قَوْلِ مَنْ أَعْتَقَ وَلَدَ الْمُدَبَّرَةِ بِعِتْقِهَا وَوَلَاؤُهَا لِلَّذِي دَبَّرَهَا وَوَلَاءُ وَلَدِهَا الَّذِينَ أُعْتِقُوا بِعِتْقِهَا فَإِنْ وَلَدَتْ بَعْدَهُمْ أَوْلَادًا فَوَلَاؤُهُمْ لِمَوَالِي أَبِيهِمْ وَقَالَ فِي الْمُكَاتَبَةِ كَمَا قَالَ فِي الْمُدَبَّرَةِ إلَّا أَنَّ الْمُكَاتَبَةَ لَا تُعْتَقُ بِمَوْتِ سَيِّدِهَا إنَّمَا عَتَقَ بِالْأَدَاءِ.
الْمُكَاتَبَةُ تُسْبَى فَتُوطَأُ فَتَلِدُ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا وَلَدَتْ الْمُكَاتَبَةُ أَوْلَادًا فِي دَارِ الْحَرْبِ وَهِيَ مَسْبِيَّةٌ ثُمَّ أَدَّتْ فَعَتَقَتْ عَتَقَ وَلَدُهَا بِعِتْقِهَا فِي قَوْلٍ يُعْتَقُ وَلَدُ الْمُكَاتَبَةِ بِعِتْقِ أُمِّهِ وَإِنْ عَجَزَتْ رَقَّتْ وَرَقَّ وَلَدُهَا.
أُمُّ وَلَدِ النَّصْرَانِيِّ تُسْلِمُ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): إذَا أَسْلَمَتْ أُمُّ وَلَدِ النَّصْرَانِيِّ حِيلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا وَأَخَذَ بِنَفَقَتِهَا وَأُمِرَتْ أَنْ تَعْمَلَ لَهُ فِي مَوْضِعِهَا مَا يَعْمَلُ مِثْلُهَا لِمِثْلِهِ فَإِنْ مَاتَ فَهِيَ حُرَّةٌ وَإِنْ أَسْلَمَ خُلِّيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا وَلَا يَجُوزُ فِيهَا مَا ذَهَبَ إلَيْهِ بَعْضُ النَّاسِ مِنْ أَنْ تُعْتَقَ وَتَسْعَى فِي قِيمَتِهَا مِنْ قِبَلِ أَنَّهَا إنْ كَانَ الْإِسْلَامُ يُعْتِقُهَا فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَيْهَا سِعَايَةٌ وَإِنْ كَانَ الْإِسْلَامُ لَا يُعْتِقُهَا فَمَا سَبَبُ عِتْقِهَا وَمَا سَبَبُ سِعَايَتِهَا؟ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): الْعِتْقُ لَوْ كَانَ مِنْ قِبَلِ سَيِّدِهَا وَأَعْتَقَ مِنْهَا سَهْمًا مِنْ مِائَةِ سَهْمٍ عَتَقَتْ كُلُّهَا وَلَمْ يَكُنْ الْعِتْقُ مِنْ قِبَلِ سَيِّدِهَا وَلَا مِنْ قِبَلِ شَرِيكٍ لَهُ، فَإِنْ قَالَ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهَا فَهِيَ لَا تَقْدِرُ عَلَى أَنْ تُعْتِقَ نَفْسَهَا، فَإِنْ قَالَ مِنْهُمْ قَائِلٌ: وَهَلْ ثَبَتَ الرِّقُّ لِكَافِرٍ عَلَى مُسْلِمٍ؟ قِيلَ: أَنْتَ تُثْبِتُهُ قَالَ: وَأَيْنَ؟ قُلْتُ: زَعَمْت أَنَّ عَبْدَ الْكَافِرِ إذَا أَسْلَمَ فَأَعْتَقَهُ الْكَافِرُ أَوْ بَاعَهُ أَوْ وَهَبَهُ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ أَجَزْت هَذَا كُلَّهُ فِيهِ وَلَوْ كَانَ الْإِسْلَامُ يُزِيلُ مِلْكَهُ عَنْهُ مَا جَازَ لَهُ مِنْ هَذَا شَيْءٌ وَأَنْتَ تَزْعُمُ أَنَّ لِلْكَافِرِ أَنْ يَشْتَرِيَ الْمُؤْمِنَ ثُمَّ يَكُونُ عَلَيْهِ بَيْعُهُ وَيَكُونُ لِمُشْتَرِيهِ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى مِلْكِ الْكَافِرِ بِالْعَيْبِ ثُمَّ تَقُولُ لِلْكَافِرِ: بِعْهُ فَإِنْ زَعَمْت أَنَّك تُجْبِرُهُ عَلَى بَيْعِهِ، قِيلَ: فَقُلْ هَذَا فِي مُدَبَّرِهِ وَمُكَاتَبِهِ، فَإِنْ قُلْت: لَا. قِيلَ: فَكَذَا قُلْ فِي أُمِّ وَلَدِهِ لَيْسَ الْإِسْلَامُ بِعِتْقٍ لَهَا وَلَا أَجِدُ السَّبِيلَ إلَى بَيْعِهَا لِمَا سَبَقَ فِيهَا وَلَا يَجُوزُ قَوْلُ مَنْ قَالَ: أَعْتَقَهَا وَلَا سِعَايَةَ عَلَيْهَا مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ لَا يَعْتِقُ الْأَمَةَ لَمْ تَلِدْ إذَا أَسْلَمَتْ وَهِيَ لِنَصْرَانِيٍّ وَلَا الْعَبْدَ وَيَقُولُ آمُرُهُ بِبَيْعِهِمَا وَالرَّجُلُ لَا يَكُونُ عُهْدَةُ الْبَيْعِ عَلَيْهِ إلَّا فِيمَا يَمْلِكُ وَهُوَ يُجِيزُ الْعِتْقَ وَالْهِبَةَ وَالصَّدَقَةَ وَهَذَا لَا يَجُوزُ إلَّا لِمَالِكٍ. فَإِنْ قَالَ: لَا أَجِدُهُ يَمْلِكُ مِنْ أُمِّ الْوَلَدِ إلَّا الْوَطْءَ فَقَدْ حَرَّمَ عَلَيْهِ الْوَطْءَ فَهُوَ يَمْلِكُ الرَّجُلَ مِنْ أُمِّ وَلَدِهِ أَنْ يَأْخُذَ مَالَهَا وَكَسْبَهَا وَالْجِنَايَةُ عَلَيْهَا وَيَسْتَعِمَّهَا وَتَمُوتُ فَيَصِيرُ إلَيْهِ مَا حَوَتْ وَهَذَا كُلُّهُ غَيْرُ وَطْئِهَا وَلَوْ كَانَ إذَا حَرَّمَ عَلَيْهِ الْفَرْجَ عَتَقَتْ أُمُّ الْوَلَدِ كَانَ لَوْ زَوَّجَ مَالِكٌ أُمَّ وَلَدِهِ أَوْ كَاتَبَهَا انْبَغَى أَنْ يُعْتِقَهَا عَلَيْهِ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ قَدْ حِيلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ فَرْجِهَا وَحَوْلٌ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الْفَرْجِ بِسَبَبٍ لَا يَمْنَعُ شَيْئًا غَيْرَهُ وَقَدْ قَالَ قَائِلٌ: تَسْعَى فِي نِصْفِ قِيمَتِهَا كَأَنَّهُ جَعَلَ نِصْفَهَا حُرًّا بِالْوَلَدِ وَنِصْفَهَا مَمْلُوكًا إلَى أَنْ يَمُوتَ السَّيِّدُ. وَلَا أَعْرِفُ لِلْوَلَدِ حِصَّةً مِنْ الْعِتْقِ مُتَبَعِّضَةً وَلَوْ كَانَتْ حُرَّةً كُلَّهَا مِنْ قِبَلِ أَنَّ الْوَلَدَ مِنْ السَّيِّدِ وَهُوَ لَوْ أَعْتَقَ السَّيِّدُ مِنْهَا سَهْمًا مِنْ أَلْفِ سَهْمٍ جَعَلَهَا حُرَّةً كُلَّهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute