مِنْ رَأْسِهِ وَلَا مِنْ لِحْيَتِهِ شَيْئًا حَتَّى يَحُجَّ قَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ يَضِيقُ أَنْ يَأْخُذَ الرَّجُلُ مِنْ رَأْسِهِ قَبْلَ أَنْ يَحُجَّ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَأَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ إذَا حَلَقَ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَخَذَ مِنْ لِحْيَتِهِ وَشَارِبِهِ قُلْت: فَإِنَّا نَقُولُ لَيْسَ عَلَى أَحَدٍ الْأَخْذُ مِنْ لِحْيَتِهِ وَشَارِبِهِ إنَّمَا النُّسُكُ فِي الرَّأْسِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَهَذَا مِمَّا تَرَكْتُمْ عَلَيْهِ بِغَيْرِ رِوَايَةٍ عَنْ غَيْرِهِ عِنْدَكُمْ عَلِمْتُهَا.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ إذَا خَرَجَ حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا قَصَرَ الصَّلَاةَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ قُلْت: فَإِنَّا نَقُولُ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ إذَا جَاوَزَ الْبُيُوتَ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَهَذَا مِمَّا تَرَكْتُمْ عَلَى ابْنِ عُمَرَ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الثَّقَفِيِّ أَنَّهُ سَأَلَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ وَهُمَا غَادِيَانِ مِنْ مِنًى إلَى عَرَفَةَ كَيْفَ كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ فِي هَذَا الْيَوْمِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ؟ قَالَ: كَانَ يُهِلُّ الْمُهِلُّ مِنَّا فَلَا يُنْكِرُ عَلَيْهِ وَيُكَبِّرُ الْمُكَبِّرُ مِنَّا فَلَا يُنْكِرُ عَلَيْهِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَالَ: كُلُّ ذَلِكَ قَدْ رَأَيْت النَّاسَ يَفْعَلُونَهُ وَأَمَّا نَحْنُ فَنُكَبِّرُ. قُلْت لِلشَّافِعِيِّ: فَإِنَّا نَقُولُ: يُلَبِّي حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ وَيُلَبِّي وَهُوَ غَادٍ مِنْ مِنًى إلَى عَرَفَةَ وَلَا يُكَبِّرُ إذَا زَالَتْ الشَّمْسُ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَهَذَا خِلَافُ مَا رَوَى صَاحِبُكُمْ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مِنْ اخْتِيَارِ التَّكْبِيرِ وَكَرَاهَتُكُمْ التَّكْبِيرَ مَعَ خِلَافِ ابْنِ عُمَرَ خِلَافُ مَا زَعَمْتُمْ أَنَّهُ كَانَ يَصْنَعُ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَا يُنْكِرُ عَلَيْهِ فَقَدْ كَانُوا يَخْتَلِفُونَ فِي النُّسُكِ وَبَعْدَهُ فَكَيْفَ ادَّعَيْت الْإِجْمَاعَ فِي كُلِّ أَمْرٍ وَأَنْتَ تَرْوِي الِاخْتِلَافَ فِي النُّسُكِ زَمَانَ النَّبِيِّ وَبَعْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَتَرْوِي الِاخْتِلَافَ فِي الصَّوْمِ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبَعْدَهُ فَتَقُولُ عَنْ أَنَسٍ «سَافَرْنَا مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمْ يَعِبْ الصُّيَّامُ عَلَى الْمُفْطِرِينَ وَلَا الْمُفْطِرُونَ عَلَى الصَّائِمِينَ» وَقَدْ اخْتَلَفَ بَعْضُ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَهُ فِي غَيْرِ شَيْءٍ. قُلْت لِلشَّافِعِيِّ: فَمَا تَقُولُ أَنْتَ فِيهِ؟ فَقَالَ: أَقُولُ إنَّ هَذَا خَيْرٌ وَأَمْرٌ يُتَقَرَّبُ بِهِ إلَى اللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ الْأَمْرُ فِيهِ وَالِاخْتِلَافُ وَاسِعٌ وَلَيْسَ الْإِجْمَاعُ كَمَا ادَّعَيْتُمْ إذَا كَانَ بِالْمَدِينَةِ إجْمَاعٌ فَهُوَ بِالْبُلْدَانِ وَإِذَا كَانَ بِهَا اخْتِلَافٌ اخْتَلَفَ الْبُلْدَانُ فَأَمَّا حَيْثُ تَدَّعُونَ الْإِجْمَاعَ فَلَيْسَ بِمَوْجُودٍ. قَالَ: وَسَأَلْتُ الشَّافِعِيَّ عَنْ الْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ فَقَالَ: حَسَنَةٌ أَسْتَحْسِنُهَا وَهِيَ أَحَبُّ مِنْهَا بَعْدَ الْحَجِّ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ} وَلِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ «دَخَلَتْ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ» وَلِأَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ أَصْحَابَهُ مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ أَنْ يَجْعَلَ إحْرَامَهُ عُمْرَةً».
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ صَدَقَةَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: وَاَللَّهِ لَأَنْ أَعْتَمِرَ قَبْلَ أَنْ أَحُجَّ وَأُهْدِي أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتَمِرَ بَعْدَ الْحَجِّ فِي ذِي الْحِجَّةِ فَقُلْت لِلشَّافِعِيِّ: فَإِنَّا نَكْرَهُ الْعُمْرَةَ قَبْلَ الْحَجِّ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَقَدْ كَرِهْتُمْ مَا رَوَيْتُمْ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ أَحَبَّهُ مِنْهَا وَمَا رَوَيْتُمْ عَنْ «عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ فَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ وَمِنَّا مَنْ جَمَعَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ» فَلِمَ كَرِهْتُمْ مَا رُوِيَ أَنَّهُ فُعِلَ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَا ابْنُ عُمَرَ اسْتَحْسَنَهُ وَمَا أَذِنَ اللَّهُ فِيهِ مِنْ التَّمَتُّعِ إنَّ هَذَا لَسُوءُ الِاخْتِيَارِ وَاَللَّهُ الْمُسْتَعَانُ.
بَابُ الْإِهْلَالِ مِنْ دُونِ الْمِيقَاتِ
قَالَ: سَأَلْتُ الشَّافِعِيَّ عَنْ الْإِهْلَالِ مِنْ دُونِ الْمِيقَاتِ فَقَالَ: حَسَنٌ قُلْت لَهُ: وَمَا الْحُجَّةُ فِيهِ؟ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ أَهَلَّ مِنْ إيلْيَاءُ وَإِذَا كَانَ ابْنُ عُمَرَ رَوَى «عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ وَقَّتَ الْمَوَاقِيتَ وَأَهَلَّ مِنْ إيلْيَاءُ» وَإِنَّمَا رَوَى عَطَاءٌ «عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ لَمَّا وَقَّتَ الْمَوَاقِيتَ قَالَ: يَسْتَمْتِعُ الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِهِ وَثِيَابِهِ حَتَّى يَأْتِيَ مِيقَاتُهُ» فَدَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُحْظَرْ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ وَرَائِهِ وَلَكِنَّهُ أَمَرَ أَنْ لَا يُجَاوِزَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute