بِالْإِمَامِ فَصَلَّى الرَّكْعَةَ الَّتِي بَقِيَتْ عَلَى الْإِمَامِ وَجَلَسَ فِي مَثْنَى الْإِمَامِ، ثُمَّ صَلَّى الرَّكْعَتَيْنِ الْبَاقِيَتَيْنِ عَلَى الْإِمَامِ وَتَشَهَّدَ فَإِذَا أَرَادَ السَّلَامَ قَدَّمَ رَجُلًا لَمْ يَفُتْهُ شَيْءٌ مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ فَسَلَّمَ بِهِمْ وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ سَلَّمُوا هُمْ لِأَنْفُسِهِمْ آخِرًا وَقَامَ هُوَ فَقَضَى الرَّكْعَةَ الَّتِي بَقِيَتْ عَلَيْهِ وَلَوْ سَلَّمَ هُوَ بِهِمْ سَاهِيًا وَسَلَّمُوا لِأَنْفُسِهِمْ أَجْزَأَتْهُمْ صَلَاتُهُمْ وَبَنَى هُوَ لِنَفْسِهِ وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ.
وَإِنْ سَلَّمَ عَامِدًا ذَاكِرًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُكْمِلْ الصَّلَاةَ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَقَدَّمُوا هُمْ رَجُلًا فَسَلَّمَ بِهِمْ، أَوْ سَلَّمُوا لِأَنْفُسِهِمْ أَيَّ ذَلِكَ فَعَلُوا أَجْزَأَتْهُمْ صَلَاتُهُمْ وَلَوْ قَامَ بِهِمْ فَقَامُوا وَرَاءَهُ سَاهِينَ، ثُمَّ ذَكَرُوا قَبْلَ أَنْ يَرْكَعُوا كَانَ عَلَيْهِمْ أَنْ يَرْجِعُوا فَيَتَشَهَّدُوا، ثُمَّ يُسَلِّمُوا لِأَنْفُسِهِمْ، أَوْ يُسَلِّمَ بِهِمْ غَيْرُهُ، وَلَوْ اتَّبَعُوهُ فَذَكَرُوا رَجَعُوا جُلُوسًا وَلَمْ يَسْجُدُوا وَكَذَلِكَ لَوْ سَجَدُوا إحْدَى السَّجْدَتَيْنِ وَلَمْ يَسْجُدُوا الْأُخْرَى، أَوْ ذَكَرُوا وَهُمْ سُجُودٌ قَطَعُوا السُّجُودَ عَلَى أَيِّ حَالٍ ذَكَرُوا أَنَّهُمْ زَائِدُونَ عَلَى الصَّلَاةِ وَهُمْ فِيهَا فَارَقُوا تِلْكَ الْحَالَ إلَى التَّشَهُّدِ، ثُمَّ سَجَدُوا لِلسَّهْوِ وَسَلَّمُوا، وَلَوْ فَعَلَ هَذَا بَعْضُهُمْ وَهُوَ ذَاكِرٌ لِصَلَاتِهِ عَالِمٌ بِأَنَّهُ لَمْ يُكْمِلْ عَدَدَهَا فَسَدَتْ عَلَيْهِ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ عَمَدَ الْخُرُوجَ مِنْ فَرِيضَةٍ إلَى صَلَاةِ نَافِلَةٍ قَبْلَ التَّسْلِيمِ مِنْ الْفَرِيضَةِ وَلَا خُرُوجَ مِنْ صَلَاةٍ إلَّا بِسَلَامٍ " قَالَ: أَبُو يَعْقُوبَ الْبُوَيْطِيُّ " وَمَنْ أَحْرَمَ جُنُبًا بِقَوْمٍ، ثُمَّ ذَكَرَ فَخَرَجَ فَتَوَضَّأَ وَرَجَعَ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَؤُمَّهُمْ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ حِينَئِذٍ إنَّمَا يُكَبِّرُ لِلِافْتِتَاحِ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ إحْرَامُ الْقَوْمِ وَكُلُّ مَأْمُومٍ أَحْرَمَ قَبْلَ إمَامِهِ فَصَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا» وَلَيْسَ كَالْمَأْمُومِ يُكَبِّرُ خَلْفَ الْإِمَامِ فِي آخِرِ صَلَاةِ الْإِمَامِ وَقَدْ كَبَّرَ قَوْمٌ خَلْفَ الْإِمَامِ فِي أَوَّلِ صَلَاةِ الْإِمَامِ فَيُحْدِثُ الْإِمَامُ فَيُقَدِّمُ الَّذِي أَحْرَمَ مَعَهُ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ إحْرَامُهُ إحْرَامَ مَنْ أَدْرَكَ أَوَّلَ صَلَاةِ الْإِمَامِ مِنْ هَذَا بِسَبِيلٍ (قَالَ: الشَّافِعِيُّ): مَنْ أَحْرَمَ قَبْلَ الْإِمَامِ فَصَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ.
الِائْتِمَامُ بِإِمَامَيْنِ مَعًا
(قَالَ: الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَلَوْ أَنَّ رَجُلَيْنِ وَقَفَا لِيَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إمَامًا لِمَنْ خَلْفَهُ وَلَا يَأْتَمُّ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بِصَاحِبِهِ كَانَ أَحَدُهُمَا إمَامَ الْآخَرِ، أَوْ بِحِذَائِهِ قَرِيبًا، أَوْ بَعِيدًا مِنْهُ فَصَلَّى خَلْفَهُمَا نَاسٌ يَأْتَمُّونَ بِهِمَا مَعًا لَا بِأَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ كَانَتْ صَلَاةُ مَنْ صَلَّى خَلْفَهُمَا مَعًا فَاسِدَةً؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُفْرِدُوا النِّيَّةَ فِي الِائْتِمَامِ بِأَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ، أَلَا تَرَى أَنَّ أَحَدَهُمَا لَوْ رَكَعَ قَبْلَ الْآخَرِ فَرَكَعُوا بِرُكُوعِهِ كَانُوا خَارِجِينَ بِالْفِعْلِ دُونَ النِّيَّةِ مِنْ إمَامَةِ الْآخَرِ إلَى غَيْرِ صَلَاةِ أَنْفُسِهِمْ وَلَا إمَامٍ أَحْدَثُوهُ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ إمَامًا قَبْلَ إحْدَاثِهِمْ وَلَوْ أَنَّ الَّذِي أَخَّرَ الرُّكُوعَ الْأَوَّلَ قَدَّمَ الرُّكُوعَ الثَّانِيَ فَائْتَمُّوا بِهِ كَانُوا قَدْ خَرَجُوا بِالْفِعْلِ دُونَ النِّيَّةِ مِنْ إمَامَتِهِ أَوَّلًا وَمِنْ إمَامَةِ الَّذِي قَدَّمَ الرُّكُوعَ الْأَوَّلَ بَعْدَهُ وَلَوْ ائْتَمُّوا بِهِمَا مَعًا ثُمَّ لَمْ يَنْوُوا الْخُرُوجَ مِنْ إمَامَتِهِمَا مَعًا وَالصَّلَاةِ لِأَنْفُسِهِمْ لَمْ تَجْزِهِمْ صَلَاتُهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ افْتَتَحُوا الصَّلَاةَ بِإِمَامَيْنِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ وَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُمْ فَإِنْ قِيلَ فَقَدْ ائْتَمَّ أَبُو بَكْرٍ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالنَّاسُ بِأَبِي بَكْرٍ قِيلَ الْإِمَامُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبُو بَكْرٍ مَأْمُومٌ عَلِمَ بِصَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ جَالِسًا ضَعِيفَ الصَّوْتِ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ قَائِمًا يَرَى وَيَسْمَعُ وَلَوْ ائْتَمَّ رَجُلٌ بِرَجُلٍ وَائْتَمَّ النَّاسُ بِالْمَأْمُومِ لَمْ تَجْزِهِمْ صَلَاتُهُمْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ إمَامًا مَأْمُومًا إنَّمَا الْإِمَامُ الَّذِي يَرْكَعُ وَيَسْجُدُ بِرُكُوعِ نَفْسِهِ وَسُجُودِهِ لَا بِرُكُوعِ غَيْرِهِ وَسُجُودِهِ وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا رَأَى رَجُلَيْنِ مَعًا وَاقِفَيْنِ مَعًا فَنَوَى أَنْ يَأْتَمَّ بِأَحَدِهِمَا لَا بِعَيْنِهِ فَصَلَّيَا صَلَاةً وَاحِدَةً لَمْ تَجْزِهِ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْوِ ائْتِمَامًا بِأَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ صَلَّيَا مُنْفَرِدَيْنِ فَائْتَمَّ بِأَحَدِهِمَا لَمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute