للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَيْدُ الْبَحْرِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): قَالَ اللَّهُ - تَعَالَى -: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ} وَقَالَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - {وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا} (قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَكُلُّ مَا كَانَ فِيهِ صَيْدٌ، فِي بِئْرٍ كَانَ أَوْ مَاءٍ مُسْتَنْقَعٍ أَوْ غَيْرِهِ، فَهُوَ بَحْرٌ وَسَوَاءٌ كَانَ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ يُصَادُ وَيُؤْكَلُ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا لَمْ يُمْنَعْ بِحُرْمَةِ شَيْءٍ وَلَيْسَ صَيْدُهُ إلَّا مَا كَانَ يَعِيشُ فِي أَكْثَرِ عَيْشِهِ، فَأَمَّا طَائِرُهُ فَإِنَّمَا يَأْوِي إلَى أَرْضٍ فِيهِ فَهُوَ مِنْ صَيْدِ الْبَرِّ إذَا أُصِيبَ جَزَى

دُخُولُ مَكَّةَ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): أُحِبُّ لِلرَّجُلِ إذَا أَرَادَ دُخُولَ مَكَّةَ أَنْ يَغْتَسِلَ فِي طَرَفِهَا ثُمَّ يَمْضِيَ إلَى الْبَيْتِ وَلَا يُعَرِّجَ فَيَبْدَأَ بِالطَّوَافِ، وَإِنْ تَرَكَ الْغُسْلَ أَوْ عَرَّجَ لِحَاجَةٍ فَلَا بَأْسَ عَلَيْهِ وَإِذَا رَأَى الْبَيْتَ قَالَ " اللَّهُمَّ زِدْ هَذَا الْبَيْتَ تَشْرِيفًا وَتَعْظِيمًا وَتَكْرِيمًا وَمَهَابَةً وَزِدْ مَنْ شَرَّفَهُ وَعَظَّمَهُ وَكَرَّمَهُ مِمَّنْ حَجَّهُ أَوْ اعْتَمَرَهُ تَشْرِيفًا وَتَعْظِيمًا وَتَكْرِيمًا وَمَهَابَةً وَبِرًّا اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ وَمِنْك السَّلَامُ فَحَيِّنَا رَبَّنَا بِالسَّلَامِ فَإِذَا انْتَهَى إلَى الطَّوَافِ اضْطَبَعَ فَأَدْخَلَ رِدَاءَهُ تَحْتَ مَنْكِبِهِ الْأَيْمَنِ وَرَدَّهُ عَلَى مَنْكِبِهِ الْأَيْسَرِ حَتَّى يَكُونَ مَنْكِبُهُ الْأَيْمَنِ مَكْشُوفًا ثُمَّ اسْتَلَمَ الرُّكْنَ الْأَسْوَدَ إنْ قَدَرَ عَلَى اسْتِلَامِهِ وَقَالَ عِنْدَ اسْتِلَامِهِ " اللَّهُمَّ إيمَانًا بِك وَتَصْدِيقًا بِكِتَابِك وَوَفَاءً بِعَهْدِك وَاتِّبَاعًا لِسُنَّةِ نَبِيِّك مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ يَمْضِي عَنْ يَمِينِهِ فَيَرْمُلُ ثَلَاثَةَ أَطْوَافٍ مِنْ الْحِجْرِ إلَى الْحِجْرِ لَيْسَ بَيْنَهُمَا مَشْيٌ وَيَمْشِي أَرْبَعَةً فَإِنْ كَانَ الزِّحَامُ شَيْئًا لَا يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَرْمُلَ فَكَانَ إذَا وَقَفَ لَمْ يُؤْذِ أَحَدًا وَقَفَ حَتَّى يَنْفَرِجَ لَهُ مَا بَيْنَ يَدَيْهِ ثُمَّ يَرْمُلَ.

وَإِنْ كَانَ يُؤْذِي أَحَدًا فِي الْوُقُوفِ مَشَى مَعَ النَّاسِ بِمَشْيِهِمْ وَكُلَّمَا انْفَرَجَتْ لَهُ فُرْجَةٌ رَمَلَ، وَأَحَبُّ إلَيَّ لَوْ تَطَرَّفَ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ النَّاسِ حَاشِيَةٌ ثُمَّ يَرْمُلُ فَإِنْ تَرَكَ الرَّمَلَ فِي طَوَافٍ رَمَلَ فِي اثْنَيْنِ وَإِنْ تَرَكَهُ فِي اثْنَيْنِ رَمَلَ فِي وَاحِدٍ، وَإِنْ تَرَكَهُ فِي الثَّلَاثَةِ لَمْ يَقْضِ، إذَا ذَهَبَ مَوْضِعُهُ لَمْ يَقْضِهِ فِيمَا بَقِيَ وَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ وَلَا إعَادَةَ، وَسَوَاءٌ تَرَكَهُ نَاسِيًا أَوْ عَامِدًا إلَّا أَنَّهُ مُسِيءٌ فِي تَرْكِهِ عَامِدًا وَهَكَذَا الِاضْطِبَاعُ وَالِاسْتِلَامُ إنْ تَرَكَهُ فَلَا فِدْيَةَ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ.

(قَالَ): وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَسْتَلِمَ فِيمَا قَدَرَ عَلَيْهِ، وَلَا يَسْتَلِمَ مِنْ الْأَرْكَانِ إلَّا الْحِجْرَ، وَالْيَمَانِيُّ يَسْتَلِمُ الْيَمَانِيَّ بِيَدِهِ ثُمَّ يُقَبِّلُهَا وَلَا يُقَبِّلُهُ وَيَسْتَلِمُ الْحَجَرَ بِيَدِهِ وَيُقَبِّلُهَا وَيُقَبِّلُهُ إنْ أَمْكَنَهُ التَّقْبِيلُ وَلَمْ يَخَفْ عَلَى عَيْنَيْهِ وَلَا وَجْهِهِ أَنْ يُجْرَحَ، وَأُحِبُّ كُلَّمَا حَاذَى بِهِ أَنْ يُكَبِّرَ وَأَنْ يَقُولَ فِي رَمَلِهِ " اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ حَجًّا مَبْرُورًا وَذَنْبًا مَغْفُورًا وَسَعْيًا مَشْكُورًا " وَيَقُولَ فِي الْأَطْوَافِ الْأَرْبَعَةِ " اللَّهُمَّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَاعْفُ عَمَّا تَعْلَمُ إنَّك أَنْتَ الْأَعَزُّ الْأَكْرَمُ اللَّهُمَّ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ " فَإِذَا فَرَغَ مِنْ طَوَافِهِ صَلَّى خَلْفَ الْمَقَامِ رَكْعَتَيْنِ فَيَقْرَأُ فِي الْأُولَى بِ {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} وَفِي الْأُخْرَى بِ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} وَكُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بَعْدَ أُمِّ الْقُرْآنِ ثُمَّ يَعُودُ إلَى الرُّكْنِ فَيَسْتَلِمُهُ وَحَيْثُمَا صَلَّى أَجْزَأَهُ وَمَا قَرَأَ مَعَ أُمِّ الْقُرْآنِ أَجْزَأَهُ وَإِنْ تَرَكَ اسْتِلَامَ الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَا يَجْزِيهِ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ وَلَا الصَّلَاةُ إلَّا طَاهِرًا وَلَا يُجْزِئُهُ مِنْ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ أَقَلُّ مِنْ سَبْعٍ تَامٍّ فَإِنْ خَرَجَ قَبْلَ سَبْعٍ فَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ أُلْغِيَ سَعْيُهُ حَتَّى يَكُونَ سَعْيُهُ بَعْدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>