نَفَقَةٌ.
(قَالَ): وَإِذَا مَاتَ الزَّوْجُ فَأَسْكَنَهَا وَارِثُهُ مَنْزِلَهُ فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَخْرُجَ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا وَوَارِثُهُ يَقُومُ فِي ذَلِكَ مَقَامَهُ. فَأَمَّا امْرَأَةُ صَاحِبِ السَّفِينَةِ إذَا كَانَتْ مُسَافِرَةً مَعَهُ فَكَالْمَرْأَةِ الْمُسَافِرَةِ لَا تُخَالِفُهَا فِي شَيْءٍ إنْ شَاءَتْ مَضَتْ إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي خَرَجَا فِي السَّفَرِ إلَيْهِ وَرَجَعَتْ فَأَكْمَلَتْ عِدَّتَهَا فِي مَنْزِلِهِ وَإِنْ شَاءَتْ رَجَعَتْ إلَى مَنْزِلِهِ فَاعْتَدَّتْ فِيهِ وَكَذَلِكَ لَوْ أَذِنَ لَهَا فَخَرَجَتْ فِي سَفِينَةٍ.
(قَالَ): وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ خَرَجَ بِامْرَأَتِهِ إلَى بَادِيَةٍ زَائِرًا أَوْ مُتَنَزِّهًا ثُمَّ طَلَّقَهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا رَجَعَتْ إلَى مَنْزِلِهَا فَاعْتَدَّتْ فِيهِ وَلَيْسَ هَذَا كَالنُّقْلَةِ وَلَا كَالسَّفَرِ يَأْذَنُ لَهَا بِهِ إلَى غَايَةٍ وَذَلِكَ مِثْل النَّقْلَةِ وَهَذِهِ زِيَارَةٌ لَا نَقْلَةٌ.
الْإِحْدَادُ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى عِدَّةَ الْوَفَاةِ وَالطَّلَاقِ وَسُكْنَى الْمُطَلَّقَةِ بِغَايَةٍ إذَا بَلَغَتْهَا الْمُعْتَدَّةُ حَلَّتْ وَخَرَجَتْ وَجَاءَتْ السُّنَّةُ بِسُكْنَى الْمُتَوَفَّى عَنْهَا كَمَا وَصَفْت وَلَمْ يَذْكُرْ إحْدَادًا فَلَمَّا أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمُتَوَفَّى عَنْهَا أَنْ تَحِدَّ كَانَ ذَلِكَ كَمَا أَحْكَمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَرْضَهُ فِي كِتَابِهِ وَبَيَّنَ كَيْفَ فَرَضَهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ عَدَدِ الصَّلَوَاتِ وَالْهَيْئَةِ فَكَانَ عَلَى الْمُتَوَفَّى عَنْهَا وَالْمُطَلَّقَةِ عِدَّةٌ بِنَصِّ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى: وَلِلْمُطَلَّقَةِ سَكَنٌ بِالْكِتَابِ وَلِلْمُتَوَفَّى عَنْهَا بِالسُّنَّةِ كَمَا وَصَفْت وَعَلَى الْمُتَوَفَّى عَنْهَا إحْدَادٌ بِنَصِّ السُّنَّةِ. وَكَانَتْ الْمُطَلَّقَةُ إذَا كَانَ لَهَا السُّكْنَى وَكَانَ لِلْمُتَوَفَّى عَنْهَا بِالسُّنَّةِ وَبِأَنَّهُ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ لَهَا السُّكْنَى لِأَنَّهُمَا مَعًا فِي عِدَّةٍ غَيْرِ ذَوَاتَيْ زَوْجَيْنِ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْمُعْتَدَّةِ مِنْ طَلَاقٍ لَا يَمْلِكُ زَوْجُهَا عَلَيْهِ فِيهِ الرَّجْعَةَ إحْدَادٌ كَهُوَ عَلَى الْمُتَوَفَّى عَنْهَا. وَأَحَبُّ إلَيَّ لِلْمُطَلَّقَةِ طَلَاقًا لَا يَمْلِكُ زَوْجُهَا فِيهِ عَلَيْهَا الرَّجْعَةَ تَحِدُّ إحْدَادَ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا مِنْ الطَّلَاقِ لِمَا وَصَفْت وَقَدْ قَالَهُ بَعْضُ التَّابِعِينَ وَلَا يَبِينُ لِي أَنْ أُوجِبَهُ عَلَيْهَا لِأَنَّهُمَا قَدْ يَخْتَلِفَانِ فِي حَالٍ وَإِنْ اجْتَمَعَا فِي غَيْرِهِ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ) - رَحِمَهُ اللَّهُ -: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ نَافِعٍ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ بِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ الثَّلَاثَةِ.
(قَالَ): «قَالَتْ زَيْنَبُ دَخَلْت عَلَى أُمِّ حَبِيبَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ تُوُفِّيَ أَبُو سُفْيَانَ فَدَعَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ بِطِيبٍ فِيهِ صُفْرَةُ خَلُوقٍ أَوْ غَيْرِهِ فَدَهَنَتْ مِنْهُ جَارِيَةً ثُمَّ مَسَّتْ بِعَارِضَيْهَا. ثُمَّ قَالَتْ وَاَللَّهِ مَالِي بِالطِّيبِ مِنْ حَاجَةٍ غَيْرَ أَنِّي سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تَحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ إلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا» «وَقَالَتْ زَيْنَبُ دَخَلْت عَلَى زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ حِينَ تُوُفِّيَ أَخُوهَا عَبْدُ اللَّهِ فَدَعَتْ بِطِيبٍ فَمَسَّتْ مِنْهُ ثُمَّ قَالَتْ مَالِي بِالطِّيبِ مِنْ حَاجَةٍ غَيْرَ أَنِّي سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تَحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ إلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا» قَالَتْ زَيْنَبُ وَسَمِعْت أُمِّي أُمَّ سَلَمَةَ تَقُولُ «جَاءَتْ امْرَأَةٌ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ ابْنَتِي تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا وَقَدْ اشْتَكَتْ عَيْنَهَا أَفَنُكَحِّلُهَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا كُلُّ ذَلِكَ يَقُولُ لَا ثُمَّ قَالَ إنَّمَا هِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ وَقَدْ كَانَتْ إحْدَاكُنَّ فِي الْجَاهِلِيَّةِ تَرْمِي بِالْبَعْرَةِ عَلَى رَأْسِ الْحَوْلِ» قَالَ حُمَيْدٌ فَقُلْت لِزَيْنَبِ وَمَا تَرْمِي بِالْبَعْرَةِ عَلَى رَأْسِ الْحَوْلِ قَالَتْ زَيْنَبُ كَانَتْ الْمَرْأَةُ إذَا تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا دَخَلَتْ حِفْشًا وَلَبِسَتْ شَرَّ ثِيَابِهَا وَلَمْ تَمَسَّ طِيبًا وَلَا شَيْئًا حَتَّى تَمُرَّ بِهَا سَنَةٌ ثُمَّ تُؤْتَى بِدَابَّةٍ حِمَارٍ أَوْ شَاةٍ أَوْ طَيْرٍ فَتَقْبِضُ بِهِ فَقَلَّمَا تَقْبِضُ بِشَيْءٍ إلَّا مَاتَ ثُمَّ تَخْرُجُ فَتُعْطَى بَعْرَةً فَتَرْمِي بِهَا ثُمَّ تُرَاجِعُ بَعْدُ مَا شَاءَتْ مِنْ طِيبٍ أَوْ غَيْرِهِ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): الْحِفْشُ الْبَيْتُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute