للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَهْلِ الْمَقْتُولِ وَتَحْرِيرِ رَقَبَةٍ وَقَضَى بِمِثْلِ ذَلِكَ فِي الْمُعَاهِدِ فَجَعَلْنَا نَحْنُ وَأَنْتَ فِي الْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ رَقَبَتَيْنِ وَالدِّيَتَانِ مُخْتَلِفَتَانِ وَكُلُّ دِيَةٍ.

، وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا نَحْنُ وَأَنْتَ فِي الْمَرْأَةِ وَالرَّجُلِ رَقَبَتَيْنِ وَدِيَتَاهُمَا مُخْتَلِفَتَانِ.

، فَإِنْ زَعَمْت أَنَّ الْعَبْدَ إذَا قُتِلَ كَانَ عَلَى قَاتِلِهِ رَقَبَةٌ مُؤْمِنَةٌ يُعْتِقُهَا فَإِنَّمَا جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى الرَّقَبَةَ فِي الْقَتْلِ حَيْثُ ذَكَرَ اللَّهُ الدِّيَةَ وَإِنَّمَا الرَّقَبَةُ فِي النَّفْسِ مَعَ الْقِيمَةِ وَالْمَتَاعُ قِيمَةٌ لَا رَقَبَةَ مَعَهَا أَوَرَأَيْت لَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ مِنْ الدَّلَالَةِ مَا وَصَفْت وَجَهِلْنَا هَذَا أَوْ عَمِينَا عَنْهُ فَكَانَ يُجَامِعُ الْبَعِيرَ فِي أَنَّ فِيهِ قِيمَةً وَفِي الْمَتَاعِ قِيمَةً وَيُجَامِعُ الْأَحْرَارَ فِي أَنَّ فِيهِ كَفَّارَةً وَفِي أَنَّ الْعَبْدَ إذَا قَتَلَ الْعَبْدَ كَانَ بَيْنَهُمَا قِصَاصٌ وَإِذَا جَرَحَهُ كَانَ بَيْنَهُمَا قِصَاصٌ عِنْدَنَا وَفِي أَنَّ عَلَيْهِ مَا عَلَى الْحُرِّ فِي بَعْضِ الْحُدُودِ وَأَنَّ عَلَيْهِ الْفَرَائِضَ مِنْ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ وَالْكَفِّ عَنْ الْمَحَارِمِ أَلَمْ يَكُنْ الْوَاجِبُ عَلَى الْعَالَمِينَ إذَا كَانَ آدَمِيًّا أَنْ يَقِيسُوهُ عَلَى الْآدَمِيِّينَ وَلَا يَقِيسُوهُ عَلَى الْبَهَائِمِ وَلَا عَلَى الْمَتَاعِ وَأَصْلُ مَا يَذْهَبُ إلَيْهِ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْقِيَاسِ أَنْ يَقُولُوا لَوْ كَانَ شَيْءٌ لَهُ أَصْلَانِ وَآخَرُ لَا أَصْلَ فِيهِ فَأَشْبَهَ الَّذِي لَا أَصْلَ فِيهِ أَحَدَ الْأَصْلَيْنِ فِي مَعْنَيَيْنِ وَالْآخَرَ فِي مَعْنًى كَانَ الَّذِي أَشْبَهَهُ فِي مَعْنَيَيْنِ أَوْلَى أَنْ يُقَاسَ عَلَيْهِ مِنْ الَّذِي أَشْبَهَهُ فِي مَعْنًى وَاحِدٍ فَهُوَ آدَمِيٌّ مُجَامِعٌ لِلْآدَمِيِّينَ فِيمَا وَصَفْت وَلَيْسَ مِنْ الْبَهَائِمِ وَلَا الْمَتَاعِ الَّذِي لَا فَرْضَ عَلَيْهِ بِسَبِيلٍ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَهَذِهِ الْحُجَّةُ عَلَى أَصْحَابِنَا وَعَلَى مَنْ يُخَالِفُنَا مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي بَعْضِ هَذَا وَلَيْسَ مِنْ شَيْءٍ يَدْخُلُ عَلَيْهِمْ فِي أَصْلِ قَوْلِهِمْ إلَّا الْجِرَاحَ وَيَلْزَمُهُمْ أَكْثَرُ مِنْهُ لِأَنَّهُمْ يَقُصُّونَ الْعَبْدَ مِنْ الْحُرِّ فِي النَّفْسِ أَمَّا مَنْ قَالَ مِنْ أَصْحَابِنَا مُوضِحَتُهُ وَمَأْمُومَتُهُ وَمُنَقِّلَتُهُ وَجَائِفَتُهُ فِي ثَمَنِهِ كَجِرَاحِ الْحُرِّ فِي دِيَتِهِ فَهَذَا لَا مَعْنَى لِقَوْلِهِ وَلَقَدْ خَرَجَ فِيهِ مِنْ جَمِيعِ أَقَاوِيلِ بَنِي آدَمَ مِنْ الْقِيَاسِ وَالْمَعْقُولِ وَإِنَّهُ لَيَلْزَمُهُ مَا قَالَ مُحَمَّدٌ وَأَكْثَرُ مِنْهُ وَإِنَّهُ خَالَفَ مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ فَإِنَّهُ رُوِيَ عَنْهُ مَا وَصَفْنَا مِنْ أَنَّ عَقْلَ الْعَبْدِ فِي ثَمَنِهِ وَرُوِيَ عَنْ غَيْرِهِ وَلَا نَرَاهُ أَرَادَ إلَّا الْمَدَنِيِّينَ أَنَّهُمْ قَالُوا يُقَوَّمُ سِلْعَةً فَلَا هُوَ قَوَّمَهُ سِلْعَةً وَلَا هُوَ جَعَلَ عَقْلَهُ فِي ثَمَنِهِ فَخَرَجَ مِنْ قَوْلِ الْمُتَّفِقِينَ وَالْمُخْتَلِفِينَ.

بَابُ الْقِصَاصِ بَيْنَ الْمَمَالِيكِ

قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا قِصَاصَ بَيْنَ الْمَمَالِيكِ فِيمَا بَيْنَهُمْ إلَّا فِي النَّفْسِ وَقَالَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ الْقِصَاصُ بَيْنَ الْمَمَالِيكِ كَهَيْئَتِهِ بَيْنَ الْأَحْرَارِ نَفْسُ الْأَمَةِ بِنَفْسِ الْعَبْدِ وَجُرْحُهَا كَجُرْحِهِ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إذَا قَتَلَ عَبْدٌ عَبْدًا مُتَعَمِّدًا فَلِمَوْلَى الْعَبْدِ الْمَقْتُولِ الْقِصَاصُ وَلَيْسَ لَهُ غَيْرُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَعْفُوَ، فَإِنْ عَفَا رَجَعَ الْعَبْدُ الْقَاتِلُ إلَى مَوْلَاهُ وَلَا سَبِيلَ لِمَوْلَى الْعَبْدِ الْمَقْتُولِ عَلَيْهِ.

وَقَالَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ مَوْلَى الْعَبْدِ الْمَقْتُولِ بِالْخِيَارِ، فَإِنْ شَاءَ قَتَلَ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْعَقْلَ، فَإِنْ أَخَذَ الْعَقْلَ أَخَذَ قِيمَةَ عَبْدِهِ وَإِنْ شَاءَ رَبُّ الْعَبْدِ الْقَاتِلِ أَعْطَى ثَمَنَ الْمَقْتُولِ وَإِنْ شَاءَ أَسْلَمَ عَبْدَهُ فَإِذَا أَسْلَمَهُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُ ذَلِكَ وَلَيْسَ لِرَبِّ الْعَبْدِ الْمَقْتُولِ إذَا أَخَذَ الْعَبْدَ الْقَاتِلَ أَنْ يَقْتُلَهُ وَذَلِكَ كُلُّهُ فِي الْقِصَاصِ بَيْنَ الْعَبِيدِ فِي قَطْعِ الْيَدِ وَالرِّجْلِ وَأَشْبَاهُ ذَلِكَ بِمَنْزِلَتِهِ فِي الْقَتْلِ.

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ إذَا قَتَلَ الْعَبْدُ الْعَبْدَ عَمْدًا وَجَبَ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ يَنْبَغِي لِمَنْ قَالَ هَذَا الْوَجْهَ أَنْ يَقُولَ فِي الْحُرِّ يُقْتَلُ الْحُرُّ عَمْدًا أَنَّ وَلِيَّ الْمَقْتُولِ إنْ شَاءَ قَتَلَ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الدِّيَةَ.

أَرَأَيْتُمْ إذَا أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ الدِّيَةَ فَقَالَ الْقَاتِلُ اُقْتُلْ أَوْ دَعْ لَيْسَ لَك غَيْرُ ذَلِكَ فَأَبَى وَلِيُّ الْمَقْتُولِ أَنْ يَقْتُلَ أَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ الدِّيَةَ؟ أَوَرَأَيْت لَوْ أَنَّ رَجُلًا حُرًّا قَطَعَ يَدَ رَجُلٍ حُرٍّ عَمْدًا فَقَالَ الْمَقْطُوعَةُ يَدُهُ آخُذُ دِيَةَ الْعَبْدِ فَقَالَ الْقَاطِعُ اقْطَعْ أَوْ دَعْ

<<  <  ج: ص:  >  >>