وَالْأَمَةُ كُلُّهُمْ سَوَاءٌ وَالْخِيَارُ لِلْأَمَةِ تَحْتَ الْحُرِّ فِي الْعُسْرَةِ بِالنَّفَقَةِ فَإِنْ شَاءَ سَيِّدُهَا أَنْ يَتَطَوَّعَ عَنْ الزَّوْجِ بِالنَّفَقَةِ فَلَا خِيَارَ لِلْأَمَةِ لِأَنَّهُ وَاجِدٌ لِلنَّفَقَةِ وَإِذَا امْتَنَعَ فَالْخِيَارُ لِلْأَمَةِ لَا لِسَيِّدِهَا قَالَ وَكَذَلِكَ الْخِيَارُ لِلْحُرَّةِ لَا لِوَلِيِّهَا فَإِنْ كَانَتْ الْأَمَةُ أَوْ الْحُرَّةُ مَغْلُوبَةً عَلَى عَقْلِهَا أَوْ صَبِيَّةً لَمْ تَبْلُغْ لَمْ يَكُنْ لِوَلِيِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا بِعُسْرِهِ بِصَدَاقٍ وَلَا نَفَقَةٍ.
وَإِذَا أَعْسَرَ زَوْجُ الْأَمَةِ بِالصَّدَاقِ فَالصَّدَاقُ لِسَيِّدِ الْأَمَةِ وَالْخِيَارُ لِسَيِّدِ الْأَمَةِ لَا لِلْأَمَةِ فَإِنْ اخْتَارَتْ الْأَمَةُ فِرَاقَهُ وَاخْتَارَ السَّيِّدُ أَنْ لَا تُفَارِقَهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ ذَلِكَ لِسَيِّدِهَا وَلَا ضَرَرَ فِيهِ عَلَيْهَا وَالْمُسْلِمُ تَحْتَهُ الْكِتَابِيَّةُ وَالْكِتَابِيُّ تَحْتَهُ الْكِتَابِيَّةُ إذَا طَلَبَتْ الْمَرْأَةُ حَقَّهَا قِبَلَهُ فِي نَفَقَةٍ وَصَدَاقٍ كَمَا وَصَفْت مِنْ مِثْلِهِ لِلْأَزْوَاجِ الْحَرَائِرِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَقَدْ قِيلَ لَا خِيَارَ لِلْمَرْأَةِ فِي عُسْرَةِ الزَّوْجِ بِالنَّفَقَةِ وَتُخَلَّى تَطْلُبُ عَلَى نَفْسِهَا وَلَا خِيَارَ فِي عُسْرِهِ بِالصَّدَاقِ وَلَهَا الِامْتِنَاعُ مِنْهُ مَا لَمْ تَدْخُلْ عَلَيْهِ فَإِذَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ لَهَا الِامْتِنَاعُ مِنْهُ وَهِيَ غَرِيمٌ مِنْ الْغُرَمَاءِ قَالَ وَعَلَى السَّيِّدِ نَفَقَاتُ أُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ وَمُدَبَّرِهِ وَرَقِيقِهِ كُلِّهِمْ ذَكَرِهِمْ وَأُنْثَاهُمْ مُسْلِمِهِمْ وَكَافِرِهِمْ وَلَيْسَ عَلَيْهِ نَفَقَةُ مُكَاتِبِيهِ حَتَّى يَعْجِزُوا فَإِذَا عَجَزُوا فَعَلَيْهِ نَفَقَتُهُمْ.
بَابُ أَيُّ الْوَالِدَيْنِ أَحَقُّ بِالْوَلَدِ
أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ هِلَالِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ عَنْ أَبِي مَيْمُونَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَيَّرَ غُلَامًا بَيْنَ أَبِيهِ وَأُمِّهِ» أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْجَرْمِيِّ عَنْ عُمَارَةَ الْجَرْمِيِّ قَالَ خَيَّرَنِي عَلِيٌّ بَيْنَ أُمِّي وَعَمِّي ثُمَّ قَالَ لِأَخٍ لِي أَصْغَرَ مِنِّي وَهَذَا أَيْضًا لَوْ قَدْ بَلَغَ مَبْلَغَ هَذَا خَيَّرْته أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عُمَارَةَ قَالَ خَيَّرَنِي عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بَيْنَ أُمِّي وَعَمِّي وَقَالَ لِأَخٍ لِي أَصْغَرَ مِنِّي: وَهَذَا لَوْ بَلَغَ كَبَلْغِ هَذَا خَيَّرْته قَالَ إبْرَاهِيمُ وَفِي الْحَدِيثِ " وَكُنْت ابْنَ سَبْعٍ أَوْ ثَمَانِ سِنِينَ " (قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَإِذَا افْتَرَقَ الْأَبَوَانِ وَهُمَا فِي قَرْيَةٍ وَاحِدَةٍ فَالْأُمُّ أَحَقُّ بِوَلَدِهَا مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ وَمَا كَانُوا صِغَارًا فَإِذَا بَلَغَ أَحَدُهُمْ سَبْعًا أَوْ ثَمَانِ سِنِينَ وَهُوَ يَعْقِلُ خُيِّرَ بَيْنَ أَبِيهِ وَأُمِّهِ وَكَانَ عِنْدَ أَيِّهِمَا اخْتَارَ، فَإِنْ اخْتَارَ أُمَّهُ فَعَلَى أَبِيهِ نَفَقَتُهُ وَلَا يُمْنَعُ مِنْ تَأْدِيبِهِ، قَالَ وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى وَيَخْرُجُ الْغُلَامُ إلَى الْكُتَّابِ وَالصِّنَاعَةِ إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِهَا وَيَأْوِي عِنْدَ أُمِّهِ وَعَلَى أَبِيهِ نَفَقَتُهُ وَإِنْ اخْتَارَ أَبَاهُ لَمْ يَكُنْ لِأَبِيهِ مَنْعُهُ مِنْ أَنْ يَأْتِيَ أُمَّهُ وَتَأْتِيَهُ فِي الْأَيَّامِ وَإِنْ كَانَتْ جَارِيَةً لَمْ تُمْنَعْ أُمُّهَا مِنْ أَنْ تَأْتِيَهَا وَلَا أَعْلَمُ عَلَى أَبِيهَا إخْرَاجَهَا إلَيْهَا إلَّا مِنْ مَرَضٍ فَيُؤْمَرُ بِإِخْرَاجِهَا عَائِدَةً، قَالَ وَإِنْ مَاتَتْ الْبِنْتُ لَمْ تُمْنَعْ الْأُمُّ مِنْ أَنْ تَلِيَهَا حَتَّى تُدْفَنَ وَلَا تُمْنَعُ فِي مَرَضِهَا مِنْ أَنْ تَلِيَ تَمْرِيضَهَا فِي مَنْزِلِ أَبِيهَا قَالَ وَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ مَخْبُولًا فَهُوَ كَالصَّغِيرِ وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ غَيْرَ مَخْبُولٍ ثُمَّ خُبِلَ فَهُوَ كَالصَّغِيرِ الْأُمُّ أَحَقُّ بِهِ وَلَا يُخَيَّرُ أَبَدًا قَالَ وَإِنَّمَا أُخَيِّرُ الْوَلَدَ بَيْنَ أَبِيهِ وَأُمِّهِ إذَا كَانَا مَعًا ثِقَةً لِلْوَلَدِ فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا ثِقَةً وَالْآخَرُ غَيْرَ ثِقَةٍ فَالثِّقَةُ أَوْلَاهُمَا بِهِ بِغَيْرِ تَخْيِيرٍ.
قَالَ وَإِذَا خُيِّرَ الْوَلَدُ فَاخْتَارَ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ أَحَدِ الْأَبَوَيْنِ ثُمَّ عَادَ فَاخْتَارَ الْآخَرَ حُوِّلَ إلَى الَّذِي اخْتَارَ بَعْدَ اخْتِيَارِهِ الْأَوَّلَ قَالَ وَإِذَا نَكَحَتْ الْمَرْأَةُ فَلَا حَقَّ لَهَا فِي كَيْنُونَةِ وَلَدِهَا عِنْدَهَا صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا وَلَوْ اخْتَارَهَا مَا كَانَتْ نَاكِحًا فَإِذَا طَلُقَتْ طَلَاقًا يَمْلِكُ فِيهِ الزَّوْجُ الرَّجْعَةَ أَوْ لَا يَمْلِكُهَا رَجَعَتْ عَلَى حَقِّهَا فِيهِمْ فَإِذَا رَاجَعَهَا أَوْ نَكَحَتْهُ أَوْ غَيْرَهُ دَخَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا أَوْ غَابَ عَنْ بَلَدِهَا أَوْ حَضَرَ فَلَا حَقَّ لَهَا فِيهِمْ حَتَّى تَطْلُقَ وَكُلَّمَا طَلُقَتْ عَادَتْ عَلَى حَقِّهَا فِيهِمْ لِأَنَّهَا تُمْنَعُهُ بِوَجْهٍ فَإِذَا ذَهَبَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute