قَبْلَ الْفَجْرِ لَمْ يُجْزِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي الصَّوْمِ وَهُوَ يَعْقِلُهُ وَلَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ فِيهِ وَفِي يَوْمٍ بَعْدَهُ أَوْ فِي أَكْثَرَ وَلَمْ يُطْعِمْ اسْتَأْنَفَ الصَّوْمَ لِأَنَّ حُكْمَهُ فِي الْيَوْمِ الَّذِي أُغْمِيَ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يُفِيقَ أَنَّهُ غَيْرُ صَائِمٍ عَنْ ظِهَارٍ لِأَنَّهُ لَا يَعْقِلُهُ.
(قَالَ): وَلَوْ صَامَ مُسَافِرًا أَوْ مُقِيمًا أَوْ مَرِيضًا عَنْ ظِهَارٍ شَهْرَيْنِ أَحَدُهُمَا شَهْرُ رَمَضَانَ لَمْ يُجْزِهِ وَاسْتَأْنَفَ الصَّوْمَ لَا يُجْزِئُ رَمَضَانُ مِنْ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ إذَا رُخِّصَ لَهُ فِي فِطْرِهِ بِالْمَرَضِ وَالسَّفَرِ فَإِنَّمَا يُخَفَّفُ عَنْهُ فَإِذَا لَمْ يُخَفِّفْهُ عَنْ نَفْسِهِ فَلَا يَكُونُ تَطَوُّعًا وَلَا صَوْمًا عَنْ غَيْرِهِ وَعَلَيْهِ أَنْ يَسْتَأْنِفَ شَهْرَيْنِ وَيَقْضِيَ شَهْرَ رَمَضَانَ لِأَنَّهُ صَامَهُ بِغَيْرِ نِيَّةِ شَهْرِ رَمَضَانَ (قَالَ): وَلَا يُجْزِئُهُ فِي صَوْمٍ وَاجِبٍ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَتَقَدَّمَ بِنِيَّتِهِ قَبْلَ الْفَجْرِ فَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ بِنِيَّتِهِ قَبْلَ الْفَجْرِ لَمْ يُجْزِهِ ذَلِكَ الْيَوْمُ وَلَا يُجْزِئُهُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ كُلَّ يَوْمٍ مِنْهُ عَلَى حِدَتِهِ قَبْلَ الْفَجْرِ لِأَنَّ كُلَّ يَوْمٍ مِنْهُ غَيْرُ صَاحِبِهِ، وَإِنْ دَخَلَ فِي يَوْمٍ مِنْهُ بِنِيَّةٍ تُجْزِئُهُ ثُمَّ عَزَبَتْ عَنْهُ النِّيَّةُ فِي آخِرِ يَوْمِهِ أَجْزَأَهُ لِأَنَّ النِّيَّةَ بِالدُّخُولِ لَا فِي كُلِّ طَرْفَةِ عَيْنٍ مِنْهُ، فَإِذَا أَحَالَ النِّيَّةَ فِيهِ إلَى أَنْ يَجْعَلَهُ تَطَوُّعًا أَوْ وَاجِبًا غَيْرَ الَّذِي دَخَلَ بِهِ فِيهِ لَمْ يُجْزِهِ وَاسْتَأْنَفَ الصَّوْمَ بَعْدَهُ وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ ظِهَارَانِ فَصَامَ شَهْرَيْنِ عَنْ أَحَدِهِمَا وَلَا يَنْوِي عَنْ أَيِّهِمَا هُوَ كَانَ لَهُ أَنْ يَجْعَلَهُ عَنْ أَيِّهِمَا شَاءَ وَيُجْزِئُهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ صَامَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ عَنْهُمَا وَهَكَذَا لَوْ كَانَتْ عَلَيْهِ ثَلَاثُ كَفَّارَاتٍ فَأَعْتَقَ مَمْلُوكًا لَهُ لَيْسَ لَهُ غَيْرُهُ وَصَامَ شَهْرَيْنِ ثُمَّ مَرِضَ فَأَطْعَمَ سِتِّينَ مِسْكِينًا يَنْوِي بِجَمِيعِ هَذِهِ الْكَفَّارَاتِ الظِّهَارَ أَجْزَأَهُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ بِعَيْنِهَا كَانَ مُجْزِئًا عَنْهُ لِأَنَّ نِيَّتَهُ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ أَدَاؤُهَا عَنْ كَفَّارَةِ يَمِينٍ لَزِمَتْهُ وَسَوَاءٌ كَفَّرَ أَيَّ كَفَّارَاتِ الظِّهَارِ شَاءَ مِمَّا يَجُوزُ كَانَتْ امْرَأَتُهُ عِنْدَهُ أَوْ مَيِّتَةً أَوْ عِنْدَ زَوْجٍ غَيْرِهِ أَوْ مُرْتَدَّةً أَوْ بِأَيِّ حَالٍ كَانَتْ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَلَوْ ارْتَدَّ الزَّوْجُ بَعْدَ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ الظِّهَارُ فَأَعْتَقَ عَبْدًا عَنْ ظِهَارِهِ فِي رِدَّتِهِ وُقِفَ فَإِنْ رَجَعَ إلَى الْإِسْلَامِ أَجْزَأَ عَنْهُ لِأَنَّهُ قَدْ أَدَّى مَا عَلَيْهِ كَمَا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَأَدَّاهُ بَرِئَ مِنْهُ وَهَكَذَا لَوْ كَانَ مِمَّنْ عَلَيْهِ إطْعَامُ مَسَاكِينَ فَأَطْعَمَهُمْ فِي رِدَّتِهِ ثُمَّ أَسْلَمَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَنْ يَعُودَ وَهَكَذَا لَوْ كَانَ قِصَاصًا أَوْ حَدًّا فَأُخِذَ مِنْهُ فِي رِدَّتِهِ لَمْ يَعُدْ عَلَيْهِ لِأَنَّ هَذَا إخْرَاجُ شَيْءٍ مِنْ مَالِهِ أَوْ عُقُوبَةٌ عَلَى بَدَنِهِ لِمَنْ وَجَبَتْ لَهُ.
فَإِنْ قِيلَ فَهَذَا لَا يُكْتَبُ لَهُ أَجْرُهُ وَلَا يُكَفَّرُ بِهِ عَنْهُ.
قِيلَ: وَالْحُدُودُ نَزَلَتْ كَفَّارَاتٌ لِلذُّنُوبِ «وَحَدَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَهُودِيَّيْنِ بِالرَّجْمِ» وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّهَا لَيْسَتْ كَفَّارَةً لَهُمَا بِخِلَافِهِمَا فِي دِينِ الْإِسْلَامِ وَلَكِنَّهَا كَانَتْ عُقُوبَةً عَلَيْهِمَا فَأُخِذَتْ وَإِنْ لَمْ تُكْتَبْ لَهُمَا، وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ صَوْمٌ فَصَامَهُ فِي رِدَّتِهِ لَمْ يُجْزِهِ لِأَنَّ الصَّوْمَ عَمَلٌ عَلَى الْبَدَنِ وَالْعَمَلُ عَلَى الْبَدَنِ لَا يُجْزِئُ عَنْهُ وَلَا يُجْزِئُ إلَّا لِمَنْ يُكْتَبُ لَهُ.
الْكَفَّارَةُ بِالْإِطْعَامِ
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ - فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا} (قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَمَنْ تَظَاهَرَ وَلَمْ يَجِدْ رَقَبَةً وَلَمْ يَسْتَطِعْ حِينَ يُرِيدُ الْكَفَّارَةَ عَنْ الظِّهَارِ صَوْمَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ بِمَرَضٍ أَوْ عِلَّةٍ مَا كَانَتْ أَجْزَأَهُ أَنْ يُطْعِمَ قَالَ وَلَا يُجْزِئُهُ أَنْ يُطْعِمَ أَقَلَّ مِنْ سِتِّينَ مِسْكِينًا كُلَّ مِسْكِينٍ مُدًّا مِنْ طَعَامِ بَلَدِهِ الَّذِي يَقْتَاتُهُ حِنْطَةً أَوْ شَعِيرًا أَوْ أُرْزًا أَوْ تَمْرًا أَوْ سُلْتًا أَوْ زَبِيبًا أَوْ أَقِطًا وَلَوْ أَطْعَمَ ثَلَاثِينَ مِسْكِينًا مُدَّيْنِ مُدَّيْنِ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ أَوْ أَيَّامٍ مُتَفَرِّقَةٍ لَمْ يُجْزِهِ إلَّا عَنْ ثَلَاثِينَ وَكَانَ مُتَطَوِّعًا بِمَا زَادَ كُلَّ مِسْكِينٍ عَلَى مُدٍّ لِأَنَّ مَعْقُولًا عَنْ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إذَا أَوْجَبَ طَعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ غَيْرُ الْآخَرِ كَمَا كَانَ ذَلِكَ مَعْقُولًا عَنْهُ فِي عَدَدِ الشُّهُودِ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا أَوْجَبَ وَلَا يُجْزِئُهُ أَنْ يُعْطِيَهُمْ ثَمَنَ الطَّعَامِ أَضْعَافًا وَلَا يُعْطِيهِمْ إلَّا مَكِيلَةَ طَعَامٍ لِكُلٍّ وَاحِدٍ وَلَا يُجْزِئُهُ أَنْ يُغَدِّيَهُمْ وَإِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute