وَلَا بَأْسَ أَنْ يَحُكَّ رَأْسَهُ وَلِحْيَتَهُ وَأُحِبُّ إذَا حَكَّهُمَا أَنْ يَحُكَّهُمَا بِبُطُونِ أَنَامِلِهِ لِئَلَّا يَقْطَعَ الشَّعْرَ وَإِنْ حَكَّهُمَا أَوْ مَسَّهُمَا فَخَرَجَ فِي يَدَيْهِ مِنْ شَعْرِهِمَا أَوْ شَعْرِ أَحَدِهِمَا شَيْءٌ أَحْبَبْت لَهُ أَنْ يَفْتَدِيَ احْتِيَاطًا وَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّ ذَلِكَ خَرَجَ مِنْ فِعْلِهِ وَذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ الشَّعْرُ سَاقِطًا فِي الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ فَإِذَا مَسَّهُ تَبِعَهُ، وَالْفِدْيَةُ فِي الشَّعْرَةِ مُدٌّ بِمُدِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ حِنْطَةٍ يَتَصَدَّقُ بِهِ عَلَى مِسْكِينٍ وَفِي الِاثْنَتَيْنِ مُدَّانِ عَلَى مِسْكِينَيْنِ وَفِي الثَّلَاثِ فَصَاعِدًا دَمٌ وَلَا يُجَاوِزُ بِشَيْءٍ مِنْ الشَّعْرِ وَإِنْ كَثُرَ دَمٌ
مَا لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَفْعَلَهُ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ) أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَطَاءٍ وَطَاوُسٍ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - احْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ».
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَلَا بَأْسَ أَنْ يَحْتَجِمَ الْمُحْرِمُ مِنْ ضَرُورَةٍ أَوْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ وَلَا يَحْلِقُ الشَّعْرَ وَكَذَلِكَ يَفْتَحُ الْعِرْقَ وَيَبُطُّ الْجُرْحَ وَيَقْطَعُ الْعُضْوَ لِلدَّوَاءِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَلَوْ احْتَاطَ إذَا قَطَعَ عُضْوًا فِيهِ شَعْرٌ افْتَدَى كَانَ أَحَبَّ إلَيَّ وَلَيْسَ ذَلِكَ عَلَيْهِ بِوَاجِبٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْطَعْ الشَّعْرَ إنَّمَا قَطَعَ الْعُضْوَ الَّذِي لَهُ أَنْ يَقْطَعَهُ وَيَخْتَتِنُ الْمُحْرِمُ وَيُلْصِقُ عَلَيْهِ الدَّوَاءَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَوْ حَجَّ أَغْلَفُ أَجْزَأَ عَنْهُ وَإِنْ دَاوَى شَيْئًا مِنْ قُرْحِهِ وَأَلْصَقَ عَلَيْهِ خِرْقَةً أَوْ دَوَاءً فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ الْجَسَدِ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي الرَّأْسِ فَتَكُونَ عَلَيْهِ الْفِدْيَةُ
مَا لَيْسَ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَفْعَلَهُ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَلَيْسَ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَقْطَعَ شَيْئًا مِنْ شَعْرِهِ وَلَا شَيْئًا مِنْ أَظْفَارِهِ وَإِنْ انْكَسَرَ ظُفُرٌ مِنْ أَظْفَارِهِ فَبَقِيَ مُتَعَلِّقًا فَلَا بَأْسَ أَنْ يَقْطَعَ مَا انْكَسَرَ مِنْ الظُّفُرِ وَكَانَ غَيْرَ مُتَّصِلٍ بِبَقِيَّةِ الظُّفُرِ وَلَا خَيْرَ فِي أَنْ يُقْطَعَ مِنْهُ شَيْءٌ مُتَّصِلٌ بِالْبَقِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَيْسَ بِثَابِتٍ فِيهِ وَإِذَا أَخَذَ ظُفُرًا مِنْ أَظْفَارِهِ أَوْ بَعْضَ ظُفُرٍ أَطْعَمَ مِسْكِينًا وَإِنْ أَخَذَ ظُفُرًا ثَانِيًا أَطْعَمَ مِسْكِينَيْنِ فَإِنْ أَخَذَ ثَلَاثَةً فِي مَقَامٍ وَاحِدٍ أَهْرَاقَ دَمًا وَإِنْ أَخَذَهَا مُتَفَرِّقَةً أَطْعَمَ عَنْ كُلِّ ظُفُرٍ مُدًّا وَكَذَلِكَ الشَّعْرُ وَسَوَاءٌ النِّسْيَانُ وَالْعَمْدُ فِي الْأَظْفَارِ وَالشَّعْرِ وَقَتْلِ الصَّيْدِ؛ لِأَنَّهُ شَيْءٌ يَذْهَبُ فَلَا يَعُودُ وَلَا بَأْسَ عَلَى الْمُحْرِمِ أَنْ يَقْطَعَ أَظْفَارَ الْمَحِلِّ وَأَنْ يَحْلِقَ شَعْرَهُ وَلَيْسَ لَلْمَحِلِّ أَنْ يَقْطَعَ أَظْفَارَ الْمُحْرِمِ وَلَا يَحْلِقَ شَعْرَهُ فَإِنْ فَعَلَ بِأَمْرِ الْمُحْرِمِ فَالْفِدْيَةُ عَلَى الْمُحْرِمِ وَإِنْ فَعَلَهُ بِغَيْرِ أَمْرِ الْمُحْرِمِ رَاقِدٌ أَوْ مُكْرَهٌ افْتَدَى الْمُحْرِمُ وَرَجَعَ بِالْفِدْيَةِ عَلَى الْمَحِلِّ
بَابُ الصَّيْدِ لِلْمُحْرِمِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَصَيْدُ الْبَرِّ ثَلَاثَةُ أَصْنَافٍ صِنْفٌ يُؤْكَلُ وَكُلُّ مَا أُكِلَ مِنْهُ فَهُوَ صِنْفَانِ طَائِرٌ وَدَوَابُّ فَمَا أَصَابَ مِنْ الدَّوَابِّ نَظَرَ إلَى أَقْرَبِ الْأَشْيَاءِ مِنْ الْمَقْتُولِ مِنْ الصَّيْدِ شَبَهًا مِنْ النَّعَمِ، وَالنَّعَمُ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ فَيُجْزَى بِهِ فَفِي النَّعَامَةِ بَدَنَةٌ وَفِي بَقَرَةِ الْوَحْشِ بَقَرَةٌ وَفِي حِمَارِ الْوَحْشِ بَقَرَةٌ وَفِي الثَّيْتَلِ بَقَرَةٌ وَفِي الْغَزَالِ عَنْزٌ وَفِي الضَّبُعِ كَبْشٌ، وَفِي الْأَرْنَبِ عَنَاقٌ وَفِي الْيَرْبُوعِ جَفْرَةٌ وَفِي صِغَارِ أَوْلَادِهَا صِغَارُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute