بَيْنَهَا وَبَيْنَ الرَّجُلِ بِمَا يَجُوزُ لَهُ فَفَعَلَهُ فَإِنَّمَا يَفْعَلُهُ عَنْ أَمْرِهِ أَوْ بِأَمْرِ الْحَاكِمِ فِيهِ أَنَّهُ كَأَمْرِهِ إذَا كَانَ ذَلِكَ غَيْرَ تَعَدٍّ وَهُوَ لَوْ أَمَرَهُ فِي الْبَهِيمَةِ بِعُدْوَانٍ فَأَمَرَهُ بِقَتْلِهَا فَقَتَلَهَا لَمْ يَضْمَنْ لَهُ شَيْئًا مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ إنَّمَا فَعَلَهُ عَنْ أَمْرِهِ فَلَا يَضْمَنُ لَهُ مَالَهُ عَنْ أَمْرِهِ وَلَوْ كَانَ آثِمًا وَلَوْ أَمَرَهُ بِقَتْلِ أَبِيهِ فَقَتَلَهُ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ ذَلِكَ كَمَا يَسْقُطُ عَنْهُ فِي الْبَهِيمَةِ.
مَسْأَلَةُ الْأُجَرَاءِ
" أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ " قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ الْأُجَرَاءُ كُلُّهُمْ سَوَاءٌ فَإِذَا تَلِفَ فِي أَيْدِيهمْ شَيْءٌ مِنْ غَيْرِ جِنَايَتِهِمْ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ فِيهِ إلَّا وَاحِدٌ مِنْ قَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ كُلُّ مَنْ أَخَذَ الْكِرَاءَ عَلَى شَيْءٍ كَانَ لَهُ ضَامِنًا حَتَّى يُؤَدِّيَهُ عَلَى السَّلَامَةِ أَوْ يَضْمَنَهُ أَوْ مَا نَقَصَهُ وَمَنْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِنْ حُجَّتِهِ أَنْ يَقُولَ الْأَمِينُ هُوَ مَنْ دَفَعْت إلَيْهِ رَاضِيًا بِأَمَانَتِهِ لَا مُعْطًى أَجْرًا عَلَى مَا دَفَعْت إلَيْهِ وَإِعْطَائِي هَذَا الْأَجْرَ تَفْرِيقٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَمِينِ الَّذِي أَخَذَ مَا اُسْتُؤْمِنَ عَلَيْهِ بِلَا جُعْلٍ أَوْ يَقُولُ قَائِلٌ لَا ضَمَانَ عَلَى أَجِيرٍ بِحَالٍ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ إنَّمَا يَضْمَنُ مَنْ تَعَدَّى فَأَخَذَ مَا لَيْسَ لَهُ أَوْ أَخَذَ الشَّيْءَ عَلَى مَنْفَعَةٍ لَهُ فِيهِ إمَّا مُسَلَّطٌ عَلَى إتْلَافِهِ كَمَا يَأْخُذُ سَلَفًا فَيَكُونُ مَالًا مِنْ مَالِهِ فَيَكُونُ إنْ شَاءَ يُنْفِقُهُ وَيَرُدُّ مِثْلَهُ وَإِمَّا مُسْتَعِيرٌ سَلَّطَ عَلَى الِانْتِفَاعِ بِمَا أُعِيرَ فَيَضْمَنُ لِأَنَّهُ أَخَذَ ذَلِكَ لِمَنْفَعَةِ نَفْسِهِ لَا لِمَنْفَعَةِ صَاحِبِهِ فِيهِ وَهَذَانِ مَعًا نَقْصٌ عَلَى الْمُسَلِّفِ وَالْمُعِيرِ أَوْ غَيْرُ زِيَادَةٍ لَهُ وَالصَّانِعُ وَالْأَجِيرُ مَنْ كَانَ لَيْسَ فِي هَذَا الْمَعْنَى فَلَا يَضْمَنُ بِحَالٍ إلَّا مَا جَنَتْ يَدُهُ كَمَا يَضْمَنُ الْمُودِعُ مَا جَنَتْ يَدُهُ وَلَيْسَ بِهَذَا سُنَّةٌ عَلِمْتهَا وَلَا أَثَرٌ يَصِحُّ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ رُوِيَ فِيهِ شَيْءٌ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - لَيْسَ يَثْبُتُ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ عَنْهُمَا وَلَوْ ثَبَتَ عَنْهُمَا لَزِمَ مَنْ يُثْبِتُهُ أَنْ يُضَمِّنَ الْأُجَرَاءَ مَنْ كَانُوا فَيَضْمَنُ أَجِيرُ الرَّجُلِ وَحْدَهُ وَالْأَجِيرُ الْمُشْتَرَكُ وَالْأَجِيرُ عَلَى الْحِفْظِ وَالرَّعِيَّةِ وَحَمْلِ الْمَتَاعِ وَالْأَجِيرُ عَلَى الشَّيْءِ يَصْنَعُهُ لِأَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إنْ كَانَ ضَمَّنَ الصُّنَّاعَ فَلَيْسَ فِي تَضْمِينِهِ لَهُمْ مَعْنًى إلَّا أَنْ يَكُونَ ضَمَّنَهُمْ بِأَنَّهُمْ أَخَذُوا أَجْرًا عَلَى مَا ضَمِنُوا فَكُلُّ مَنْ أَخَذَ أَجْرًا فَهُوَ فِي مَعْنَاهُمْ وَإِنْ كَانَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ ضَمَّنَ الْقَصَّارَ وَالصَّابِغَ فَكَذَلِكَ كُلُّ صَانِعٍ وَكُلُّ مَنْ أَخَذَ أَجْرًا وَقَدْ يُقَالُ لِلرَّاعِي صِنَاعَتُهُ الرَّعِيَّةُ وَلِلْحَمَّالِ صِنَاعَتُهُ الْحَمْلُ لِلنَّاسِ وَلَكِنَّهُ ثَابِتٌ عَنْ بَعْضِ التَّابِعِينَ مَا قُلْت أَوَّلًا مِنْ التَّضْمِينِ أَوْ تَرْكِ التَّضْمِينِ وَمَنْ ضَمَّنَ الْأَجِيرَ بِكُلِّ حَالٍ فَكَانَ مَعَ الْأَجِيرِ مَا قُلْت مِثْلَ أَنْ اسْتَحْمَلَهُ الشَّيْءَ عَلَى ظَهْرِهِ أَوْ اسْتَعْمَلَهُ لِشَيْءٍ فِي بَيْتِهِ أَوْ غَيْرِ بَيْتِهِ وَهُوَ حَاضِرٌ لِمَالِهِ أَوْ وَكِيلٌ لَهُ بِحِفْظِهِ فَتَلِفَ مَالُهُ بِأَيِّ وَجْهٍ مَا تَلِفَ بِهِ إذَا لَمْ يَجْنِ عَلَيْهِ جَانٍ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الصَّانِعِ وَلَا الْأَجِيرِ وَكَذَلِكَ إنْ جَنَى عَلَيْهِ غَيْرُهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَالضَّمَانُ عَلَى الْجَانِي وَلَوْ غَابَ عَنْهُ أَوْ تَرَكَهُ يَغِيبُ عَلَيْهِ كَانَ ضَامِنًا لَهُ مِنْ أَيِّ وَجْهٍ مَا تَلِفَ وَإِنْ كَانَ حَاضِرًا مَعَهُ فَعَمِلَ فِيهِ عَمَلًا فَتَلِفَ بِذَلِكَ الْعَمَلِ وَقَالَ الْأَجِيرُ هَكَذَا يُعْمَلُ هَذَا فَلَمْ أَتَعَدَّ بِالْعَمَلِ وَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ لَيْسَ هَكَذَا يُعْمَلُ وَقَدْ تَعَدَّيْت، وَبَيْنَهُمَا بَيِّنَةٌ أَوْ لَا بَيِّنَةَ بَيْنَهُمَا فَإِذَا كَانَتْ الْبَيِّنَةُ سُئِلَ عَدْلَانِ مِنْ أَهْلِ تِلْكَ الصِّنَاعَةِ فَإِنْ قَالَا هَكَذَا يُعْمَلُ هَذَا فَلَا يَضْمَنُ وَإِنْ قَالَا هَذَا تَعَدَّى فِي عَمَلِ هَذَا ضَمِنَ كَانَ التَّعَدِّي مَا كَانَ قَلَّ أَوْ كَثُرَ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ بَيِّنَةٌ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الصَّانِعِ مَعَ يَمِينِهِ ثُمَّ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَإِذَا سَمِعْتنِي أَقُولُ الْقَوْلَ قَوْلُ أَحَدٍ فَلَسْت أَقُولُهُ إلَّا عَلَى مَعْنَى مَا يُعْرَفُ إذَا ادَّعَى الَّذِي أَجْعَلُ الْقَوْلَ قَوْلُهُ مَا يُمْكِنُ بِحَالٍ مِنْ الْحَالَاتِ جَعَلْت الْقَوْلَ قَوْلَهُ وَإِذَا ادَّعَى مَا لَا يُمْكِنُ بِحَالٍ مِنْ الْحَالَاتِ لَمْ أَجْعَلْ الْقَوْلَ قَوْلَهُ وَمَنْ ضَمَّنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute