إذَا أَصَابَهُ الْمَاءُ، وَلَا يَطْهُرُ إهَابُ الْمَيْتَةِ مِنْ الدِّبَاغِ إلَّا بِمَا وَصَفْت، وَإِنْ تَمَعَّطَ شَعْرُهُ فَإِنَّ شَعْرَهُ نَجِسٌ، فَإِذَا دُبِغَ وَتُرِكَ عَلَيْهِ شَعْرُهُ فَمَاسَّ الْمَاءُ شَعْرَهُ نَجُسَ الْمَاءُ، وَإِنْ كَانَ الْمَاءُ فِي بَاطِنِهِ وَكَانَ شَعْرُهُ ظَاهِرًا لَمْ يَنْجُسْ الْمَاءُ إذَا لَمْ يُمَاسَّ شَعْرَهُ، فَأَمَّا جِلْدُ كُلِّ ذَكِيٍّ يُؤْكَلُ لَحْمُهُ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَشْرَبَ وَيَتَوَضَّأَ فِيهِ إنْ لَمْ يُدْبَغْ؛ لِأَنَّ طَهَارَةَ الذَّكَاةِ وَقَعَتْ عَلَيْهِ فَإِذَا طَهُرَ الْإِهَابُ صُلِّيَ فِيهِ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ، وَجُلُودُ ذَوَاتِ الْأَرْوَاحِ السِّبَاعِ وَغَيْرِهَا مِمَّا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ سَوَاءٌ ذَكِيُّهُ وَمَيِّتُهُ؛ لِأَنَّ الذَّكَاةَ لَا تُحِلُّهَا فَإِذَا دُبِغَتْ كُلُّهَا طَهُرَتْ؛ لِأَنَّهَا فِي مَعَانِي جُلُودِ الْمَيْتَةِ إلَّا جِلْدَ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ فَإِنَّهُمَا لَا يَطْهُرَانِ بِحَالٍ أَبَدًا (قَالَ): وَلَا يَتَوَضَّأُ وَلَا يَشْرَبُ فِي عَظْمِ مَيْتَةٍ وَلَا عَظْمِ ذَكِيٍّ لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ مِثْلِ عَظْمِ الْفِيلِ وَالْأَسَدِ وَمَا أَشْبَهَهُ؛ لِأَنَّ الدِّبَاغَ وَالْغُسْلَ لَا يُطَهِّرَانِ الْعَظْمَ رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ يَكْرَهُ أَنْ يُدَهَّنَ فِي مُدْهُنٍ مِنْ عِظَامِ الْفِيلِ؛ لِأَنَّهُ مَيْتَةٌ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَمَنْ تَوَضَّأَ فِي شَيْءٍ مِنْهُ أَعَادَ الْوُضُوءَ وَغَسَلَ مَا مَسَّهُ مِنْ الْمَاءِ الَّذِي كَانَ فِيهِ.
الْآنِيَةُ غَيْرُ الْجُلُودِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَا أَكْرَهُ إنَاءً تُوُضِّئَ فِيهِ مِنْ حِجَارَةٍ وَلَا حَدِيدٍ وَلَا نُحَاسٍ وَلَا شَيْءٍ غَيْرِ ذَوَاتِ الْأَرْوَاحِ إلَّا آنِيَةَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فَإِنِّي أَكْرَهُ الْوُضُوءَ فِيهِمَا (قَالَ الشَّافِعِيُّ) أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «الَّذِي يَشْرَبُ فِي إنَاءِ الْفِضَّةِ إنَّمَا يُجَرْجِرُ فِي بَطْنِهِ نَارَ جَهَنَّمَ» (قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَإِنْ تَوَضَّأَ أَحَدٌ فِيهَا أَوْ شَرِبَ كَرِهْتُ ذَلِكَ لَهُ وَلَمْ آمُرْهُ يُعِيدُ الْوُضُوءَ وَلَمْ أَزْعُمْ أَنَّ الْمَاءَ الَّذِي شَرِبَ وَلَا الطَّعَامَ الَّذِي أَكَلَ فِيهَا مُحَرَّمٌ عَلَيْهِ وَكَانَ الْفِعْلُ مِنْ الشُّرْبِ فِيهَا مَعْصِيَةً، فَإِنْ قِيلَ فَكَيْفَ يُنْهَى عَنْهَا وَلَا يَحْرُمُ الْمَاءُ فِيهَا؟ قِيلَ لَهُ - إنْ شَاءَ اللَّهُ - إنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا نَهَى عَنْ الْفِعْلِ فِيهَا لَا عَنْ تِبْرِهَا وَقَدْ فُرِضَتْ فِيهَا الزَّكَاةُ وَتَمَوَّلَهَا الْمُسْلِمُونَ وَلَوْ كَانَتْ نَجِسًا لَمْ يَتَمَوَّلْهَا أَحَدٌ وَلَمْ يَحِلَّ بَيْعُهَا وَلَا شِرَاؤُهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute