خَلْفَهُ خَلْفَ الصَّلَوَاتِ ثَلَاثَ تَكْبِيرَاتٍ وَأَكْثَرَ، وَإِنْ تَرَكَ ذَلِكَ الْإِمَامُ كَبَّرَ مَنْ خَلْفَهُ وَيُكَبِّرُ أَهْلُ الْآفَاقِ كَمَا يُكَبِّرُ أَهْلُ " مِنًى "، وَلَا يُخَالِفُونَهُمْ فِي ذَلِكَ إلَّا فِي أَنْ يَتَقَدَّمُوهُمْ بِالتَّكْبِيرِ فَلَوْ ابْتَدَءُوا بِالتَّكْبِيرِ خَلْفَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ مِنْ لَيْلَةِ النَّحْرِ قِيَاسًا عَلَى أَمْرِ اللَّهِ فِي الْفِطْرِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ بِالتَّكْبِيرِ مَعَ إكْمَالِ الْعِدَّةِ، وَأَنَّهُمْ لَيْسُوا مُحْرِمِينَ يُلَبُّونَ فَيَكْتَفُونَ بِالتَّلْبِيَةِ مِنْ التَّكْبِيرِ لَمْ أَكْرَهْ ذَلِكَ، وَقَدْ سَمِعْتُ مَنْ يَسْتَحِبُّ هَذَا، وَإِنْ لَمْ يُكَبِّرُوا، وَأَخَّرُوا ذَلِكَ حَتَّى يُكَبِّرُوا بِتَكْبِيرِ أَهْلِ " مِنًى " فَلَا بَأْسَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ أَنَّهُ كَانَ يَبْتَدِئُ التَّكْبِيرَ خَلْفَ صَلَاةِ الصُّبْحِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَأَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى التَّوْفِيقَ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَيُكَبِّرُ الْإِمَامُ خَلْفَ الصَّلَوَاتِ مَا لَمْ يَقُمْ مِنْ مَجْلِسِهِ فَإِذَا قَامَ مِنْ مَجْلِسِهِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَنْ يَعُودَ إلَى مَجْلِسِهِ فَيُكَبِّرَ، وَأُحِبُّ أَنْ يُكَبِّرَ مَاشِيًا كَمَا هُوَ أَوْ فِي مَجْلِسٍ إنْ صَارَ إلَى غَيْرِ مَجْلِسِهِ (قَالَ): وَلَا يَدَعُ مَنْ خَلْفَهُ التَّكْبِيرَ بِتَكْبِيرِهِ، وَلَا يَدْعُونَهُ إنْ تَرَكَ التَّكْبِيرَ، وَإِنْ قَطَعَ بِحَدِيثٍ، وَكَانَ فِي مَجْلِسِهِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُكَبِّرَ مِنْ سَاعَتِهِ، وَاسْتُحِبَّ لَهُ ذَلِكَ فَإِذَا سَهَا لَمْ يُكَبِّرْ حَتَّى يُسَلِّمَ مِنْ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ.
(قَالَ): وَإِذَا فَاتَ رَجُلًا مَعَهُ شَيْءٌ مِنْ الصَّلَاةِ فَكَبَّرَ الْإِمَامُ قَامَ الَّذِي فَاتَهُ بَعْضُ الصَّلَاةِ يَقْضِي مَا عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ سَهْوٌ سَجَدَ لَهُ؛ فَإِذَا سَلَّمَ كَبَّرَ وَيُكَبِّرُ خَلْفَ النَّوَافِلِ وَخَلْفَ الْفَرَائِضِ، وَعَلَى كُلِّ حَالٍ.
كَيْفَ التَّكْبِيرُ؟
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَالتَّكْبِيرُ كَمَا كَبَّرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الصَّلَاةِ " اللَّهُ أَكْبَرُ " فَيَبْدَأُ الْإِمَامُ فَيَقُولُ: " اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ " حَتَّى يَقُولَهَا ثَلَاثًا، وَإِنْ زَادَ تَكْبِيرًا فَحَسَنٌ، وَإِنْ زَادَ فَقَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا، وَسُبْحَانَ اللَّهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا اللَّهُ أَكْبَرُ، وَلَا نَعْبُدُ إلَّا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدَّيْنَ، وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ صَدَقَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَاَللَّهُ أَكْبَرُ " فَحَسَنٌ وَمَا زَادَ مَعَ هَذَا مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أَحْبَبْتُهُ، غَيْرَ أَنِّي أُحِبُّ أَنْ يَبْدَأَ بِثَلَاثِ تَكْبِيرَاتٍ نَسْقًا، وَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى وَاحِدَةٍ أَجْزَأَتْهُ، وَإِنْ بَدَأَ بِشَيْءٍ مِنْ الذِّكْرِ قَبْلَ التَّكْبِيرِ أَوْ لَمْ يَأْتِ بِالتَّكْبِيرِ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ
كِتَابُ صَلَاةِ الْكُسُوفِ.
أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ سُلَيْمَانُ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ قَالَ اللَّهُ: تَبَارَكَ وَتَعَالَى {وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ - فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لا يَسْأَمُونَ}، وَقَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ} إلَى قَوْلِهِ " يَعْقِلُونَ " مَعَ مَا ذَكَرَ مِنْ الْآيَاتِ فِي كِتَابِهِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَذَكَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْآيَاتِ، وَلَمْ يَذْكُرْ مَعَهَا سُجُودًا إلَّا مَعَ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ، وَأَمَرَ بِأَنْ لَا يُسْجَدَ لَهُمَا، وَأَمَرَ بِأَنْ يُسْجَدَ لَهُ فَاحْتَمَلَ أَمْرُهُ أَنْ يُسْجَدَ لَهُ عِنْدَ ذِكْرِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ بِأَنْ يَأْمُرَ بِالصَّلَاةِ عِنْدَ حَادِثٍ فِي الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ، وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ إنَّمَا نَهَى عَنْ السُّجُودِ لَهُمَا كَمَا نَهَى عَنْ عِبَادَةِ مَا سِوَاهُ، فَدَلَّتْ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى أَنْ يُصَلَّى لِلَّهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute