للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اصْطِدَامُ السَّفِينَتَيْنِ وَالْفَارِسَيْنِ (أَخْبَرَنَا) الرَّبِيعُ قَالَ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا اصْطَدَمَ الْفَارِسَانِ لَمْ يَسْبِقْ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ بِأَنْ يَكُونَ صَادَمَا فَمَاتَا مَعًا وَفَرَسَاهُمَا فَنِصْفُ دِيَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى عَاقِلَةِ صَادِمِهِ مِنْ قِبَلِ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي الظَّاهِرِ مَاتَ مِنْ جِنَايَةِ نَفْسِهِ وَجِنَايَةِ غَيْرِهِ فَتُرْفَعُ عَنْهُ جِنَايَةُ نَفْسِهِ وَيُؤْخَذُ لَهُ بِجِنَايَةِ غَيْرِهِ وَهَكَذَا فَرَسَاهُمَا إلَّا أَنَّ نِصْفَ قِيمَةِ فَرَسِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي مَالِ صَادِمِهِ دُونَ عَاقِلَتِهِ، وَهَكَذَا لَوْ أَنَّ عَشَرَةً يَرْمُونَ بِالْمَنْجَنِيقِ أَوْ عَرَّادَةٍ فَوَقَعَ الْحَجَرُ عَلَيْهِمْ مَعًا فَقَتَلَ كُلٌّ وَاحِدًا ضَمِنَ عَوَاقِلُ التِّسْعَةِ تِسْعَةَ أَعْشَارِ دِيَةِ الْمَيِّتِ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ مَاتَ مِنْ فِعْلِهِمْ وَفِعْلِهِ فَلَا يَعْقِلُونَ فِعْلَهُ وَيَعْقِلُونَ فِعْلَ أَنْفُسِهِمْ قَالَ: وَهَكَذَا لَوْ كَانَ اثْنَانِ فَرَمَيَا بِمَنْجَنِيقٍ فَرَجَعَ الْحَجَرُ عَلَيْهِمَا فَمَاتَ أَحَدُهُمَا ضَمِنَتْ عَاقِلَةُ الْبَاقِي مِنْهُمَا نِصْفَ دِيَةِ الْمَيِّتِ كَالْمَسْأَلَةِ فِيهِ قَبْلَهَا، قَالَ وَلَوْ مَاتَا مَعًا ضَمِنَتْ عَاقِلَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفَ دِيَةِ الْآخَرِ وَهَكَذَا هَذَا الْبَابُ كُلُّهُ وَقِيَاسُهُ.

قَالَ وَإِذَا اشْتَرَكَ فِي الْجِنَايَةِ مَنْ عَلَيْهِ عَقْلٌ وَمَنْ لَا عَقْلَ عَلَيْهِ ضَمِنَ مَنْ عَلَيْهِ الْعَقْلُ وَطَرَحَ حِصَّةَ مَنْ لَا عَقْلَ عَلَيْهِ كَمَا وَصَفْنَا فِي الْإِنْسَانِ يَجْنِي عَلَى نَفْسِهِ هُوَ وَغَيْرُهُ فَتُرْفَعُ حِصَّتُهُ وَيُقْضَى عَلَى غَيْرِهِ وَمِثْلُ الْإِنْسَانِ وَالسَّبُعِ يَجْنِيَانِ عَلَى الْإِنْسَانِ فَيَمُوتُ وَالْجِنَايَةُ خَطَأٌ مِنْ الْجَانِي فَنِصْفُ عَقْلِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ عَلَى عَاقِلَةِ الْجَانِي وَحِصَّةُ السَّبُعِ مِنْهَا هَدَرٌ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَإِنْ كَانَتْ سَفِينَتَانِ اصْطَدَمَتَا فَانْكَسَرَتَا فَكَانَ لَا يُمْكِنُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ السَّفِينَتَيْنِ الْمُصْطَدِمَتَيْنِ صَرَفَهَا عَنْ صَدْمِ الْأُخْرَى بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ وَلَا حَالٌ مِنْ الْأَحْوَالِ لَا بِإِضْرَارٍ بِهَا وَبِرُكْبَانِهَا أَوْ بِلَا إضْرَارٍ بِهَا وَلَا بِرُكْبَانِهَا فَالْقَوْلُ فِيهَا كَالْقَوْلِ فِي الْفَارِسَيْنِ يَصْطَدِمَانِ فَإِنْ كَانَ لَا يُمْكِنُهُمْ ذَلِكَ بِحَالٍ مِنْ الْأَحْوَالِ أَبَدًا فَمَا صَنَعَا هَدَرٌ. قَالَ وَإِذَا كَانَ فِي السَّفِينَةِ أُجَرَاءُ يَعْمَلُونَ فِيهَا عَمَلًا غَرِقَتْ بِسَبَبِهِ فَإِنْ كَانَ رَبُّ السَّفِينَةِ مَعَهُمْ فَأَمَرَهُمْ بِذَلِكَ الْعَمَلِ وَلَا شَيْءَ فِيهَا إلَّا لِرَبِّ السَّفِينَةِ فَلَا شَيْءَ عَلَى الَّذِينَ مَدُّوهَا وَلَا عَلَى رَبِّ السَّفِينَةِ فَإِنْ كَانَ فِيهَا شَيْءٌ لِغَيْرِهِ فَإِنْ كَانَ مَا أَمَرَهُمْ بِهِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْبَحْرِ مِنْ صَلَاحِ السَّفِينَةِ وَنَجَاتِهَا لَمْ يَضْمَنْ وَلَمْ يَضْمَنُوا وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ صَلَاحِهَا ضَمِنَ فِي قَوْلِ مِنْ يُضَمِّنُ الْأَجِيرَ وَمَنْ ضَمَّنَ الْأَجِيرَ ضَمَّنَ صَاحِبَ السَّفِينَةِ إذَا كَانَ أَخَذَ عَلَيْهَا أَجْرًا وَلَمْ يَضْمَنْ الْأُجَرَاءُ لِصَاحِبِ السَّفِينَةِ مَا هَلَكَ لَهُ مِنْ قِبَلَ أَنَّهُمْ بِأَمْرِهِ فَعَلُوا. وَلَوْ كَانَ رَبُّ الطَّعَامِ مَعَ الطَّعَامِ فَأَمَرَهُمْ بِذَلِكَ الْفِعْلِ لَمْ يَضْمَنُوا لِأَنَّهُمْ فَعَلُوهُ بِأَمْرِهِ فِي وَاحِدٍ مِنْ الْقَوْلَيْنِ قَالَ: وَإِنْ كَانَ فِي السَّفِينَةِ أُجَرَاءُ وَلَيْسَ فِيهَا رَبُّهَا فَفَعَلُوا هَذَا الْفِعْلَ فَمَنْ ضَمِنَ الْأَجِيرُ ضَمِنَهُمْ وَمَنْ لَمْ يَضْمَنْ الْأَجِيرُ لَمْ يَضْمَنْهُمْ إلَّا فِيمَا فَعَلُوا مِمَّا لَيْسَ فِيهِ صَلَاحٌ لَهَا فَيَكُونُ ذَلِكَ جِنَايَةً يَضْمَنُونَهَا.

مَسْأَلَةُ الْحَجَّامِ وَالْخَاتِنِ وَالْبَيْطَارِ

(أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ) قَالَ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا أَمَرَ الرَّجُلُ أَنْ يَحْجُمَهُ أَوْ يَخْتِنَ غُلَامَهُ أَوْ يُبَيْطِرَ دَابَّتَهُ فَتَلِفُوا مِنْ فِعْلِهِ فَإِنْ كَانَ فَعَلَ مَا يُفْعَلُ مِثْلُهُ مِمَّا فِيهِ الصَّلَاحُ لِلْمَفْعُولِ بِهِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِتِلْكَ الصِّنَاعَةِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ فَعَلَ مَا لَا يُفْعَلُ مِثْلُهُ مَنْ أَرَادَ الصَّلَاحَ وَكَانَ عَالِمًا بِهِ فَهُوَ ضَامِنٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>