للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ الْمُبَادَلَةِ بِالْمَاشِيَةِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا كَانَتْ لِرَجُلٍ مَاشِيَةٌ مِنْ إبِلٍ فَبَادَلَ بِهَا إلَى بَقَرٍ، أَوْ إبِلٍ بِصِنْفٍ مِنْ هَذَا صِنْفًا غَيْرَهُ، أَوْ بَادَلَ مَعْزًى بِبَقَرٍ، أَوْ إبِلًا بِبَقَرٍ، أَوْ بَاعَهَا بِمَالٍ عَرَضٍ، أَوْ نَقْدٍ فَكُلُّ هَذَا سَوَاءٌ، فَإِنْ كَانَتْ مُبَادَلَتُهُ بِهَا قَبْلَ الْحَوْلِ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِي الْأُولَى وَلَا الثَّانِيَةِ حَتَّى يَحُولَ عَلَى الثَّانِيَةِ الْحَوْلُ مِنْ يَوْمِ مِلْكِهَا، وَكَذَلِكَ إنْ بَادَلَ بِاَلَّتِي مَلَكَ آخَرُ قَبْلَ الْحَوْلِ إلَى مَاشِيَةٍ أُخْرَى لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ فِيهَا زَكَاةٌ، وَأَكْرَهُ هَذَا لَهُ إنْ كَانَ فِرَارًا مِنْ الصَّدَقَةِ وَلَا يُوجِبُ الْفِرَارُ الصَّدَقَةَ إنَّمَا يُوجِبُهَا الْحَوْلُ، وَالْمِلْكُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِنْ بَادَلَ بِهَا بَعْدَ أَنْ يَحُولَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ، أَوْ بَاعَهَا فَفِي الَّتِي حَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ الصَّدَقَةُ؛ لِأَنَّهَا مَالٌ قَدْ حَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ قُدُومِ الْمُصَدِّقِ، أَوْ بَعْدَهُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا بَادَلَ بِهَا، أَوْ بَاعَهَا بَعْدَ الْحَوْلِ فَفِيهَا الصَّدَقَةُ، وَفِي عَقْدِ بَيْعِهَا قَوْلَانِ، أَحَدُهُمَا أَنَّ مُبْتَاعَهَا بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يَرُدَّ الْبَيْعَ؛ لِأَنَّ مَا أَخَذَ مِنْهَا مِنْ الصَّدَقَةِ نَقْصٌ مِمَّا بِيعَ، أَوْ يُجِيزُ الْبَيْعَ، وَمَنْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ قَالَ: وَإِنْ أَعْطَى رَبُّ الْمَالِ الْبَائِعَ الْمُصَدِّقَ مَا وَجَبَ فِيهَا مِنْ مَاشِيَةٍ غَيْرِهَا فَلَا خِيَارَ لِلْمُبْتَاعِ وَلَا الْمُبَادِلِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْقُصْ مِنْ الْبَيْعِ شَيْءٌ (قَالَ): وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَنَّ الْبَيْعَ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّهُ بَاعَ مَا يَمْلِكُ وَمَا لَا يَمْلِكُ، فَلَا نُجِيزُهُ إلَّا أَنْ يُجَدِّدَا فِيهَا بَيْعًا مُسْتَأْنَفًا

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا بَادَلَ بِغَنَمٍ لَهُ قَبْلَ أَنْ يَحُولَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ إلَى غَنَمٍ، أَوْ غَيْرِهَا فَحَالَ حَوْلُهَا فِي يَدِ الْمُبَادِلِ الْآخَرِ بِهَا ثُمَّ ظَهَرَ مِنْهَا عَلَى عَيْبٍ بَعْدَ الْحَوْلِ الْأَوَّلِ الَّذِي قَبْلَ الْمُبَادَلَةِ فَكَانَ رَدُّهُ إيَّاهَا قَبْلَ الْحَوْلِ، أَوْ بَعْدَهُ سَوَاءً وَلَا زَكَاةَ فِيهَا عَلَى مَالِكِهَا الْآخَرِ بِالْبَدَلِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحُلْ عَلَيْهَا حَوْلٌ مِنْ يَوْمِ مَلَكَهَا وَلَا عَلَى الْمَالِكِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ بَادَلَ بِهَا قَبْلَ الْحَوْلِ فَخَرَجَتْ مِنْ مِلْكِهِ ثُمَّ رَجَعَتْ إلَيْهِ بِالْعَيْبِ فَيَسْتَأْنِفُ بِهَا حَوْلًا مِنْ يَوْمِ مَلَكَهَا بِخِيَارِ الْمُبَادِلِ بِهَا الَّذِي رَدَّهَا بِالْعَيْبِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ بَادَلَ بِهَا قَبْلَ الْحَوْلِ وَقَبَضَهَا الْمُشْتَرِي لَهَا بِالْبَدَلِ، أَوْ النَّقْدِ فَأَقَامَتْ فِي يَدِهِ حَوْلًا، أَوْ لَمْ يَقْبِضْهَا فَأَقَامَتْ فِي مِلْكِهِ حَوْلًا ثُمَّ أَرَادَ رَدَّهَا بِالْعَيْبِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُ؛ لِأَنَّهَا قَدْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ فِيهَا صَدَقَةٌ مِنْهَا، وَهِيَ فِي مِلْكِهِ فَلَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا نَاقِصَةً عَمَّا أَخَذَهَا عَلَيْهِ وَيَكُونُ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِالْعَيْبِ مِنْ أَصْلِ الثَّمَنِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَأَقَالَهُ فِيهَا رَبُّهَا الْأَوَّلُ، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ الزَّكَاةَ وَجَبَتْ فِيهَا أُخِذَتْ الزَّكَاةُ مِنْ رَبِّهَا الثَّانِي الَّذِي حَالَ عَلَيْهَا فِي يَدِهِ حَوْلٌ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ بَادَلَ رَجُلٌ بِأَرْبَعِينَ شَاةً وَلَمْ يَحُلْ عَلَيْهَا حَوْلٌ فِي يَدِهِ إلَى أَرْبَعِينَ شَاةً لَمْ يَحُلْ عَلَيْهَا حَوْلٌ فِي يَدِ صَاحِبِهِ مُبَادَلَةً صَحِيحَةً لَمْ يَكُنْ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِيهَا صَدَقَةٌ حَتَّى يَحُولَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَوْلٌ، وَهِيَ فِي يَدِهِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا وَكَانَتْ الْمُبَادَلَةُ فَاسِدَةً كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَالِكًا غَنَمَهُ الَّتِي بَادَلَ بِهَا وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِيهَا الصَّدَقَةُ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ مِنْ مِلْكِهِ بِالْمُبَادَلَةِ الْفَاسِدَةِ وَلَا الْبَيْعِ الْفَاسِدِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ بَاعَ رَجُلٌ مَاشِيَتَهُ قَبْلَ الْحَوْلِ، أَوْ بَادَلَ بِهَا عَلَى أَنَّ الْبَائِعَ بِالْخِيَارِ وَقَبَضَهَا الْمُشْتَرِي فَحَالَ عَلَيْهَا حَوْلُ الْبَائِعِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي، أَوْ لَمْ يَبِعْهَا حَتَّى حَالَ عَلَيْهَا حَوْلٌ فِي يَدِهِ ثُمَّ اخْتَارَ الْبَائِعُ رَدَّ الْبَيْعِ كَانَتْ عَلَيْهِ فِيهَا صَدَقَةٌ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ مِنْ مِلْكِهِ قَبْلَ الْحَوْلِ، وَلَوْ اخْتَارَ إمْضَاءَ الْبَيْعِ بَعْدَ حَوْلِهَا وَجَبَتْ أَيْضًا عَلَيْهِ فِيهَا صَدَقَةٌ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ مِنْ مِلْكِهِ إلَّا بَعْدَ الْحَوْلِ.

بَابُ الرَّجُلِ يَصْدُقُ امْرَأَةً

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ أَصْدَقَ رَجُلٌ امْرَأَةً أَرْبَعِينَ شَاةً بِغَيْرِ أَعْيَانِهَا، أَوْ قَالَ: أَرْبَعِينَ شَاةً فِي غَنَمِي هَذِهِ وَلَمْ يُشِرْ إلَيْهَا بِأَعْيَانِهَا وَلَمْ يُقْبِضْهَا إيَّاهَا فَالصَّدَقَةُ عَلَيْهِ وَلَيْسَ لَهَا مِنْ مَاشِيَتِهِ فِي الْوَجْهَيْنِ أَمَّا الْأُولَى فَعَلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>