كَانَ الْحَقُّ حَالًّا أَوْ إلَى أَجَلٍ فَإِنْ كَانَ الْحَقُّ حَالًّا أَوْ إلَى أَجَلٍ فَقَالَ الرَّاهِنُ: أَرْهَنُك عَلَى أَنْ تَزِيدَنِي فِي الْأَجَلِ فَفَعَلَ فَالرَّهْنُ مَفْسُوخٌ وَالْحَقُّ الْحَالُّ كَمَا كَانَ وَالْمُؤَجَّلُ إلَى أَجَلِهِ الْأَوَّلِ بِحَالِهِ وَالْأَجَلُ الْآخَرُ بَاطِلٌ وَغُرَمَاءُ الرَّاهِنِ فِي الرَّهْنِ الْفَاسِدِ أُسْوَةُ الْمُرْتَهِنِ، وَكَذَلِكَ لَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ عَلَيْهِ تَأْخِيرَ الْأَجَلِ وَشَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يَبِيعَهُ شَيْئًا أَوْ يُسَلِّفَهُ إيَّاهُ أَوْ يَعْمَلَهُ لَهُ بِثَمَنٍ عَلَى أَنْ يَرْهَنَهُ، وَلَمْ يَرْهَنْهُ لَمْ يَجُزْ الرَّهْنُ، وَلَا يَجُوزُ الرَّهْنُ فِي حَقٍّ وَاجِبٍ قِبَلَهُ حَتَّى يَتَطَوَّعَ بِهِ الرَّاهِنُ بِلَا زِيَادَةِ شَيْءٍ عَلَى الْمُرْتَهِنِ، وَلَوْ قَالَ لَهُ: بِعْنِي عَبْدَك بِمِائَةٍ عَلَى أَنْ أَرْهَنَك بِالْمِائَةِ وَحَقِّك الَّذِي قِبَلَهَا رَهْنًا كَانَ الرَّهْنُ وَالْبَيْعُ مَفْسُوخًا كُلُّهُ، وَلَوْ هَلَكَ الْعَبْدُ فِي يَدَيْ الْمُشْتَرِي كَانَ ضَامِنًا لِقِيمَتِهِ، وَلَوْ أَقَرَّ الْمُرْتَهِنُ أَنَّ الْمَوْضُوعَ عَلَى يَدَيْهِ الرَّهْنُ قَبَضَهُ جَعَلْته رَهْنًا، وَلَمْ أَقْبَلْ قَوْلَ الْعَدْلِ: لَمْ أَقْبِضْهُ إذَا قَالَ الْمُرْتَهِنُ قَدْ قَبَضَهُ الْعَدْلُ.
اخْتِلَافُ الْمَرْهُونِ وَالْحَقِّ الَّذِي يَكُونُ بِهِ الرَّهْنُ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَإِذَا كَانَتْ الدَّارُ أَوْ الْعَبْدُ أَوْ الْعَرَضُ فِي يَدَيْ رَجُلٍ فَقَالَ رَهَنِّيهِ فُلَانٌ عَلَى كَذَا، وَقَالَ فُلَانٌ مَا رَهَنْتُكَهُ، وَلَكِنِّي أَوْدَعْتُك إيَّاهُ أَوْ وَكَّلْتُك بِهِ أَوْ غَصَبْتَنِيهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الدَّارِ وَالْعَرَضِ وَالْعَبْدِ؛ لِأَنَّ الَّذِي فِي يَدِهِ يُقِرُّ لَهُ بِمِلْكِهِ وَيَدَّعِي عَلَيْهِ فِيهِ حَقًّا فَلَا يَكُونُ فِيهِ بِدَعْوَاهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ الَّذِي هُوَ فِي يَدَيْهِ رَهَنْتَنِيهِ بِأَلْفٍ، وَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَك عَلَيَّ أَلْفٌ، وَلَمْ أَرْهَنْك بِهِ مَا زَعَمْت كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ وَعَلَيْهِ أَلْفٌ بِلَا رَهْنٍ كَمَا أَقَرَّ، وَلَوْ كَانَتْ فِي يَدَيْ رَجُلٍ دَارَانِ فَقَالَ: رَهَنَنِيهِمَا فُلَانٌ بِأَلْفٍ، وَقَالَ فُلَانٌ: رَهَنْتُك إحْدَاهُمَا وَسَمَّاهَا بِعَيْنِهَا بِأَلْفٍ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ رَبِّ الدَّارِ الَّذِي زَعَمَ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِرَهْنٍ غَيْرِ رَهْنٍ.
، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لَهُ رَهَنْتُك إحْدَاهُمَا بِمِائَةٍ لَمْ يَكُنْ رَهْنًا إلَّا بِمِائَةٍ، وَلَوْ قَالَ الَّذِي هُمَا فِي يَدَيْهِ: رَهَنْتَنِيهِمَا بِأَلْفٍ، وَقَالَ رَبُّ الدَّارَيْنِ: بَلْ رَهَنْتُك إحْدَاهُمَا بِغَيْرِ عَيْنِهَا بِأَلْفٍ لَمْ تَكُنْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا رَهْنًا، وَكَانَتْ عَلَيْهِ أَلْفٌ بِإِقْرَارِهِ بِلَا رَهْنٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي الْأَصْلِ أَنْ يَقُولَ رَجُلٌ لِرَجُلٍ: أَرْهَنُك إحْدَى دَارَيَّ هَاتَيْنِ، وَلَا يُسَمِّيهَا، وَلَا أَحَدَ عَبْدَيَّ هَذَيْنِ، وَلَا أَحَدَ ثَوْبَيَّ هَذَيْنِ، وَلَا يَجُوزُ الرَّهْنُ حَتَّى يَكُونَ مُسَمًّى بِعَيْنِهِ.
وَلَوْ كَانَتْ دَارٌ فِي يَدَيْ رَجُلٍ فَقَالَ رَهَنِّيهَا فُلَانٌ بِأَلْفٍ وَدَفَعَهَا إلَيَّ، وَقَالَ فُلَانٌ رَهَنْتُهُ إيَّاهَا بِأَلْفٍ، وَلَمْ أَدْفَعْهَا إلَيْهِ فَعَدَا عَلَيْهَا فَغَصَبَهَا أَوْ تَكَارَاهَا مِنِّي رَجُلٌ فَأَنْزَلَهُ فِيهَا أَوْ تَكَارَاهَا مِنِّي هُوَ فَنَزَلَهَا، وَلَمْ أَدْفَعْهَا إلَيْهِ قَبْضًا بِالرَّهْنِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الدَّارِ، وَلَا تَكُونُ رَهْنًا إذَا كَانَ يَقُولُ لَيْسَتْ بِرَهْنٍ فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ، وَهُوَ إذَا أَقَرَّ بِالرَّهْنِ، وَلَمْ يَقْبِضْهُ الْمُرْتَهِنُ فَلَيْسَ بِرَهْنٍ، وَلَوْ كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدَيْ رَجُلٍ فَقَالَ: رَهَنِّيهَا فُلَانٌ بِأَلْفِ دِينَارٍ وَأَقْبَضَنِيهَا. وَقَالَ فُلَانٌ: رَهَنْتُهُ إيَّاهَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ أَوْ أَلْفِ فَلْسٍ وَأَقْبَضْته إيَّاهَا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ رَبِّ الدَّارِ، وَلَوْ كَانَ فِي يَدَيْ رَجُلٍ عَبْدٌ فَقَالَ: رَهَنِّيهِ فُلَانٌ بِمِائَةٍ وَصَدَّقَهُ الْعَبْدُ. وَقَالَ رَبُّ الْعَبْدِ: مَا رَهَنْتُهُ إيَّاهُ بِشَيْءٍ. فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْعَبْدِ، وَلَا قَوْلَ لِلْعَبْدِ، وَلَوْ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَقَالَ مَا رَهَنْتُكَهُ بِمِائَةٍ، وَلَكِنِّي بِعْتُكَهُ بِمِائَةٍ لَمْ يَكُنْ الْعَبْدُ رَهْنًا، وَلَا بَيْعًا إذَا اخْتَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى دَعْوَى صَاحِبِهِ.
وَلَوْ أَنَّ عَبْدًا بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَقَالَ رَجُلٌ: رَهَنْتُمَانِيهِ بِمِائَةٍ، وَقَبَضْتُهُ فَصَدَّقَهُ أَحَدُهُمَا. وَقَالَ الْآخَرُ: مَا رَهَنْتُكَهُ بِشَيْءٍ كَانَ نِصْفُهُ رَهْنًا بِخَمْسِينَ وَنِصْفُهُ خَارِجًا مِنْ الرَّهْنِ فَإِنْ شَهِدَ شَرِيكُ صَاحِبِ الْعَبْدِ عَلَيْهِ بِدَعْوَى الْمُرْتَهِنِ، وَكَانَ عَدْلًا عَلَيْهِ أُحْلِفَ الْمُرْتَهِنُ مَعَهُ، وَكَانَ نَصِيبُهُ مِنْهُ رَهْنًا بِخَمْسِينَ، وَلَا شَيْءَ فِي شَهَادَةِ صَاحِبِ الرَّهْنِ يَجُرُّ بِهَا إلَى نَفْسِهِ، وَلَا يَدْفَعُ بِهَا عَنْهُ فَأَرُدُّ بِهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute