للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا لَمْ يُوجَفْ عَلَيْهِ مِنْ الْأَرْضِينَ بِخَيْلٍ، وَلَا رِكَابٍ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): فَكُلُّ مَا صَالَحَ عَلَيْهِ الْمُشْرِكُونَ بِغَيْرِ قِتَالٍ بِخَيْلٍ، وَلَا رِكَابٍ فَسَبِيلُهُ سَبِيلُ الْفَيْءِ يُقْسَمُ عَلَى قَسْمِ الْفَيْءِ فَإِنْ كَانُوا مَا صَالَحُوا عَلَيْهِ أَرْضٌ وَدُورٌ فَالدُّورُ وَالْأَرْضُونَ وَقْفٌ لِلْمُسْلِمِينَ تُسْتَغَلُّ وَيَقْسِمُ الْإِمَامُ غَلَّهَا فِي كُلِّ عَامٍ ثُمَّ كَذَلِكَ أَبَدًا وَأَحْسِبُ مَا تَرَكَ عُمَرُ مِنْ بِلَادِ أَهْلِ الشِّرْكِ هَكَذَا، أَوْ شَيْئًا اسْتَطَابَ أَنْفُسَ مَنْ ظَهَرُوا عَلَيْهِ بِخَيْلٍ وَرِكَابٍ فَتَرَكُوهُ كَمَا اسْتَطَابَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْفُسَ أَهْلِ سَبْيِ هَوَازِنَ فَتَرَكُوا حُقُوقَهُمْ وَحَدِيثُ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ عَوَّضَهُ مِنْ حَقِّهِ وَعَوَّضَ امْرَأَةً مِنْ حَقِّهَا بِمِيرَاثِهَا مِنْ أَبِيهَا كَالدَّلِيلِ عَلَى مَا قُلْت وَيُشْبِهُ قَوْلَ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عُمَرَ لَوْلَا أَنِّي قَاسِمٌ مَسْئُولٌ لَتَرَكْتُكُمْ عَلَى مَا قُسِمَ لَكُمْ أَنْ يَكُونَ قُسِمَ لَهُمْ بِلَادُ صُلْحٍ مَعَ بِلَادِ إيجَافٍ فَرَدَّ قَسْمَ الصُّلْحِ وَعَوَّضَ مِنْ بِلَادِ الْإِيجَافِ بِخَيْلٍ وَرِكَابٍ.

بَابُ تَقْوِيمِ النَّاسِ فِي الدِّيوَانِ عَلَى مَنَازِلِهِمْ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى} الْآيَةَ. وَرُوِيَ عَنْ الزُّهْرِيِّ أَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَرَّفَ عَامَ حُنَيْنٍ عَلَى كُلِّ عَشْرَةٍ عَرِيفًا».

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): «وَجَعَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْمُهَاجِرِينَ شِعَارًا وَلِلْأَوْسِ شِعَارًا وَلِلْخَزْرَجِ شِعَارًا وَعَقَدَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْأَلْوِيَةَ عَامَ الْفَتْحِ فَعَقَدَ لِلْقَبَائِلِ قَبِيلَةً قَبِيلَةً حَتَّى جَعَلَ فِي الْقَبِيلَةِ أَلْوِيَةً كُلُّ لِوَاءٍ لِأَهْلِهِ» وَكُلُّ هَذَا لِيَتَعَارَفَ النَّاسُ فِي الْحَرْبِ وَغَيْرِهَا وَتَخِفُّ الْمُؤْنَةُ عَلَيْهِمْ بِاجْتِمَاعِهِمْ وَعَلَى الْوَالِي كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ فِي تَفْرِيقِهِمْ إذَا أُرِيدَ وَالْأَمْرُ مُؤْنَةٌ عَلَيْهِمْ وَعَلَى وَالِيهِمْ وَهَكَذَا أَحَبُّ لِلْوَالِي أَنْ يَضَعَ دِيوَانَهُ عَلَى الْقَبَائِلِ وَيَسْتَظْهِرَ عَلَى مَنْ غَابَ عَنْهُ وَمَنْ جَهِلَ مِمَّنْ يَحْضُرُهُ مِنْ أَهْلِ الْفَضْلِ مِنْ قَبَائِلِهِمْ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَأَخْبَرَنَا غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ قَبَائِلِ قُرَيْشٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ لَمَّا كَثُرَ الْمَالُ فِي زَمَانِهِ أَجْمَعَ عَلَى تَدْوِينِ الدِّيوَانِ فَاسْتَشَارَ فَقَالَ بِمَنْ تَرَوْنَ أَبْدَأُ؟ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: ابْدَأْ بِالْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ بِك قَالَ: ذَكَّرْتُمُونِي بَلْ أَبْدَأُ بِالْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَبَدَأَ بِبَنِي هَاشِمٍ.

أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ أَنَّ عُمَرَ لَمَّا دَوَّنَ الدَّوَاوِينَ قَالَ بِمَنْ تَرَوْنَ أَبْدَأُ؟ قِيلَ لَهُ ابْدَأْ بِالْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخْبَرَنَا غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالصِّدْقِ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَكَّةَ مِنْ قَبَائِلِ قُرَيْشٍ وَغَيْرِهِمْ وَكَانَ بَعْضُهُمْ أَحْسَنَ اقْتِصَاصًا لِلْحَدِيثِ مِنْ بَعْضٍ، وَقَدْ زَادَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ عُمَرَ لَمَّا دَوَّنَ الدِّيوَانَ قَالَ أَبْدَأُ بِبَنِي هَاشِمٍ ثُمَّ قَالَ حَضَرْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُعْطِيهِمْ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ. فَإِذَا كَانَتْ السِّنُّ فِي الْهَاشِمِيِّ قَدَّمَهُ عَلَى الْمُطَّلِبِيِّ، وَإِذَا كَانَتْ فِي الْمُطَّلِبِيِّ قَدَّمَهُ عَلَى الْهَاشِمِيِّ فَوَضَعَ الدِّيوَانَ عَلَى ذَلِكَ وَأَعْطَاهُمْ عَطَاءَ الْقَبِيلَةِ الْوَاحِدَةِ ثُمَّ اسْتَوَتْ لَهُ بَنُو عَبْدِ شَمْسٍ وَنَوْفَلٍ فِي جَذْمِ النَّسَبِ فَقَالَ عَبْدُ شَمْسٍ إخْوَةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ دُونَ نَوْفَلٍ فَقَدَّمَهُمْ ثُمَّ دَعَا بَنِي نَوْفَلٍ يَتْلُونَهُمْ ثُمَّ اسْتَوَتْ لَهُ عَبْدُ الْعُزَّى وَعَبْدُ الدَّارِ فَقَالَ فِي بَنِي أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى أَصْهَارُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفِيهِمْ أَنَّهُمْ مِنْ الْمُطَيِّبِينَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ وَهُمْ مِنْ حِلْفِ الْفُضُولِ، وَفِيهِمْ كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ قِيلَ ذَكَرَ سَابِقَةً فَقَدَّمَهُمْ عَلَى بَنِي عَبْدِ الدَّارِ ثُمَّ دَعَا بَنِي عَبْدِ الدَّارِ يَتْلُونَهُمْ ثُمَّ انْفَرَدَتْ لَهُ زَهْرَةُ فَدَعَاهَا تَتْلُو عَبْدَ الدَّارِ ثُمَّ اسْتَوَتْ لَهُ بَنُو تَيْمٍ وَمَخْزُومٌ فَقَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>