَةِ لَيْسَ بِوَاسِعٍ تُرَى مِنْهُ الْعَوْرَةُ أَجْزَأَتْهُ الصَّلَاةُ وَإِنْ كَانَتْ الْعَوْرَةُ تُرَى مِنْهُ لَمْ تُجْزِهِ الصَّلَاةُ فِيهِ وَهَكَذَا الْخَرْقُ فِي الْإِزَارِ يُصَلِّي فِيهِ وَأُحِبُّ أَنْ لَا يُصَلِّيَ فِي الْقَمِيصِ إلَّا وَتَحْتَهُ إزَارٌ، أَوْ سَرَاوِيلُ، أَوْ فَوْقَهُ سُتْرَةٌ فَإِنْ صَلَّى فِي قَمِيصٍ وَاحِدٍ يَصِفُهُ وَلَمْ يَشِفَّ كَرِهْت لَهُ وَلَا يَتَبَيَّنُ أَنَّ عَلَيْهِ إعَادَةُ الصَّلَاةِ، وَالْمَرْأَةُ فِي ذَلِكَ أَشَدُّ حَالًا مِنْ الرَّجُلِ إذَا صَلَّتْ فِي دِرْعٍ وَخِمَارٍ يَصِفُهَا الدِّرْعُ وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ لَا تُصَلِّيَ إلَّا فِي جِلْبَابٍ فَوْقَ ذَلِكَ وَتُجَافِيهِ عَنْهَا لِئَلَّا يَصِفَهَا الدِّرْعُ.
بَابُ مَا يُصَلَّى عَلَيْهِ مِمَّا يُلْبَسُ وَيُبْسَطُ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي نَمِرَةً وَالنَّمِرَةُ صُوفٌ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُصَلَّى فِي الصُّوفِ وَالشَّعْرِ وَالْوَبَرِ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَيُّمَا إهَابٍ دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ» فَلَا بَأْسَ أَنْ يُصَلَّى فِي جُلُودِ الْمَيْتَةِ وَالسِّبَاعِ وَكُلِّ ذِي رُوحٍ إذَا دُبِغَ إلَّا الْكَلْبَ وَالْخِنْزِيرَ وَيُصَلَّى فِي جِلْدِ كُلِّ ذَكِيٍّ يُؤْكَلُ لَحْمُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَدْبُوغًا فَأَمَّا مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ فَذَكَاتُهُ وَغَيْرُ ذَكَاتِهِ سَوَاءٌ لَا يُطَهِّرُهُ إلَّا الدِّبَاغُ وَجِلْدُ الذَّكِيِّ يَحِلُّ أَكْلُهُ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَدْبُوغٍ (قَالَ): وَمَا قُطِعَ مِنْ جِلْدِ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ وَمَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ فَهُوَ مَيْتَةٌ لَا يُطَهِّرُهُ إلَّا الدِّبَاغُ، وَأَنْهَى الرِّجَالَ عَنْ ثِيَابِ الْحَرِيرِ فَمَنْ صَلَّى فِيهَا مِنْهُمْ لَمْ يُعِدْ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِنَجِسَةٍ وَإِنَّمَا تَعَبَّدُوا بِتَرْكِ لُبْسِهَا لَا أَنَّهَا نَجِسَةٌ؛ لِأَنَّ أَثْمَانَهَا حَلَالٌ وَإِنَّ النِّسَاءَ يَلْبَسْنَهَا وَيُصَلِّينَ فِيهَا وَكَذَلِكَ أَنْهَاهُمْ عَنْ لُبْسِ الذَّهَبِ خَوَاتِيمَ وَغَيْرَ خَوَاتِيمَ وَلَوْ لَبِسُوهُ فَصَلَّوْا فِيهِ كَانُوا مُسِيئِينَ بِاللُّبْسِ عَاصِينَ إنْ كَانُوا عَلِمُوا بِالنَّهْيِ وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمْ إعَادَةُ صَلَاةٍ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْأَنْجَاسِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْأَنْجَاسَ عَلَى الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ سَوَاءٌ وَالنِّسَاءُ يُصَلِّينَ فِي الذَّهَبِ.
بَابُ صَلَاةِ الْعُرَاةِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا غَرِقَ الْقَوْمُ فَخَرَجُوا عُرَاةً كُلُّهُمْ، أَوْ سُلِبُوا فِي طَرِيقٍ ثِيَابَهُمْ، أَوْ احْتَرَقَتْ فِيهِ فَلَمْ يَجِدْ أَحَدٌ مِنْهُمْ ثَوْبًا وَهُمْ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ، صَلَّوْا فُرَادَى وَجَمَاعَةً رِجَالًا وَحْدَهُمْ، قِيَامًا يَرْكَعُونَ وَيَسْجُدُونَ وَيَقُومُ إمَامُهُمْ وَسَطُهُمْ وَيَغُضُّ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ، وَتَنَحَّى النِّسَاءُ فَاسْتَتَرْنَ إنْ وَجَدْنَ سِتْرًا عَنْهُمْ فَصَلَّيْنَ جَمَاعَةً أَمَّتْهُنَّ إحْدَاهُنَّ وَتَقُومُ وَسَطَهُنَّ وَيَغُضُّ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ، وَيَرْكَعْنَ وَيَسْجُدْنَ، وَيُصَلِّينَ قِيَامًا كَمَا وَصَفْت فَإِنْ كَانُوا فِي ضِيقٍ لَا سِتْرَ بَيْنَهُمْ مِنْ الْأَرْضِ وَلَّيْنَ وُجُوهَهُنَّ عَنْ الرِّجَالِ حَتَّى إذَا صَلَّوْا وَلَّى الرِّجَالُ وُجُوهَهُمْ عَنْهُنَّ حَتَّى يُصَلِّينَ كَمَا وَصَفْت وَلَيْسَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ إعَادَةٌ إذَا وَجَدَ ثَوْبًا فِي وَقْتٍ وَلَا غَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ مَعَ أَحَدِهِمْ ثَوْبٌ أَمَّهُمْ إنْ كَانَ يُحْسِنُ يَقْرَأُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ يُحْسِن يَقْرَأُ صَلَّى وَحْدَهُ ثُمَّ أَعَارَ لِمَنْ بَقِيَ ثَوْبَهُ وَصَلَّوْا وَاحِدًا وَاحِدًا فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ أَنْ يُعِيرَهُمْ ثَوْبَهُ فَقَدْ أَسَاءَ وَتَجْزِيهِمْ الصَّلَاةُ وَلَيْسَ لَهُمْ مُكَابَرَتُهُ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ مَعَهُ نِسَاءٌ فَإِنْ يُعِيرُهُ لِلنِّسَاءِ، أَوْجَبُ عَلَيْهِ وَيَبْدَأُ بِهِنَّ فَإِذَا فَرَغْنَ أَعَارَ الرِّجَالَ فَإِذَا أَعَارَهُمْ إيَّاهُ لَمْ يَسَعْ وَاحِدًا مِنْهُمْ أَنْ يُصَلِّيَ وَانْتَظَرَ صَلَاةَ غَيْرِهِ لَا يُصَلِّي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute