للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَنْقُصُ نَسَبُهُ عَنْ نَسَبِهَا وَلَمْ يَجْعَلْ اللَّهُ لِلْوُلَاةِ أَمْرًا فِي مَالِهَا، وَلَوْ أَنَّ الْمَرْأَةَ غَرَّتْ الرَّجُلَ بِأَنَّهَا حُرَّةٌ فَإِذَا هِيَ أَمَةٌ وَأَذِنَ لَهَا سَيِّدُهَا كَانَ لَهُ فَسْخُ النِّكَاحِ إنْ شَاءَ، وَلَوْ غَرَّتْهُ بِنَسَبٍ فَوَجَدَهَا دُونَهُ فَفِيهَا قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّ لَهُ عَلَيْهَا فِي الْغُرُورِ بِالنَّسَبِ مَا لَهَا عَلَيْهِ مِنْ رَدِّ النِّكَاحِ وَإِذَا رَدَّ النِّكَاحَ قَبْلَ أَنْ يُصِيبَهَا فَلَا مَهْرَ وَلَا مُتْعَةَ وَإِذَا رَدَّهُ بَعْدَ الْإِصَابَةِ فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا لَا مَا سَمَّى لَهَا وَلَا نَفَقَةَ فِي الْعِدَّةِ حَامِلًا كَانَتْ أَوْ غَيْرَ حَامِلٍ وَلَا مِيرَاثَ بَيْنَهُمَا إذَا فَسَخَ، وَالثَّانِي لَا خِيَارَ لَهُ إذَا كَانَتْ حُرَّةً لِأَنَّ بِيَدِهِ الطَّلَاقَ وَلَا يَلْزَمُهُ مِنْ الْعَارِ مَا يَلْزَمُهَا وَلَهُ الْخِيَارُ بِكُلِّ حَالٍ إنْ كَانَتْ أَمَةً.

(قَالَ الرَّبِيعُ) وَإِنْ كَانَتْ أَمَةً غَرَّ بِهَا كَانَ لَهُ الْخِيَارُ إنْ كَانَ يَخَافُ الْعَنَتَ وَكَانَ لَا يَجِدُ طَوْلًا لِحُرَّةٍ وَإِنْ كَانَ يَجِدُ طَوْلًا لِحُرَّةٍ أَوْ كَانَ لَا يَخَافُ الْعَنَتَ فَالنِّكَاحُ مَفْسُوخٌ بِكُلِّ حَالٍ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ غَرَّهَا بِنَسَبٍ فَوُجِدَ دُونَهُ وَهُوَ بِالنَّسَبِ الدُّونِ كُفْءٌ لَهَا فَفِيهَا قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا لَيْسَ لَهَا وَلَا لِوَلِيِّهَا خِيَارٌ مِنْ قِبَلِ الْكَفَاءَةِ لَهَا وَإِنَّمَا جُعِلَ لَهَا الْخِيَارُ وَلِوَلِيِّهَا مِنْ قِبَلِ التَّقْصِيرِ عَنْ الْكَفَاءَةِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ تَقْصِيرٌ فَلَا خِيَارَ وَهَذَا أَشْبَهُ الْقَوْلَيْنِ وَبِهِ أَقُولُ، وَالْآخَرُ أَنَّ النِّكَاحَ مَفْسُوخٌ لِأَنَّهَا مِثْلُ الْمَرْأَةِ تَأْذَنُ فِي الرَّجُلِ فَتُزَوَّجُ غَيْرَهُ.

وَمَنْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ الْآخَرَ قَالَهُ فِي الْمَرْأَةِ تَغُرُّ بِنَسَبٍ فَتُوجَدُ عَلَى غَيْرِهِ قَالَ وَلَوْ غَرَّتْ بِنَسَبٍ أَوْ غَرَّ بِهِ فَوُجِدَ خَيْرًا مِنْهُ. وَإِنَّمَا مَنَعَنِي مِنْ هَذَا أَنَّ الْغُرُورَ لَمْ يَكُنْ فِيهِ بِبَدَنِهِ وَلَا فِيهَا بِبَدَنِهَا وَهُمَا الْمُزَوِّجَانِ وَإِنَّمَا كَانَ الْغُرُورُ فِيمَنْ فَوْقَهُ فَلَمْ تَكُنْ أَذِنَتْ فِي غَيْرِهِ وَلَا أَذِنَ فِي غَيْرِهَا وَلَكِنَّهُ كَانَ ثَمَّ غُرُورُ نَسَبٍ فِيهِ حَقٌّ لِلْعُقْدَةِ وَكَانَ غَيْرَ فَاسِدٍ أَنْ يَجُوزَ عَلَى الِابْتِدَاءِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَإِنْ قَالَ: فَهَلْ تَجِدُ دَلَالَةَ غَيْرِ مَا ذَكَرْت مِنْ الِاسْتِدْلَالِ مِنْ أَنَّ مَعْنَى الْأَوْلِيَاءِ إنَّمَا هُوَ لِمَعْنَى النَّسَبِ فِي هَذَا الْمَعْنَى أَوْ مَا يُشْبِهُ فِي كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ حَتَّى يَجُوزَ أَنْ تَجْعَلَ فِي النِّكَاحِ خِيَارًا وَالْخِيَارُ إنَّمَا يَكُونُ إلَى الْمُخَيَّرِ إثْبَاتُهُ وَفَسْخُهُ؟ قِيلَ نَعَمْ عَتَقَتْ بَرِيرَةُ فَخَيَّرَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَفَارَقَتْ زَوْجَهَا وَقَدْ كَانَ لَهَا الثُّبُوتُ عِنْدَهُ لِأَنَّهُ لَا يُخَيِّرُهَا إلَّا وَلَهَا أَنْ تَثْبُتَ إنْ شَاءَتْ وَتُفَارِقَ إنْ شَاءَتْ.

وَقَدْ كَانَ الْعَقْدُ عَلَى بَرِيرَةَ صَحِيحًا وَكَانَ الْجِمَاعُ فِيهِ حَلَالًا وَكَانَ لَهَا فَسْخُ الْعَقْدِ فَلَمْ يَكُنْ لِفَسْخِهَا مَعْنًى - وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ - إلَّا أَنَّهَا صَارَتْ حُرَّةً فَصَارَ الْعَبْدُ لَهَا غَيْرَ كُفْءٍ وَاَلَّتِي كَانَتْ كَفِيئَةً فِي حَالٍ ثُمَّ انْتَقَلَتْ إلَى أَنْ تَكُونَ غَيْرَ كُفْءٍ لِلْعَبْدِ لِتَقْصِيرِهِ عَنْهَا أَدْنَى حَالًا مِنْ الَّتِي لَمْ تَكُنْ قَطُّ كَفِيئَةً لِمَنْ غَرَّهَا فَنَكَحَتْهُ عَلَى الْكَفَاءَةِ فَوُجِدَ عَلَى غَيْرِهَا.

فِي الْعَيْبِ بِالْمَنْكُوحَةِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَلَوْ تَزَوَّجَ الرَّجُلُ امْرَأَةً عَلَى أَنَّهَا جَمِيلَةٌ شَابَّةٌ مُوسِرَةٌ تَامَّةٌ بِكْرٌ فَوَجَدَهَا عَجُوزًا قَبِيحَةً مُعْدَمَةً قَطْعَاءَ ثَيِّبًا أَوْ عَمْيَاءَ أَوْ بِهَا ضُرٌّ مَا كَانَ الضُّرُّ غَيْرَ الْأَرْبَعِ الَّتِي سَمَّيْنَا فِيهَا الْخِيَارَ فَلَا خِيَارَ لَهُ. وَقَدْ ظَلَمَ مَنْ شَرَطَ هَذَا نَفْسَهُ. وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْحُرَّةُ وَالْأَمَةُ إذَا كَانَتَا مُتَزَوِّجَتَيْنِ، وَلَيْسَ النِّكَاحُ كَالْبَيْعِ فَلَا خِيَارَ فِي النِّكَاحِ مِنْ عَيْبٍ يَخُصُّ الْمَرْأَةَ فِي بَدَنِهَا وَلَا خِيَارَ فِي النِّكَاحِ عِنْدَنَا إلَّا مِنْ أَرْبَعٍ أَنْ يَكُونَ حَلْقُ فَرْجِهَا عَظْمًا لَا يُوَصِّلُ إلَى جِمَاعِهَا بِحَالٍ وَهَذَا مَانِعٌ لِلْجِمَاعِ الَّذِي لَهُ عَامَّةُ مَا نَكَحَهَا.

فَإِنْ كَانَتْ رَتْقَاءَ فَكَانَ يَقْدِرُ عَلَى جِمَاعِهَا بِحَالٍ فَلَا خِيَارَ لَهُ لَوْ عَالَجَتْ نَفْسَهَا حَتَّى تَصِيرَ إلَى أَنْ يُوَصِّلَ إلَيْهَا فَلَا خِيَارَ لِلزَّوْجِ وَإِنْ لَمْ تُعَالِجْ نَفْسَهَا فَلَهُ الْخِيَارُ إذَا لَمْ يَصِلْ إلَى الْجِمَاعِ بِحَالٍ. وَإِنْ سَأَلَ أَنْ يَشُقَّهَا هُوَ بِحَدِيدَةٍ أَوْ مَا شَابَهَهَا وَيُجْبِرُهَا عَلَى ذَلِكَ لَمْ أَجْعَلْ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ وَجَعَلْت لَهُ الْخِيَارَ وَإِنْ فَعَلَتْهُ هِيَ فَوَصَلَ إلَى جِمَاعِهَا قَبْلَ أَنْ أُخَيِّرَهُ لَمْ أَجْعَلْ لَهُ خِيَارًا، وَلَا يَلْزَمُهَا الْخِيَارُ إلَّا عِنْدَ حَاكِمٍ إلَّا أَنْ يَتَرَاضَيَا هُمَا بِشَيْءٍ يَجُوزُ فَأُجِيزُ تَرَاضِيَهُمَا، وَلَوْ تَزَوَّجَهَا فَوَجَدَهَا مُفْضَاةً لَمْ أَجْعَلْ لَهُ خِيَارًا لِأَنَّهُ يَقْدِرُ عَلَى الْجِمَاعِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>