للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَعْلَمْهُ يَكُونُ لَهُ حُكْمُ الْإِسْلَامِ إلَّا بِإِسْلَامِ أَبَوَيْهِ مَعًا.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ أَغَارَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ أَوْ لَقُوهُمْ بِلَا غَارَةٍ أَوْ أَغَارَ عَلَيْهِمْ الْمُشْرِكُونَ فَاخْتَلَطُوا فِي الْقِتَالِ فَقَتَلَ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ بَعْضًا أَوْ جَرَحَهُ فَادَّعَى الْقَاتِلُ أَنَّهُ لَمْ يَعْرِفْ الْمَقْتُولَ أَوَالْمَجْرُوحَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ فَلَا قَوَدَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ وَيَدْفَعُ إلَى أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ دِيَتَهُ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ صَفًّا وَالْمُشْرِكُونَ صَفًّا لَمْ يَتَحَامَلُوا فَقَتَلَ مُسْلِمٌ مُسْلِمًا فِي صَفِّ الْمُسْلِمِينَ فَقَالَ ظَنَنْتُهُ مُشْرِكًا لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ إنَّمَا يُقْبَلُ مِنْهُ إذَا كَانَ الْأَغْلَبُ أَنَّ مَا ادَّعَى كَمَا ادَّعَى.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ قِيلَ لِمُسْلِمٍ: قَدْ حَمَلَ الْمُشْرِكُونَ عَلَيْنَا أَوْ حَمَلَ مِنْهُمْ وَاحِدٌ أَوْ رَأَوْا وَاحِدًا قَدْ حَمَلَ فَقَتَلَ مُسْلِمًا فِي صَفِّ الْمُسْلِمِينَ وَقَالَ ظَنَنْته الَّذِي حَمَلَ أَوْ بَعْضَ مَنْ حَمَلَ قُبِلَ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ وَكَانَتْ عَلَيْهِ الدِّيَةُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ قَتَلَهُ فِي صَفِّ الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ قَدْ عَلِمْت أَنَّهُ مُؤْمِنٌ فَعَمَدْتُهُ قُتِلَ بِهِ.

(قَالَ): وَلَوْ حَمَلَ مُسْلِمٌ عَلَى مُشْرِكٍ فَاسْتَتَرَ مِنْهُ بِالْمُسْلِمِ فَعَمَدَ الْمُسْلِمُ قَتْلَ الْمُسْلِمِ كَانَ عَلَيْهِ الْقَوَدُ، وَلَوْ قَالَ عَمَدْت قَتْلَ الْمُشْرِكِ فَأَخْطَأْت بِالْمُسْلِمِ كَانَتْ عَلَيْهِ الدِّيَةُ (قَالَ): وَلَوْ قَالَ لَمْ أَعْرِفْهُ مُسْلِمًا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ عَقْلٌ وَلَا قَوَدٌ وَكَانَتْ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ كَانَ الْكَافِرُ الْحَامِلُ عَلَى مُسْلِمٍ أَوْ كَانَ الْمُسْلِمُ مُلْتَحِمًا فَضَرَبَهُ وَهُوَ مُتَتَرِّسٌ بِمُسْلِمٍ وَقَالَ عَمَدْت الْكَافِرَ كَانَ هَكَذَا، وَلَوْ قَالَ عَمَدْت الْمُؤْمِنَ كَانَ عَلَيْهِ الْقَوَدُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ عَمْدُ الْمُؤْمِنِ فِي حَالٍ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ كَانَ لَا يُمْكِنُهُ ضَرْبُ الْكَافِرِ إلَّا بِضَرْبِهِ الْمُسْلِمَ بِحَالٍ فَضَرَبَ الْمُسْلِمَ فَقَتَلَهُ وَهُوَ يَعْرِفُهُ وَقَالَ أَرَدْت الْكَافِرَ أُقِيدَ بِالْمُسْلِمِ وَلَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ أَرَدْت الْكَافِرَ إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ الْإِرَادَةُ إلَّا بِأَنْ يَقَعَ الضَّرْبُ بِالْمُسْلِمِ. (أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ) قَالَ.

(أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ) قَالَ أَخْبَرَنَا مُطَرِّفٌ عَنْ مَعْمَرِ بْنِ رَاشِدٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ. قَالَ: «كَانَ الْيَمَانُ أَبُو حُذَيْفَةَ بْنُ الْيَمَانِ شَيْخًا كَبِيرًا فَوَقَعَ فِي الْآطَامِ مَعَ النِّسَاءِ يَوْمَ أُحُدٍ فَخَرَجَ يَتَعَرَّضُ الشَّهَادَةَ فَجَاءَ مِنْ نَاحِيَةِ الْمُشْرِكِينَ فَابْتَدَرَهُ الْمُسْلِمُونَ فتوشقوه بِأَسْيَافِهِمْ وَحُذَيْفَةُ يَقُولُ: أَبِي أَبِي فَلَا يَسْمَعُونَهُ مِنْ شُغْلِ الْحَرْبِ حَتَّى قَتَلُوهُ فَقَالَ حُذَيْفَةُ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ فَقَضَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهِ بِدِيَتِهِ».

مَا قَتَلَ أَهْلُ دَارِ الْحَرْبِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَأَصَابُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ

(أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ) قَالَ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَمَا نَالَ أَهْلُ دَارِ الْحَرْبِ مِنْ الْمُشْرِكِينَ مِنْ قَتْلِ مُسْلِمٍ أَوْ مُعَاهَدٍ أَوْ مُسْتَأْمَنٍ أَوْ جُرْحٍ أَوْ مَالٍ لَمْ يَضْمَنُوا مِنْهُ شَيْئًا إلَّا أَنْ يُوجَدَ مَالٌ لِمُسْلِمٍ أَوْ مُسْتَأْمَنٍ فِي أَيْدِيهِمْ فَيُؤْخَذُ مِنْهُمْ أَسْلَمُوا عَلَيْهِ أَوْ لَمْ يُسْلِمُوا، وَكَذَلِكَ إنْ قَتَلُوا وُحْدَانًا أَوْ جَمَاعَةً أَوْ دَخَلَ رَجُلٌ مِنْهُمْ دَاخِلَ بِلَادِ الْإِسْلَامِ مُسْتَتِرًا أَوْ مُكَابِرًا لَمْ يُتْبَعْ إذَا أَسْلَمَ بِمَا أَصَابَ وَلَمْ يَكُنْ لِوَلِيِّ الْقَتِيلِ عَلَيْهِ قِصَاصٌ وَلَا أَرْشٌ وَلَا يُتْبَعُ أَهْلُ دَارِ الْحَرْبِ مِنْ الْمُشْرِكِينَ بِغُرْمِ مَالٍ وَلَا غَيْرِهِ إلَّا مَا وَصَفْت مِنْ أَنْ يُوجَدَ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْهُمْ مَالُ رَجُلٍ بِعَيْنِهِ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: مَا دَلَّ عَلَى مَا وَصَفْت؟ قِيلَ: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} وَمَا قَدْ سَلَفَ تَقْضِي وَذَهَبَ وَدَلَّتْ السُّنَّةُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى أَنَّهُ يُطْرَحُ عَنْهُمْ مَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ اللَّهِ عَزَّ ذِكْرُهُ وَالْعِبَادِ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْإِيمَانُ يَجُبُّ مَا كَانَ قَبْلَهُ» وَقَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا} وَلَمْ يَأْمُرْهُمْ بِرَدِّ مَا مَضَى مِنْهُ وَقَتَلَ وَحْشِيٌّ حَمْزَةَ فَأَسْلَمَ فَلَمْ يُقَدْ مِنْهُ وَلَمْ يُتْبَعْ لَهُ بِعَقْلٍ وَلَمْ يُؤْمَرْ لَهُ بِكَفَّارَةٍ لِطَرْحِ الْإِسْلَامِ مَا فَاتَ فِي الشِّرْكِ، وَكَذَلِكَ إنْ أَصَابَهُ بِجُرْحٍ؛ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَمَرَ بِقِتَالِ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْأَوْثَانِ {حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ} وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ {قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} إلَى قَوْلِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>