للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَالِغٍ كَانَتْ ثَيِّبًا لَا يَكُونُ لِلْأَبِ تَزْوِيجُهَا إلَّا بِإِذْنِهَا وَلَا يَكُونُ لَهُ تَزْوِيجُهَا إذَا كَانَتْ ثَيِّبًا وَإِنْ كَانَتْ لَمْ تَبْلُغْ إنَّمَا يُزَوِّجُ الصَّغِيرَةَ إذَا كَانَتْ بِكْرًا لِأَنَّهُ لَا أَمْرَ لَهَا فِي نَفْسِهَا إذَا كَانَتْ صَغِيرَةً وَلَا بَالِغًا مَعَ أَبِيهَا قَالَ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ غَيْرِ الْآبَاءِ أَنْ يُزَوِّجَ بِكْرًا وَلَا ثَيِّبًا صَغِيرَةً لَا بِإِذْنِهَا وَلَا بِغَيْرِ إذْنِهَا وَلَا يُزَوِّجُ وَاحِدَةً مِنْهُمَا حَتَّى تَبْلُغَ فَتَأْذَنَ فِي نَفْسِهَا. وَإِنْ زَوَّجَهَا أَحَدٌ غَيْرُ الْآبَاءِ صَغِيرَةً فَالنِّكَاحُ مَفْسُوخٌ وَلَا يَتَوَارَثَانِ وَلَا يَقَعُ عَلَيْهَا طَلَاقٌ وَحُكْمُهُ حُكْمُ النِّكَاحِ الْفَاسِدِ فِي جَمِيعِ أَمْرِهِ لَا يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ وَلَا مِيرَاثٌ وَالْآبَاءُ وَغَيْرُهُمْ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ فِي الثَّيِّبِ سَوَاءٌ لَا يُزَوِّجُ أَحَدٌ الثَّيِّبَ إلَّا بِإِذْنِهَا، وَإِذْنُهَا الْكَلَامُ، وَإِذْنُ الْبِكْرِ الصَّمْتُ. وَإِذَا زَوَّجَ الْأَبُ الثَّيِّبَ بِغَيْرِ عِلْمِهَا فَالنِّكَاحُ مَفْسُوخٌ رَضِيَتْ بَعْدُ أَوْ لَمْ تَرْضَ وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْأَوْلِيَاءِ فِي الْبِكْرِ وَالثَّيِّبِ. .

الْأَبُ يُنْكِحُ ابْنَتَهُ الْبِكْرَ غَيْرَ الْكُفْءِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): يَجُوزُ أَمْرُ الْأَبِ عَلَى الْبِكْرِ فِي النِّكَاحِ إذَا كَانَ النِّكَاحُ حَظًّا لَهَا أَوْ غَيْرَ نَقْصٍ عَلَيْهَا وَلَا يَجُوزُ إذَا كَانَ نَقْصًا لَهَا أَوْ ضَرَرًا عَلَيْهَا كَمَا يَجُوزُ شِرَاؤُهُ وَبَيْعُهُ عَلَيْهَا بِلَا ضَرَرٍ عَلَيْهَا فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ مِنْ غَيْرِ مَا لَا يَتَغَابَنُ أَهْلُ الْبَصَرِ بِهِ، وَكَذَلِكَ ابْنُهُ الصَّغِيرُ.

قَالَ وَلَوْ زَوَّجَ رَجُلٌ ابْنَتَهُ عَبْدًا لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ لَمْ يَجُزْ النِّكَاحُ لِأَنَّ الْعَبْدَ غَيْرُ كُفْءٍ لَمْ يَجُزْ وَفِي ذَلِكَ عَلَيْهَا نَقْصٌ بِضَرُورَةٍ وَلَوْ زَوَّجَهَا غَيْرَ كُفْءٍ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ عَلَيْهَا نَقْصًا، وَلَوْ زَوَّجَهَا كُفُؤًا أَجْذَمَ أَوْ أَبْرَصَ أَوْ مَجْنُونًا أَوْ خَصِيًّا مَجْبُوبًا أَوْ غَيْرَ مَجْبُوبٍ لَمْ يَجُزْ عَلَيْهَا لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ بَالِغًا كَانَ لَهَا الْخِيَارُ إذَا عَلِمَتْ هِيَ بِدَاءٍ مِنْ هَذِهِ الْأَدْوَاءِ، وَلَوْ زَوَّجَهَا كُفُؤًا صَحِيحًا ثُمَّ عَرَضَ لَهُ دَاءٌ مِنْ هَذِهِ الْأَدْوَاءِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا حَتَّى تَبْلُغَ فَإِذَا بَلَغَتْ فَلَهَا الْخِيَارُ.

(قَالَ): وَلَوْ عَقَدَ النِّكَاحَ عَلَيْهَا لِرَجُلٍ بِهِ بَعْضُ الْأَدْوَاءِ ثُمَّ ذَهَبَ عَنْهُ قَبْلَ أَنْ تَبْلُغَ أَوْ عِنْدَ بُلُوغِهَا فَاخْتَارَتْ الْمُقَامَ مَعَهُ لَمْ يَكُنْ لَهَا ذَلِكَ لِأَنَّ أَصْلَ الْعَقْدِ مَفْسُوخًا.

(قَالَ): لَوْ زَوَّجَ ابْنَهُ صَغِيرًا أَوْ مَخْبُولًا أَمَةً كَانَ النِّكَاحُ مَفْسُوخًا لِأَنَّ الصَّغِيرَ لَا يَخَافُ الْعَنَتَ وَالْمَخْبُولَ لَا يُعْرِبُ عَنْ نَفْسِهِ بِأَنَّهُ يَخَافُ الْعَنَتَ وَإِنْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَا يَجِدُ طَوْلًا وَلَوْ زَوَّجَهُ جَذْمَاءَ أَوْ بَرْصَاءَ أَوْ مَجْنُونَةً أَوْ رَتْقَاءَ لَمْ يَجُزْ عَلَيْهِ النِّكَاحُ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ زَوَّجَهُ امْرَأَةً فِي نِكَاحِهَا ضَرَرٌ عَلَيْهِ أَوْ لَيْسَ لَهُ فِيهَا وَطَرٌ، مِثْلُ عَجُوزٍ فَانِيَةٍ أَوْ عَمْيَاءَ أَوْ قَطْعَاءَ أَوْ مَا أَشْبَهَ هَذَا.

الْمَرْأَةُ لَا يَكُونُ لَهَا الْوَلِيُّ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ» فَبَيَّنَ فِيهِ أَنَّ الْوَلِيَّ رَجُلٌ لَا امْرَأَةٌ فَلَا تَكُونُ الْمَرْأَةُ وَلِيًّا أَبَدًا لِغَيْرِهَا وَإِذَا لَمْ تَكُنْ وَلِيًّا لِنَفْسِهَا كَانَتْ أَبْعَدَ مِنْ أَنْ تَكُونَ وَلِيًّا لِغَيْرِهَا وَلَا تَعْقِدُ عَقْدَ نِكَاحٍ. أَخْبَرَنَا الثِّقَةُ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَتْ عَائِشَةُ تُخْطَبُ إلَيْهَا الْمَرْأَةُ مِنْ أَهْلِهَا فَتَشْهَدُ فَإِذَا بَقِيَتْ عُقْدَةُ النِّكَاحِ قَالَتْ لِبَعْضِ أَهْلِهَا زَوِّجْ فَإِنَّ الْمَرْأَةَ لَا تَلِي عُقْدَةَ النِّكَاحِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ) أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ لَا تُنْكِحُ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ فَإِنَّ الْبَغِيَّ إنَّمَا تُنْكِحُ نَفْسَهَا.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا أَرَادَتْ الْمَرْأَةُ أَنْ تُزَوِّجَ جَارِيَتَهَا لَمْ يَجُزْ أَنْ تُزَوِّجَهَا هِيَ وَلَا وَكِيلُهَا إنْ لَمْ يَكُنْ وَلِيًّا

<<  <  ج: ص:  >  >>