يَكُونَ تَحْرِيمُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إتْيَانَ النِّسَاءِ فِي الْمَحِيضِ لِأَذَى الْمَحِيضِ وَإِبَاحَتُهُ إتْيَانَهُنَّ إذَا طَهُرْنَ وَتَطَهَّرْنَ بِالْمَاءِ مِنْ الْحَيْضِ عَلَى أَنَّ الْإِتْيَانَ الْمُبَاحَ فِي الْفَرْجِ نَفْسِهِ كَالدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّ إتْيَانَ النِّسَاءِ فِي أَدْبَارِهِنَّ مُحَرَّمٌ قَالَ وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا حَرَّمَ إتْيَانَ النِّسَاءِ فِي دَمِ الْحَيْضِ الَّذِي تُؤْمَرُ فِيهِ الْمَرْأَةُ بِالْكَفِّ عَنْ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَلَمْ يَحْرُمْ فِي دَمِ الِاسْتِحَاضَةِ لِأَنَّهَا قَدْ جُعِلَتْ فِي دَمِ الِاسْتِحَاضَةِ فِي حُكْمِ الطَّاهِرِ يَجِبُ عَلَيْهَا الْغُسْلُ مِنْ دَمِ الْحَيْضِ وَدَمُ الِاسْتِحَاضَةِ قَائِمٌ وَالصَّلَاةُ وَالصِّيَامُ عَلَيْهَا فَإِذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ حَائِضًا لَمْ يَحِلَّ لِزَوْجِهَا أَنْ يُصِيبَهَا وَلَا إذَا طَهُرَتْ حَتَّى تَطْهُرَ بِالْمَاءِ، ثُمَّ يَحِلُّ لَهُ أَنْ يُصِيبَهَا قَالَ: وَإِنْ كَانَتْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدْ مَاءً فَإِذَا تَيَمَّمَتْ حَلَّ لَهُ أَنْ يُصِيبَهَا وَلَا يَحِلُّ لَهُ إصَابَتُهَا فِي الْحَضَرِ بِالتَّيَمُّمِ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِهَا قُرْحٌ يَمْنَعُهَا الْغُسْلَ فَتَغْسِلَ فَرْجَهَا وَمَا لَا قُرْحَ فِيهِ مِنْ جَسَدِهَا بِالْمَاءِ ثُمَّ تَتَيَمَّمَ ثُمَّ يَحِلُّ لَهُ إصَابَتُهَا إذَا حَلَّتْ لَهَا الصَّلَاةُ وَيُصِيبُهَا فِي دَمِ الِاسْتِحَاضَةِ إنْ شَاءَ وَحُكْمُهُ حُكْمُ الطَّهَارَةِ قَالَ وَبَيِّنٌ فِي الْآيَةِ إنَّمَا نَهَى عَنْ إتْيَانِ النِّسَاءِ فِي الْمَحِيضِ وَمَعْرُوفٌ أَنَّ الْإِتْيَانَ فِي الْفَرْجِ لِأَنَّ التَّلَذُّذَ بِغَيْرِ الْفَرْجِ فِي شَيْءٍ مِنْ الْجَسَدِ لَيْسَ إتْيَانًا وَدَلَّتْ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى أَنَّ لِلزَّوْجِ مُبَاشَرَةَ الْحَائِضِ إذَا شَدَّتْ عَلَيْهَا إزَارَهَا وَالتَّلَذُّذَ بِمَا فَوْقَ الْإِزَارِ مُفْضِيًا إلَيْهَا بِجَسَدِهِ وَفَرْجِهِ فَذَلِكَ لِزَوْجِ الْحَائِضِ وَلَيْسَ لَهُ التَّلَذُّذُ بِمَا تَحْتَ الْإِزَارِ مِنْهَا.
بَابُ إتْيَانِ النِّسَاءِ فِي أَدْبَارِهِنَّ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ} الْآيَةُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَبَيِّنٌ أَنَّ مَوْضِعَ الْحَرْثِ مَوْضِعُ الْوَلَدِ وَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَبَاحَ الْإِتْيَانَ فِيهِ إلَّا فِي وَقْتِ الْحَيْضِ وَ {أَنَّى شِئْتُمْ} مِنْ أَيْنَ شِئْتُمْ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِبَاحَةُ الْإِتْيَانِ فِي مَوْضِعِ الْحَرْثِ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ تَحْرِيمَ إتْيَانٍ فِي غَيْرِهِ فَالْإِتْيَانُ فِي الدُّبُرِ حَتَّى يَبْلُغَ مِنْهُ مَبْلَغَ الْإِتْيَانِ فِي الْقَبْلِ مُحَرَّمٌ بِدَلَالَةِ الْكِتَابِ ثُمَّ السُّنَّةِ أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا عَمِّي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ شَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ السَّائِبِ عَنْ عَمْرِو بْنِ أحيحة أَوْ ابْنِ فُلَانِ بْنِ أحيحة بْنِ فُلَانٍ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ وَكَانَ ثِقَةً عَنْ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ «أَنَّ سَائِلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ إتْيَانِ النِّسَاءِ فِي أَدْبَارِهِنَّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَلَالٌ ثُمَّ دَعَاهُ أَوْ أَمَرَ بِهِ فَدُعِيَ فَقَالَ كَيْفَ قُلْت فِي أَيِّ الْخَرِبَتَيْنِ أَوْ فِي أَيِّ الْخَرَزَتَيْنِ أَوْ فِي الْخَصْفَتَيْنِ أَمِنْ دُبْرِهَا فِي قُبُلِهَا فَنَعَمْ أَمْ مِنْ دُبْرِهَا فِي دُبْرِهَا فَلَا إنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِ مِنْ الْحَقِّ لَا تَأْتُوا النِّسَاءَ فِي أَدْبَارِهِنَّ».
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَأَمَّا التَّلَذُّذُ بِغَيْرِ إبْلَاغِ الْفَرْجِ بَيْنَ الْأَلْيَتَيْنِ وَجَمِيعِ الْجَسَدِ فَلَا بَأْسَ بِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ وَسَوَاءٌ هُوَ مِنْ الْأَمَةِ أَوْ الْحُرَّةِ فَإِذَا أَصَابَهَا فِيمَا هُنَاكَ لَمْ يُحْلِلْهَا لِزَوْجٍ إنْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَلَمْ يُحْصِنْهَا وَلَا يَنْبَغِي لَهَا تَرْكُهُ وَإِنْ ذَهَبَتْ إلَى الْإِمَامِ نَهَاهُ فَإِنْ أَقَرَّ بِالْعَوْدَةِ لَهُ أَدَبُهُ دُونَ الْحَدِّ وَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ فِيهِ لَهَا لِأَنَّهَا زَوْجَةٌ وَلَوْ كَانَ فِي زِنًا حُدَّ فِيهِ - إنْ فَعَلَهُ - حَدَّ الزِّنَا وَأُغْرِمَ - إنْ كَانَ غَاصِبًا لَهَا - مَهْرَ مِثْلِهَا قَالَ وَمَنْ فَعَلَهُ وَجَبَ عَلَيْهِ الْغُسْلُ وَأَفْسَدَ حَجَّهُ.
بَابُ الِاسْتِمْنَاءِ
قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ - إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ} قَرَأَ إلَى {الْعَادُونَ} (قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَكَانَ بَيِّنًا فِي ذِكْرِ حِفْظِهِمْ لِفُرُوجِهِمْ إلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ تَحْرِيمُ مَا سِوَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute