مَسْأَلَةٌ الرَّجُلُ يَكْتَرِي الدَّابَّةَ فَيَضْرِبُهَا فَتَمُوتُ
(أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ) قَالَ (قَالَ الشَّافِعِيُّ):، وَإِذَا اكْتَرَى الرَّجُلُ مِنْ الرَّجُلِ الدَّابَّةَ فَضَرَبَهَا، أَوْ نَخَسَهَا بِلِجَامٍ، أَوْ رَكَضَهَا فَمَاتَتْ سُئِلَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالرُّكُوبِ فَإِنْ كَانَ فَعَلَ مِنْ ذَلِكَ مَا تَفْعَلُ الْعَامَّةُ فَلَا يَكُونُ فِيهِ عِنْدَهُمْ خَوْفُ تَلَفٍ أَوْ فَعَلَ بِالْكَبْحِ وَالضَّرْبِ مِثْلَ مَا يَفْعَلُهُ بِمِثْلِهَا عِنْدَمَا فَعَلَهُ فَلَا أَعُدُّ ذَلِكَ خِرْقَةً، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ فَعَلَ ذَلِكَ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهِ بِمَوْضِعٍ قَدْ يَكُونُ بِمِثْلِهِ تَلَفٌ، أَوْ فَعَلَهُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي لَا يُفْعَلُ فِي مِثْلِهِ ثَمَنٌ فِي كُلِّ حَالٍ مِنْ قِبَلِ أَنَّ هَذَا تَعَدٍّ وَالْمُسْتَعِيرُ هَكَذَا إنْ كَانَ صَاحِبُهُ لَا يُرِيدُ أَنْ يُضَمِّنَهُ فَإِنْ أَرَادَ صَاحِبُهُ أَنْ يُضَمِّنَهُ الْعَارِيَّةَ فَهُوَ ضَامِنٌ تَعَدَّى أَوْ لَمْ يَتَعَدَّ، وَأَمَّا الرَّائِضُ فَإِنَّ مِنْ شَأْنِ الرُّوَّاضِ الَّذِي يَعْرِفُ بِهِ إصْلَاحَهُمْ لِلدَّوَابِّ الضَّرْبُ عَلَى حَمْلِهَا مِنْ السَّيْرِ وَالْحَمْلُ عَلَيْهَا مِنْ الضَّرْبِ أَكْثَرُ مَا يَفْعَلُ الرُّكَّابُ غَيْرُهُمْ، فَإِذَا فَعَلَ مِنْ ذَلِكَ مَا يَكُونُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالرِّيَاضَةِ إصْلَاحًا وَتَأْدِيبًا لِلدَّابَّةِ بِلَا إعْنَافٍ بَيِّنٍ لَمْ يَضْمَنْ إنْ عَيَّتْ. وَإِنْ فَعَلَ خِلَافَ هَذَا كَانَ مُتَعَدِّيًا وَضَمِنَ وَالْمُسْتَعِيرُ الدَّابَّةَ هَكَذَا كَالْمُكْتَرِي فِي رُكُوبِهَا إذَا تَعَدَّى ضَمِنَ، وَإِذَا لَمْ يَتَعَدَّ لَمْ يَضْمَنْ.
(قَالَ الرَّبِيعُ) قَوْلُهُ الَّذِي نَأْخُذُ بِهِ فِي الْمُسْتَعِيرِ أَنَّهُ يَضْمَنُ تَعَدَّى أَوْ لَمْ يَتَعَدَّ لِحَدِيثِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْعَارِيَّةُ مَضْمُونَةٌ مُؤَدَّاةٌ»، وَهُوَ آخِرُ قَوْلِهِ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَالرَّاعِي إذَا فَعَلَ مَا لِلرِّعَاءِ أَنْ يَفْعَلُوهُ مِمَّا لَا صَلَاحَ لِلْمَاشِيَةِ إلَّا بِهِ وَمَا يَفْعَلُهُ أَهْلُ الْمَاشِيَةِ بِمَوَاشِي أَنْفُسِهِمْ عَلَى اسْتِصْلَاحِهَا وَمَنْ إذَا رَأَوْا مَنْ يَفْعَلُهُ بِمَوَاشِيهِمْ مِمَّنْ يَلِي رَعِيَّتَهَا كَانَ عِنْدَهُمْ صَلَاحًا لَا تَلَفًا، وَلَا خِرْقَةَ فَفَعَلَهُ الرَّاعِي لَمْ يَضْمَنْ، وَإِنْ تَلِفَ فِيهِ، وَإِنْ فَعَلَ مَا يَكُونُ عِنْدَهُمْ خِرْقَةً فَتَلِفَ مِنْهُ شَيْءٌ ضَمِنَهُ عِنْدَ مَنْ لَا يُضَمِّنُ الْأَجِيرَ وَمَنْ ضَمَّنَ الْأَجِيرَ ضَمَّنَهُ فِي كُلِّ حَالٍ.
مَسْأَلَةُ الْأُجَرَاءِ
(أَخْبَرَ الرَّبِيعُ) قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ: الْأُجَرَاءُ كُلُّهُمْ سَوَاءٌ، فَإِذَا تَلِفَ فِي أَيْدِيهِمْ شَيْءٌ مِنْ غَيْرِ جِنَايَتِهِمْ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ فِيهِ إلَّا وَاحِدٌ مِنْ قَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ كُلُّ مَنْ أَخَذَ إكْرَاءً عَلَى شَيْءٍ كَانَ لَهُ ضَامِنًا يُؤَدِّيهِ عَلَى السَّلَامَةِ، أَوْ يَضْمَنُهُ، أَوْ مَا نَقَصَهُ وَمَنْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِنْ حُجَّتِهِ أَنْ يَقُولَ: الْأَمِينُ هُوَ مَنْ دَفَعْت إلَيْهِ رَاضِيًا بِأَمَانَتِهِ لَا مُعْطِيَ أَجْرًا عَلَى شَيْءٍ مِمَّا دَفَعْت إلَيْهِ وَإِعْطَائِي هَذَا الْأَجْرَ تَفْرِيقٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَمِينِ الَّذِي أَخَذَ مَا اُسْتُؤْمِنَ عَلَيْهِ بِلَا جَعْلٍ، أَوْ يَقُولُ قَائِلٌ: لَا ضَمَانَ عَلَى أَجِيرٍ بِحَالٍ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ إنَّمَا يُضَمِّنُ مَنْ تَعَدَّى فَأَخَذَ مَا لَيْسَ لَهُ، أَوْ أَخَذَ الشَّيْءَ عَلَى مَنْفَعَةٍ لَهُ فِيهِ إمَّا بِتَسَلُّطٍ عَلَى إتْلَافِهِ كَمَا يَأْخُذُ سَلَفًا فَيَكُونُ مَالًا مِنْ مَالِهِ فَيَكُونُ إنْ شَاءَ يُنْفِقُهُ وَيَرُدُّ مِثْلَهُ.
وَإِمَّا مُسْتَعِيرٌ سُلِّطَ عَلَى الِانْتِفَاعِ بِمَا أُعِيرَ فَيَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَ ذَلِكَ لِمَنْفَعَةِ نَفْسِهِ لَا لِمَنْفَعَةِ صَاحِبِهِ فِيهِ، وَهَذَانِ مَعًا نَقْصٌ عَلَى الْمُسَلِّفِ وَالْمُعِيرِ أَوْ غَيْرُ زِيَادَةٍ لَهُ وَالصَّانِعُ وَالْأَجِيرُ مَنْ كَانَ لَيْسَ فِي هَذَا الْمَعْنَى فَلَا يَضْمَنُ بِحَالٍ إلَّا مَا جَنَتْ يَدُهُ كَمَا يَضْمَنُ الْمُودَعُ مَا جَنَتْ يَدُهُ وَلَيْسَ فِي هَذَا سُنَّةٌ أَعْلَمُهَا، وَلَا أَثَرٌ يَصِحُّ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ رُوِيَ فِيهِ شَيْءٌ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ لَيْسَ يَثْبُتُ عِنْدَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute