غَيْرُهُ بِأَمْرِهِ كَمَا قُلْت فِي الْوَجْهِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَوَجْهُ التَّيَمُّمِ مَا وَصَفْت مِنْ ضَرْبِهِ بِيَدَيْهِ مَعًا لِوَجْهِهِ ثُمَّ يُمِرَّهُمَا مَعًا عَلَيْهِ وَعَلَى ظَاهِرِ لِحْيَتِهِ وَلَا يُجْزِيهِ غَيْرُهُ وَلَا يَدَعُ إمْرَارَهُ عَلَى لِحْيَتِهِ وَيَضْرِبُ بِيَدَيْهِ مَعًا لِذِرَاعَيْهِ ثُمَّ يَضَعُ ذِرَاعَهُ الْيُمْنَى فِي بَطْنِ كَفِّهِ الْيُسْرَى ثُمَّ يُمِرَّ بَطْنَ رَاحَتِهِ عَلَى ظَهْرِ ذِرَاعِهِ وَيُمِرَّ أَصَابِعَهُ عَلَى حَرْفِ ذِرَاعِهِ وَأُصْبُعِهِ الْإِبْهَامِ عَلَى بَطْنِ ذِرَاعِهِ لِيَعْلَمَ أَنَّهُ قَدْ اسْتَوْظَفَ وَإِنْ اسْتَوْظَفَ فِي الْأُولَى كَفَاهُ مِنْ أَنْ يَقْلِبَ يَدَهُ فَإِذَا فَرَغَ مِنْ يُمْنَى يَدَيْهِ يَمَّمَ يُسْرَى ذِرَاعَيْهِ بِكَفِّهِ الْيُمْنَى (قَالَ): وَإِنْ بَدَأَ بِيَدَيْهِ قَبْلَ وَجْهِهِ أَعَادَ فَيَمَّمَ وَجْهَهُ ثُمَّ يُيَمِّمَ ذِرَاعَيْهِ وَإِنْ بَدَأَ بِيُسْرَى ذِرَاعَيْهِ قَبْلَ يُمْنَاهَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ إعَادَةٌ وَكَرِهْت ذَلِكَ لَهُ كَمَا قُلْت فِي الْوُضُوءِ وَإِنْ كَانَ أَقْطَعَ الْيَدِ أَوْ الْيَدَيْنِ يَمَّمَ مَا بَقِيَ مِنْ الْقَطْعِ وَإِنْ كَانَ أَقْطَعَهُمَا مِنْ الْمِرْفَقَيْنِ يَمَّمَ مَا بَقِيَ مِنْ الْمِرْفَقَيْنِ وَإِنْ كَانَ أَقْطَعَهُمَا مِنْ الْمَنْكِبَيْنِ فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُمِرَّ التُّرَابَ عَلَى الْمَنْكِبَيْنِ وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدِينُ لَهُ عَلَيْهِمَا فَرْضُ وُضُوءٍ وَلَا تَيَمُّمٍ وَفَرْضُ التَّيَمُّمِ مِنْ الْيَدَيْنِ عَلَى مَا عَلَيْهِ فَرْضُ الْوُضُوءِ.
وَلَوْ كَانَ أَقْطَعَهُمَا مِنْ الْمِرْفَقَيْنِ فَأَمَرَّ التُّرَابَ عَلَى الْعَضُدَيْنِ كَانَ أَحَبَّ إلَيَّ احْتِيَاطًا وَإِنَّمَا قُلْت بِهَذَا؛ لِأَنَّهُ اسْمُ الْيَدِ وَلَيْسَ بِلَازِمٍ؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَمَّمَ ذِرَاعَيْهِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ فَرْضَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي التَّيَمُّمِ عَلَى الْيَدَيْنِ كَفَرْضِهِ عَلَى الْوُضُوءِ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَإِذَا كَانَ أَقْطَعَ فَلَمْ يَجِدْ مَنْ يُيَمِّمَهُ فَإِنْ قَدَرَ عَلَى أَنْ يُلَوِّثَ يَدَيْهِ بِالتُّرَابِ حَتَّى يَأْتِيَ بِهِ عَلَيْهِمَا أَوْ يَحْتَالَ لَهُ بِوَجْهٍ إمَّا بِرِجْلِهِ أَوْ غَيْرِهَا أَجْزَأَهُ وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى ذَلِكَ لَاثَ بِوَجْهِهِ لَوْثًا رَفِيقًا حَتَّى يَأْتِيَ بِالْغُبَارِ عَلَيْهِ وَفَعَلَ ذَلِكَ بِيَدَيْهِ وَصَلَّى وَأَجْزَأَتْهُ صَلَاتُهُ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى لَوْثِهِمَا مَعًا لَاثَ إحْدَاهُمَا وَصَلَّى وَأَعَادَ الصَّلَاةَ إذَا قَدَرَ عَلَى مَنْ يُيَمِّمُهُ أَوْ يُوَضِّئُهُ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا وَجَدَ الرَّجُلُ الْمُسَافِرُ مَاءً لَا يُطَهِّرُ أَعْضَاءَهُ كُلَّهَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَنْ يَغْسِلَ مِنْهَا شَيْئًا (قَالَ الرَّبِيعُ) وَلَهُ قَوْلٌ آخَرُ أَنَّهُ يَغْسِلُ بِمَا مَعَهُ مِنْ الْمَاءِ بَعْضَ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ وَيَتَيَمَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ (قَالَ الرَّبِيعُ)؛ لِأَنَّ الطَّهَارَةَ لَمْ تَتِمَّ فِيهِ كَمَا لَوْ كَانَ بَعْضُ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ جَرِيحًا غَسَلَ مَا صَحَّ مِنْهُ وَتَيَمَّمَ؛ لِأَنَّ الطَّهَارَةَ لَمْ تَكْمُلْ فِيهِ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ تَيَمَّمَ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): لَا يُجْزِيهِ فِي التَّيَمُّمِ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِالْغُبَارِ عَلَى مَا يَأْتِيَ عَلَيْهِ بِالْوُضُوءِ مِنْ وَجْهِهِ وَيَدَيْهِ إلَى الْمِرْفَقَيْنِ.
بَابُ التُّرَابِ الَّذِي يُتَيَمَّمُ بِهِ وَلَا يُتَيَمَّمُ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَكُلُّ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ صَعِيدٍ لَمْ تُخَالِطْهُ نَجَاسَةٌ فَهُوَ صَعِيدٌ طَيِّبٌ يَتَيَمَّمُ بِهِ وَكُلُّ مَا حَالَ عَنْ اسْمِ صَعِيدٍ لَمْ يَتَيَمَّمْ بِهِ وَلَا يَقَعُ اسْمُ صَعِيدٍ إلَّا عَلَى تُرَابٍ ذِي غُبَارٍ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَأَمَّا الْبَطْحَاءُ الْغَلِيظَةُ وَالرَّقِيقَةُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute