الْمُسْلِمِ الَّذِي كَاتَبَهُ لَا يَكُونُ فَيْئًا وَلَا غَنِيمَةً وَلَوْ أُوجِفَ عَلَيْهِ بِخَيْلٍ، أَوْ رِكَابٍ؛ لِأَنَّهُ مِلْكٌ لِلسَّيِّدِ الْمُسْلِمِ وَلَوْ ارْتَدَّ الْمُكَاتَبُ وَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ بِشَيْءٍ فَوَقَعَ فِي الْمَقَاسِمِ، أَوْ لَمْ يَقَعْ فَهُوَ لِسَيِّدِهِ وَمَالُهُ كُلُّهُ وَكَذَلِكَ لَوْ أُسِرَ، ثُمَّ سُبِيَ كَانَ لِسَيِّدِهِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَإِنْ أَدَّى فَعَتَقَ وَهُوَ مُرْتَدٌّ بِبِلَادِ الْحَرْبِ فَسُبِيَ فَهُوَ وَمَالُهُ غَنِيمَةٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَمَّ مِلْكُهُ عَلَى مَالِهِ غَيْرَ أَنَّهُ إنْ ظُفِرَ بِهِ وَهُوَ مُكَاتَبٌ، أَوْ حُرٌّ اُسْتُتِيبَ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ مُكَاتَبًا وَمَالُهُ لِلسَّيِّدِ، وَإِنْ عَرَضَ قَبْلَ أَنْ يُقْتَلَ أَنْ يَدْفَعَ إلَى سَيِّدِهِ مَالَهُ مَكَانَهُ أُجْبِرَ سَيِّدُهُ عَلَى قَبْضِهِ وَعَتَقَ وَقُتِلَ وَكَانَ مَالُهُ فَيْئًا، وَإِنْ لَمْ يَدْفَعْ حَتَّى يُقْتَلَ فَمَالُهُ كُلُّهُ لِسَيِّدِهِ إذَا كَانَ سَيِّدُهُ مُسْلِمًا.
وَلَوْ كَانَ السَّيِّدُ الْمُرْتَدَّ وَالْمُكَاتَبُ الْمُسْلِمَ فَإِنْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ وَقُتِلَ السَّيِّدُ، أَوْ مَاتَ عَلَى الرِّدَّةِ فَالْمُكَاتَبُ وَمَالُهُ فَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ لِلْمُرْتَدِّ وَإِذَا أَدَّى فَعَتَقَ فَمَا أَدَّى مِنْ الْكِتَابَةِ فَمَالُ الْمُرْتَدِّ يَكُونُ فَيْئًا، وَمَا بَقِيَ فِي يَدِهِ فَمَالُ الْعَبْدِ الَّذِي عَتَقَ بِالْكِتَابَةِ لَا يَعْرِضُ لَهُ.
وَإِذَا كَاتَبَ الرَّجُلُ عَبْدَهُ، ثُمَّ ارْتَدَّ عَنْ الْإِسْلَامِ فَمَا قَبَضَ فِي رِدَّتِهِ مِنْ كِتَابَتِهِ قَبْلَ يُحْجَرَ عَلَيْهِ فَالْمُكَاتَبُ مِنْهُ بَرِيءٌ، وَمَا قَبَضَ بَعْد الْحَجْرِ مِنْهُ فَلِلْوَالِي أَخْذُهُ بِنُجُومِهِ وَلَا يُبَرِّئُهُ مِنْهُ، فَإِنْ أَسْلَمَ الْمَوْلَى وَقَدْ أَقَرَّ بِقَبْضِهِ مِنْهُ أَبْرَأَهُ الْوَالِي فَمَا قَبَضَ الْمَوْلَى مِنْهُ إنْ كَانَ قَبَضَ مِنْهُ فِي الرِّدَّةِ نَجْمًا، ثُمَّ سَأَلَهُ الْوَالِي ذَلِكَ النَّجْمَ فَلَمْ يُعْطِهِ إيَّاهُ فَعَجَّزَهُ وَأَسْلَمَ الْمُرْتَدُّ أَلْغَى التَّعْجِيزَ عَنْ الْمُكَاتَبِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَاجِزًا حَيْثُ دَفَعَ إلَى سَيِّدِهِ وَهُوَ يُخَالِفُ الْمَحْجُورَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ؛ لِأَنَّ وَقْفَ الْحَاكِمِ مَالَهُ إنَّمَا كَانَ تَوْفِيرًا عَلَى الْمُسْلِمِينَ إنْ مَلَكُوهُ عَنْهُ بِأَنْ يَمُوتَ قَبْلَ يَتُوبَ وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ ضَرَرٌ وَتَابَ فِي وَقْفِهِ عَنْهُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْهُ وَيَقْضِي مِنْهُ دَيْنَهُ وَتُعْطَى مِنْهُ جِنَايَتُهُ، وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ فِي مِلْكِهِ.
وَإِذَا ارْتَدَّ الْعَبْدُ عَنْ الْإِسْلَامِ وَكَاتَبَهُ سَيِّدُهُ جَازَتْ كِتَابَتُهُ، فَإِنْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ وَمَعَهُ عَبْدٌ آخَرُ فِي الْكِتَابَةِ أُخِذَتْ مِنْ الْآخَرِ حِصَّتُهُ وَعَتَقَ مِنْ الْكِتَابَةِ بِقَدْرِهِ وَلَمْ يُؤْخَذْ مِنْ حِصَّةِ الْمُرْتَدِّ شَيْءٌ، وَكَذَلِكَ الْأَمَةُ الْمُرْتَدَّةُ تُكَاتِبُ فَإِنْ وَلَدَتْ فِي الْكِتَابَةِ فَمَتَى عَجَزَتْ فَوَلَدُهَا رَقِيقٌ وَمَتَى عَتَقَتْ عَتَقُوا.
وَإِذَا سُبِيَ مُكَاتَبٌ مُسْلِمٌ فَسَيِّدُهُ أَحَقُّ بِهِ وَقَعَ فِي الْمَقَاسِمِ أَوْ لَمْ يَقَعْ، وَإِنْ اشْتَرَاهُ رَجُلٌ فِي بِلَادِ الْحَرْبِ بِإِذْنِهِ رَجَعَ عَلَيْهِ بِمَا اشْتَرَاهُ بِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ، وَإِنْ اشْتَرَاهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ.
وَإِذَا كَاتَبَ الْعَبْدَ وَهُوَ فِي بِلَادِ الْحَرْبِ فَخَرَجَ الْعَبْدُ مُسْلِمًا وَتَرَكَ مَوْلَاهُ بِهَا مُشْرِكًا فَهُوَ حُرٌّ وَلَا كِتَابَةَ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ خَرَجَ مُسْلِمًا وَهُوَ مُكَاتَبٌ فَإِنْ كَانَ سَيِّدُهُ مُسْلِمًا فِي بِلَادِ الْحَرْبِ فَلَا يَعْتِقُ بِخُرُوجِهِ، وَهُوَ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ فِي بِلَادِ الْحَرْبِ وَلَوْ خَرَجَ سَيِّدُ الْمُكَاتَبِ بَعْدَهُ بِسَاعَةٍ لَمْ يُرَدَّ فِي الرِّقِّ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَاؤُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْتِقْ وَلَوْ كَاتَبَ مُسْلِمٌ عَبْدًا لَهُ مُسْلِمًا فَارْتَدَّ قَبْلَ السَّيِّدِ، ثُمَّ ارْتَدَّ السَّيِّدُ، أَوْ ارْتَدَّ السَّيِّدُ، ثُمَّ ارْتَدَّ الْعَبْدُ، أَوْ ارْتَدَّا مَعًا فَسَوَاءٌ ذَلِكَ كُلُّهُ، وَالْكِتَابَةُ بِحَالِهَا فَإِنْ أَدَّى الْمُكَاتَبُ إلَى السَّيِّدِ قَبْلَ أَنْ يُوقَفَ مَالُهُ عَتَقَ، وَسَوَاءٌ رَجَعَ الْمُكَاتَبُ إلَى الْإِسْلَامِ، أَوْ لَمْ يَرْجِعْ إذَا أَدَّى إلَى السَّيِّدِ فِي أَنْ يَعْتِقَ الْعَبْدُ بِالْأَدَاءِ وَكُلِّ حَالٍ، وَكَذَلِكَ سَوَاءٌ رَجَعَ السَّيِّدُ إلَى الْإِسْلَامِ، أَوْ لَمْ يَرْجِعْ فِي أَنْ يَعْتِقَ الْعَبْدُ بِالْأَدَاءِ وَلَوْ جَاءَ الْعَبْدُ إلَى الْحَاكِمِ فَقَالَ: هَذِهِ كِتَابَتِي فَاقْبِضْهَا، فَإِنْ سَيِّدِي قَدْ ارْتَدَّ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُعَجِّلَ بِقَبْضِهَا حَتَّى يَنْظُرَ، فَإِنْ كَانَ مُرْتَدًّا قَبَضَهَا وَأَعْتَقَهُ وَوَقَفَهَا، فَإِنْ رَجَعَ سَيِّدُهُ إلَى الْإِسْلَامِ إلَيْهِ الْكِتَابَةُ، وَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ حَتَّى مَاتَ، أَوْ قُتِلَ عَلَى الرِّدَّةِ كَانَتْ الْكِتَابَةُ فَيْئًا كَسَائِرِ مَالِهِ.
الْعَبْدُ يَكُونُ لِلرَّجُلِ نِصْفُهُ فَيُكَاتِبُهُ وَيَكُونُ لَهُ كُلُّهُ فَيُكَاتِبُ نِصْفَهُ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: وَإِذَا كَانَ الْعَبْدُ نِصْفُهُ حُرٌّ وَنِصْفُهُ لِرَجُلٍ فَكَاتَبَ الرَّجُلُ نِصْفَهُ فَالْكِتَابَةُ جَائِزَةٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ جَمِيعُ مَا يَمْلِكُهُ مِنْهُ وَمَا بَقِيَ مَمْلُوكٌ لِغَيْرِهِ وَلَوْ كَانَ لَهُ نِصْفُ عَبْدٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute