تَدْبِيرُ الْمَكَاتِبِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَإِذَا دَبَّرَ الرَّجُلُ مُكَاتَبَهُ فَإِنْ أَدَّى قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ عَتَقَ بِأَدَاءِ الْكِتَابَةِ، وَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ وَلَمْ يُؤَدِّ عَتَقَ بِالتَّدْبِيرِ وَبَطَلَ مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ النُّجُومِ إنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ، وَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ عَتَقَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَا حَمَلَ الثُّلُثُ، وَإِنْ شَاءَ إذَا دَبَّرَ قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ أَنْ يَعْجَزَ كَانَ لَهُ أَنْ يَعْجَزَ وَكَانَ لِسَيِّدِهِ أَخْذُ مَا كَانَ لَهُ مِنْ مَالِ، وَلَا تَبْطُلُ الْكِتَابَةُ بِالتَّدْبِيرِ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ إنَّمَا زَادَهُ خَيْرًا وَلَمْ يَنْقُصْهُ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ أَعْتَقَ جَازَ عِتْقُهُ وَسَقَطَتْ الْكِتَابَةُ عَنْهُ وَلَا يَكُونُ التَّدْبِيرُ مُنْقِصًا لِشَيْءٍ مِنْ الْكِتَابَةِ عَنْهُ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ لَهُ بِالتَّدْبِيرِ عِتْقٌ بَعْدُ، وَمَتَى وَقَعَ سَقَطَ مَا يَبْقَى مِنْ الْكِتَابَةِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَإِذَا مَاتَ السَّيِّدُ وَلَهُ مُكَاتَبٌ لَمْ يُبَعْ الْمُكَاتَبُ وَلَا كِتَابَتَهُ فِي دَيْنِهِ وَيُؤْخَذُ بِنُجُومِهِ فِي دَيْنِهِ، فَإِذَا عَجَزَ بِيعَ فِي الدَّيْنِ وَكَانَ رَقِيقًا، وَالْمُكَاتَبُ يُخَالِفُ الْمُدَبَّرَ، الْمُدَبَّرُ يُبَاعُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ وَصِيَّةٌ وَيَبِيعُهُ سَيِّدُهُ فِي حَيَاتِهِ وَالْمُكَاتَبُ لَا يَبِيعُهُ سَيِّدُهُ فِي دَيْنٍ وَلَا غَيْرِهِ وَلَا بَعْدَ مَوْتِهِ حَتَّى يَعْجَزَ، وَلَوْ كَانَ عَبْدٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَدَبَّرَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ، ثُمَّ أَعْتَقَ الْآخَرُ نَصِيبَهُ وَهُوَ مُوسِرٌ فَفِيهِ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ حُرٌّ كُلُّهُ وَعَلَيْهِ نِصْفُ قِيمَتِهِ وَلَهُ وَلَاؤُهُ؛ لِأَنَّ التَّدْبِيرَ لَيْسَ بِعِتْقِ بَتَاتٍ وَلَا يَحُولُ بَيْنَ السَّيِّدِ وَبَيْنَ بَيْعِهِ، وَبِهِ أَقُولُ، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَنِصْفُهُ حُرٌّ وَنِصْفُهُ الْآخَرُ مُدَبَّرٌ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهُ لَا يَعْتِقُ مِنْهُ إلَّا مَا عَتَقَ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ مُدَبَّرٌ بِحَالِهِ يَرْجِعُ فِيهِ صَاحِبُهُ مَتَى شَاءَ.
مَالُ الْمُدَبَّرِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَمَا اكْتَسَبَ الْمُدَبَّرُ فِي تَدْبِيرِهِ مِنْ شَيْءٍ، ثُمَّ عَتَقَ بَعْدَ مَوْتِ سَيِّدِهِ فَهُوَ مَالٌ لِوَرَثَةِ سَيِّدِهِ؛ لِأَنَّ الْمُدَبَّرَ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا إلَّا شَيْئًا كَسَبَهُ بَعْدَ الْعِتْقِ وَمَا يَمْلِكُ الْمَمْلُوكُ مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّمَا يَمْلِكُهُ لِسَيِّدِهِ، وَكَذَلِكَ لِسَيِّدٍ قَبَضَ جَمِيعَ مَالِهِ قَبْلَ الرُّجُوعِ فِي تَدْبِيرِهِ بِأَيِّ وَجْهٍ كَانَ الْمِلْكُ بِكَسْبٍ، أَوْ هِبَةٍ، أَوْ وَصِيَّةٍ، أَوْ جِنَايَةٍ جُنِيَتْ عَلَيْهِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، وَلَوْ ثَبَتَ الْمُدَبَّرُ عَلَى تَدْبِيرِهِ حَتَّى مَاتَ سَيِّدُهُ فَعَتَقَ وَبِيَدِهِ مَالٌ يُقِرُّ أَنَّهُ إنَّمَا أَفَادَهُ قَبْلَ مَوْتِ سَيِّدِهِ كَانَ مِيرَاثًا لِسَيِّدِهِ، وَلَوْ قَالَ: أَفَدْته بَعْدَ مَوْتِ سَيِّدِي كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ مَعَ يَمِينِهِ وَعَلَى الْوَرَثَةِ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ كَانَ مَلَكَهُ قَبْلَ مَوْتِ سَيِّدِهِ، فَإِنْ جَاءُوا بِهَا عَلَى الْمَالِ، أَوْ بَعْضِهِ أَخَذُوا مَا أَقَامُوا عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ وَإِنْ لَمْ يَأْتُوا بِهَا كَانَ مَا فِي يَدَيْهِ لَهُ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِ سَيِّدِهِ بِسَاعَةٍ؛ لِأَنَّ كَثِيرَ الْمَالِ قَدْ يُفَادُ فِي سَاعَةٍ وَيَتَعَذَّرُ قَلِيلُهُ فِي الزَّمَانِ الطَّوِيلِ، فَإِذَا أَمْكَنَ بِوَجْهٍ أَنْ يَمْلِكَ مِثْلَ ذَلِكَ الْمَالِ فَالْقَوْلُ فِيهِ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ اخْتَلَفَ الْمُدَبَّرُ وَوَرَثَةُ مَنْ دَبَّرَهُ فِي مَالٍ فِي يَدِهِ، فَأَقَامَ الْمُدَبَّرُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ أَفَادَهُ بَعْدَ مَوْتِ سَيِّدِهِ، وَالْوَرَثَةُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ أَفَادَ ذَلِكَ الْمَالَ قَبْلَ مَوْتِ سَيِّدِهِ كَانَتْ الْبَيِّنَةُ بَيِّنَةَ الْمُدَبَّرِ وَالْقَوْلُ قَوْلَهُ لِأَنَّهُمْ مُسْتَوُونَ فِي الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةِ، وَلَوْ فَضَلَ فِي كَيْنُونَتِهِ فِي يَدِهِ فَهُوَ أَرْجَحُ مِنْهُمْ سَبَبًا، وَلَوْ كَانَ فِي يَدِهِ مَالٌ فَأَقَامَ الْوَرَثَةُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ كَانَ فِي يَدَيْهِ وَسَيِّدُهُ حَيٌّ، وَقَالَ الْمُدَبَّرُ: كَانَ فِي يَدَيْ لِغَيْرِي وَإِنَّمَا مَلَكْته بَعْدَ مَوْتِ سَيِّدِي كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ مَعَ يَمِينِهِ وَلَا أُخْرِجُهُ مِنْ يَدَيْهِ حَتَّى يَقُولَ الشُّهُودُ: كَانَ فِي يَدَيْهِ يَمْلِكُهُ، أَوْ هُوَ يَمْلِكُهُ، فَإِذَا أَثْبَتُوا عَلَيْهِ هَذَا أَخْرَجْته مِنْ يَدَيْهِ، وَسَوَاءٌ جَمِيعُ حُكْمِ الْمُدَبَّرِ كَانَ الْمُدَبَّرُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا مُسْلِمًا، أَوْ كَافِرًا، أَوْ امْرَأَةً، أَوْ رَجُلًا. .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute